
سمرا في قبضه الشيطان
الفصل الثامن عشر
بالساحل ،،،
أمسكت سمرا بالمقبض ، و أدارته بهدوء ليفُتح الباب ، و كادت أن تخرج و لكنها تسمرت مكانها مذهوله .. ذلك المشهد أمام عينيها ، لم تكن تتخيل أن تراه في أبشع كوابيسها ، ذلك الشيطان الذي نهي على حياتها بعد أن دمرها باسوأ الطرق .. شاهر يقف بالصاله و يحاوط عنق عامر بذراعه ، و بيده الأخري سلاحاً يضعه بجانب رأس عامر ، فغرت فاها بصدمه تامه و هي تشاهد ذلك المشهد الذي حُفر في ذاكرتها ، و كأن الوقت توقف عند هذه اللحظه ، و سقطت العبرات من عينيها رغماً عنها ، و أخيراً خرج صوتها مهتزاً و هي تهتف بـ :” عـ.. آآ.. عامر !”
كان عامر يحاول أبعاد ذراع شاهر القوي عن عنقه لأنه يخنقه بشده ، و خرج صوته مبحوحاً و هو يقول :” اهـ.. اهربي يا .. سمـ.. سمرا .. ااه .”
شدد شاهر قبضته على عنق عامر ، و نظر إلي تلك المُتسمره مكانها و على ثغره أبتسامه وضيعه و هو يقول :” مبروك يا عروسه .. مش كنتِ عزمتينا علشان أجي أعمل معاكِ الواجب بدل العريس الخرع ده !”
نظرت إليه بأعين مشتعله قبل أن تصيح بغضب ممتزجاً بالبكاء :” سيبني في حالي بقي حرااام عليك .. عايز مني أيه ، دمرتلي حياتي و كنت السبب في ضياعي و مـ,ـوت أمي .. لو علشان نسرين زي ما قولت .. فأنا سمرا مش نسرين ، و ماليش دخل أنا بيها ”
تمعن شاهر بها ، و هتف بهدوء قائلاً :” و أنا عارف إنك سمرا مش نسرين .. أنا عايزك أنتِ يا سمرا ، أنا حبيتك أنتِ !”
في تلك اللحظه استطاع عامر ضرب شاهر بركبته ، فصاح متألماً ، و بمهاره فلت عامر منه و أشتبكا الأثنان معاً و ظلا يضربا بعضهم البعض بين صراخ سمرا و نحيبها .
لكمه عامر عدة مرات و شاهر مُلقي على الأرضيه اسفله ، فرفع وجهه ناحية سمرا هاتفاً :” اهربي من هنا يلا يا سمـ.. اااااه.!”
استغل شاهر الفرصه و لكمه بقوه ليسيطر هو على الوضع و يصبح هو فوق عامر ، و بجداره و تفوقه بالقوه الجسمانيه تغلب عليه و ظل يكيل له الضربات المغلوله ، حتي ذرفت الدماء من فمه و أنفه ، ثم تناول سلاحه و رجع عدة خطوات للخلف ، و قبض علي عنق سمرا بذراع ، و باليد الأخري ممسكاً السلاح و هو يصوبه باتجاه عامر .
ظلت سمرا تصرخ و تتلوي بين ذراعه هاتفه ببكاء و حسره :” ابوس ايدك يا شاهر سيبه ، أوعي تأذيه ده جوزي حرام عليك .. سيبه و أنا هاجي معاك و مش ههرب أبداً .. بس سيبه !”
و كأن شاهر قد أُصيب بالصم و لم يسمع أي كلمه تهتف بها سمرا ، فقط مصوب السلاح بأتجاه عامر .
حاول عامر التغلب على الألم الذي به ، و رغم وجهه الملطخ بالدماء ، إلا إنه وقف على ركبتيه و هو يترنح ، ثم مد ذراعه ليستند على الأريكه محاولاً الوقوف .. و بالفعل تمكن من هذا ، ليقف قبالة شاهر مباشرةً .. لحظات من الصمت مرت على ثلاثتهم أعوام ، ليقطع هذا الصمت خروج الرصاصه من سلاح شاهر .. تعرف وجهتها تماماً و هو يهتف بغضب مكنون :” قولتلك يا عامر إنك لو شوفتني تاني هكون جاي أخلص عليك !”
لتسكن الرصاصه بصدر عامر .. و تندفع صرخة سمرا مُدويه بكامل الارجاء ، حتى أنها كادت أن تهز الجبال المحاوطه للمكان من قوتها ، و تسقط بعدها سمرا جالسه على الأرضيه محملقه بعامر الذي سقط أرضاً .
ظل جسد عامر يرتعش ، و رفع نظره ناحيتها لينظر إليها بأعين باكيه قائلاً بصوتٍ خافت :” سـ.. سامحيني .. يا .. سمـ.. را ، ما.. وافتش بـ.. وعدي ، و حمـ.. حميتك !”
ثم أغمض عيناه .. ظلت هي محدقه به و تحرك رأسها يميناً و يساراً مستنكره ما يحدث أمام عينيها و العبرات تنهمر كشلالات على وجنتيها ، و لكن .. لم يخرج صوتها ..!
ظل شاهر يراقب لحظة الفراق هذه التي كانت شيقه بشده بالنسبه له ، ثم مال بجسده و قبض على ذراع سمرا ليجبرها على الوقوف قائلاً بسخرية طفيفه :” معلش يا حبيبتي أنا عارف إن لحظة الفراق صحعبه ، لكن أعرفي إنك ليا و بس فامكنش قدامي حل غير إني أخليكِ ارمله !”
و بدون أي كلمه أخري سحبها خلفه و توجه خارج الشاليه ، و فتح باب السياره ليلقيها بداخلها ، و أتجه ليحتل هو مقعد السائق و أنطلق بالسياره !
……………………….
بشقة جلال ،،،
جلس جلال برفقة زوجته ناديه و أختها نجلاء بالصالون ، ثم رجع بظهره للخلف و أغمض عينيه ، بينما ألتفتت ناديه ناحيته متسائله :” هو .. هو عامر خلاص أتجوز كده !؟”
فتح عينيه لينظر إليها بضيق ، ثم أجابها بأقتضاب :” ما أعرفش يا ناديه .. و ملناش دعوه بالراجل ”
تبادلت كلاً من نجلاء و ناديه النظرات ، ثم تحدثت ناديه مره أخري قائله :” طيب أيه أخبار القضيه اللي كنت شغال فيها أنت و علاء زميلك تقريباً ، و كده خلاص عامر مش هيقدر يكمل معاكوا فيها لأنه مفصول صح !؟”
” يوووه يا ناديه ، خلاص ياستي الراجل اتفصل علشان قضيه ظلم لبسهاله الشيطان اللى اسمه شاهر ، و أهو مش قادرين نمسك عليه حاجه !”
أنتبهت نجلاء لذلك الأسم فهتفت متسائله بقلق :” هو .. هو شاهر كان السبب في اللي حصل لعامر !؟”
تحدث جلال قائلاً بضيق :” اه .. ده شاهر بيكره عامر ، و متوعدله لو وقع فى أيديه هيقتـ ..”
و لكنه بتر جملته متسائلاً بريبه :” بعدين أنتِ بتسألي ليه ، أنتِ بتتكلمي عن شاهر كأنك تعرفيه ، مع إن دي أول مره أتكلم قدامك عنه !؟”
فركت كلتا يديها معاً بتوتر ملحوظ قائله :” ها .. لا ابداً ، بس مش شاهر ده اللي بيحب سمرا اللي عامر اتجوزها !”
ضيق جلال عينيه و هو يوزع نظراته بينها و بين زوجته ، و هتف قائلاً :” اه هي الأخبار لحقت توصلك من ناديه و أنتِ متابعه الموضوع اوي اهو ، لا ياستي شاهر لا بيحب سمرا و لا نيله ، شاهر ده شغال مع عصابه كبيره ، زي المافيا من الأخر ، و الست الوحيده اللي كانت هتساعدنا في الموضوع ده ، شاهر بعت ناس قـ,ـتلوها جوه السجن ، و لحد دلوقت لا عارفين نوصله و لا نمسك عليه حاجه !”
جحظت عيني نجلاء من هول ما سمعته عن ذلك المجرم الذي ساعدته دون وعياً منها و هي تركض وراء وهم أرجاع حبيبها من تلك التي سرقته ، و أرتعش جسدها بالكامل ، ثم وقفت توزع نظراتها بينم بفزع .
لم يطمئن جلال لم أصابها ، و بتفكيره الغامض جاء بعقله أن تكون نجلاء تعرف ذلك المُسمي شاهر ، فأتجه ناحيتها و قبض على ذراعها هاتفاً بغضب :” نجلاء أنتِ تعرفي شاهر صح .. ساعدينا و قولي مكانه فين ، قولي فين و أنتِ هتنقذي ناس كتير منه .. ده شيطان على الأرض .. فييبن !؟”
نظرت إليه بفزع و أسنانها تصطك ببعضها ، ثم تحدثت قائله بنبره مهتزه :” هو .. هو ممـ.. ممكن يأذي عامر !؟”
صاح بها بغضب :” ده عايز يقـ,ـتل عامر مش يأذيه .. أنتِ تعرفي أيه عنه يا نجلاء أنطقي !”
أنفجرت باكيه و لم تعد قدماها قادره على حملها ، فجلست على الأريكه صائحه ببكاء :” شاهر عرف مكان عامر .. عرف مكانه .!”
صُدم جلال مما تفوهت به تلك المعتوهه ، فعلق متسائلاً بغضب :” عرف منين و أزاي .. ردي عليا !”
رفعت وجهها لتنظر إليه بأعين باكيه قائله بحسره :” مني.. عرف مني ، إن هو في الساحل مع سمرا و هيتجوزوا ، و .. و قالي إنه بيعشق سمرا و هيرجعها ، و يـ.. يرجعلى عامر !”
صاح بغضب :” و أنتِ عرفتي منين إنه في الساحل !؟”
” نـ.. ناديه.. ناديه قالتـ.. قالتلي على العنوان .. أبوس أيدك ألحقه !”
ألتف جلال ناحية ناديه التي كانت تقف مرعوبه بأعين مُشتعله هاتفاً بغضب :” أنتِ حسابك معايا بعدين !”
ثم أسرع و تناول مفاتيح سيارته و هرول إلي الخارج .
……………
بشقة شهاب ،،،
استطاعت مي دفع شهاب من فوقها ، ليسقط بجانبها جثة هامدة ، و قد ملئت الدماء المكان بالكامل ، و ملابسها .. فحاولت النهوض و جسدها يرتعش بالكامل و يصدر صوت من أصطكاك أسنانها ببعض ، و ما أن وقفت و رأت المنظر بعينيها حتي صرخت صرخه مكتومه لأنها وضعت كفها على فمها ، و ظلت مُحدقه بالجثه و لا تعرف ماذا تفعل .. لم تعرف من أين أتتها الجرأة ، فأمسكت بمنشفه و بأيدٍ مرتعشه سحبت السكين من جسده لتمسح البصمات الخاصه بها من عليها ، و كذلك آي مكان خُيل لها أنها لمسته .. حتي تمحي أي أثر موجود لها و عبثت بجيوبه باحثه عن المفاتيح ، و ما أن وجدتها حتي هرولت من خارج الشقه تماماً ، و نزلت تركض بالشارع كالمجنونه بملابسها تلك المُتسخه بالدماء ، حتي ركضت إلي الطريق العام و هي تتلفت خلفها و فجأة سمعت صوت سياره قادمه ، فألتفتت إلي الطريق و تسمرت مكانها أمامها و رفعت ذراعها أمام عيناها لتحميهما من تلك الأضاءه القويه المندفعه ناحيته ، و توقفت السياره قبل أن تلمسها ، لتشعر هي بالدوران و تسقط مكانها فاقده الوعي .
نزل من كان بالسياره و أسرع ناحيتها ليجلس على ركبتيه بجوارها و ظل يضربها بخفه على وجنتيها هاتفاً :” يا أنسه قومي .. و الله ما لمستك قومي ، ماتجبيليش مصيبه فوقي و النبي !”
و لكن لا رداً منها بتاتاً ، و أنتبه أخيراً إلي هيئتها المرعبه و تلك الدماء بيديها و ثوبها ، فوقف و رجع عدة خطوات إلي الخلف واضعاً كفه على فمه من الصدمه ، ثم مد يده داخل جيب بنطاله بسرعه و أخرج الهاتف ، ليستدعي الشرطه و الأسعاف .
………………….
ظلت سمرا جالسه إلي جوار شاهر بالسياره جامدة الملامح تماماً ، لا تسمع ، لا تري ، لا تنطق بأي كلمه و كيف تعي و قد قُتـ,ـل زوجها أمام مرأى عيناها .. و كأن الحياة توقفت بالنسبه لها عند تلك اللحظه التي شاهدت فيها عامر يُقـ,ـتل بيدي ذلك الشيطان الذي لم يرحمها و لو للحظات .
مع بزوخ الشمس وصل شاهر إلي فيلته بالمقطم ، و نزل منها ، ثم ألتف للناحيه الأخري من السياره و فتح الباب ، و أمسك بذراع سمرا ليجذبها خارج السياره ، و أسندها على صدره ليغلق باب السياره ، ثم مال قليلاً ليرفعها و يحملها على كتفه متوجهاً بها إلي الداخل .
صعد الدرج بأقدام ثابته ، حتى وصل إلي الطابق الثاني ، و توجه ناحية أحدي الغرف ، و دفع الباب بقدمه ليفتحه ، ثم توجه إلي الداخل ، و بكل هدوء أنزلها ليجلسها على الفراش ، و أغلق باب الغرفه .
………….
بالساحل ،،،
كان يسير أحد حراس الشواطئ ، حتي لمح باب ذلك الشاليه مفتوح ، و هو يعلم أن سكانه لا يأتون كثيراً ، فبكل هدوء أقترب من الشاليه ، و أخرج سلاحه ، و بخطي هادئه و بسيطه و سلاحاً جاهز بيده أقترب من الباب ، ثم أندفع إلي الداخل ، و لكنه صُدم عندما رآي ذلك الشاب مُلقي على الأرضيه و الدماء حوله تحيطه في كل مكان ، فأسرع و أقترب منه ، و مال جالساً على ركبتيه ، و بكل هدوء مد كفه ليتحسس نبض العرق الموجود بعنقه ، فأخرج هاتفه سريعاً ليتصل بالشرطه و الأسعاف ليحضرا في أسرع وقت ، ثم وقف يتأمل المكان إذا كان يوجد غيره بالمكان أم لا ..!
………….. .
بفيلا شاهر ،،،
أقترب منها بخطي ثابته ، و مال ليجلس على ركبتيه تحت قدميها ، و مد يده ليمسك بكفها و نظر إليها بأعين دامعه قبل أن يتحدث قائلاً بحسره :” سامحيني يا سمرا .. أنا حبيتك بجد ، أنتِ لا يمكن تكوني أخت نسرين ، نسرين باعتني و سابتني .. لكن .. لكن أنتِ مش زيها كنتِ مستعده تمـ,ـوتي علشان عامر ، بس أنتِ ليا أنتِ حقي أنا .. عمري ما كنت أتخيل إن بعد اللي حصلي و عملته في حياتي إني أنحني لست .. أنا علشانك ممكن أقتـ,ـل العالم كله ، نفسي أخبيكِ من الناس كلها لو قدرت أخبيكِ جوه قلبي هخبيكِ !”
لم يأتيه ردها ، فهي كانت جسد أُنُتزعت روحه ..دُميه يحركها أين و متي يشاء .. قد قتـ,ـل أجمل ما فيها .. كل من حولها .. ليتركها بقايا كأس زجاجي مُتهشم .. ليتركها ريشه تقابل رياح عاتيه .. كانت كالزهره .. فأتي هو بطغيانه و سلطته أقطتفها .. ليحتفظ بها و يزرعها بأرضٍ بور ، لن تطرح له سوي الكره و الأنتقام .
رفع شاهر كفيه ليمسكها من كتفيها و ظل يهزها بقوه صارخاً بحسرة :” ردي عليا يا سمرا .. ردي و كلميني زي ما بكلمك ، قومي أضربي و قولي عليا مجنون و مش طبيعي قولي عليا بلونه منفوخه على الفاضي .. بس اتكلمي .. اتكلمي ”
و لكن .. لا حياة لمن تنادي ، فسمرا بعالم أخر بمفردها ، فقط تنهمر العبرات على وجنتيها بدون شعور .
وقف شاهر و ظل يتحرك بغضب في الغرفه ذهاباً و أياباً ، و هو يضع كفيه علي رأسه صائحاً :” كل ده علشان عامر .. ليه ماتعمليش كده علشاني لييييه .. أنا بحبك أكتر منه ، أنا لو أطول أقـ,ـتله بدل المره ألف هقـ,ـتله لأنه سرق قلبك مني .. و سابك جثه قدامي !”
توجه ليجلس إلي جوارها ، و حاوط كتفيها بذراعه لجبرها على أسناد رأسها على صدره ، و باليد الأخري نزع لها حجابها ، و ظل يمسح على خصلات شعرها و يقبّل رأسها بهدوء قائلاً بدموع :” أنا أسف يا حبيبتي غصب عني لا يمكن اسيبك تضيعي مني .. أوعدك مافيش حزن تاني .”
…………………..
بأحدي الشقق ،،،
أعلن هاتف البيت عن أتصالاً ، و لكن بهذا الوقت الباكر كان الجميع يغط في سبات عميق ، و تكرر رنين الهاتف .
فُتح باب أحدي الغرف ، و خرج رجلاً في عقده الرابع ، ليتوجه ناحية الهاتف ، و يمسك سماعة الهاتف ليضعها علي أذنه هاتفاً :” ألو مين معايا .. أيوه ده بيت أحمد عبد الحميد مين حضرتك !؟”
و فجأة جحظت عيني الرجل و بدأت يده بالأرتعاش ، و خرج صوته أخيراً هاتفاً بعدم تصديق :” أيه .. حضرتك متأكد .. طيب مسافة السكه أكون هناك !”
و بأيدي مرتعشه وضع سماعة الهاتف مكانها ، ليصيح منادياً بصوتٍ عال :” يا حسام .. يا أم حسام .. أصحوا بسرعه !”
خرج الجميع من الغرف تلك المرأه الكبيره بمنتصف عقدها الرابع ، و ذلك الشاب بأوائل عقده الثاني هاتفاً بقلق :” خير يا بابا حصل أيه !؟”
لم تسعفاه قدماه على الوقوف ، فأتجه ليجلس على أقرب مقعد ، و خانته عبراته و هو يقول بعدم تصديق :” أتصـ.. أصلوا بيا من .. من قسم الشرطه .. و .. وبيقولوا لقيـ.. لقيوا مي !”
وضعت المرأه كفها على فمها و بدأت عبراتها بالأنهمار ، و أتجه حسام ناحية أمه ليسندها ، و هتف متسائلاً :” أنت متأكد يا بابا إنهم لقيوا مي ، و هي فين دلوقت !؟”
نظر إلي أسفل و هى يحرك رأسه بآسي قائلاً بدموع :” في .. في المستشفي!”
جحظت عيني المرأه و لطمت بقوه على وجهها و هي تصيح :” بنتي .. يالهووووي اااه يابنت !”
حاول حسام تهدئة والدته التي دخلت بنوبة بكاء و عويل شديده ، ثم هتف بحزم قائلاً :” طيب يلا بينا نروحلها مستنيين أيه !؟”
و بالفعل توجه ثلاثتهم إلي خارج الشقه على أمل أن من وجدوها هي أبنتهم بالفعل .
…………………
بالساحل ،،،،
وصل جلال إلي الشاليه ، و لكنه صُدم عندما وجد الشرطه تملأ المكان ، فتأكدت شكوكه بأن هناك كارثه قد حدثت ، و توجه ناحية أحدي ظباط الشرطة الواقفين ، قائلاً بهدوء رغم الخوف البادي عليه :” لو سمحت يا حضرة الظابط .. أيه اللي .. حصل هنا !؟”
عقد الشرطي حاجبيه و هو يتأمل جلال قائلاً بسخرية :” و حضرتك مين إن شاء الله !؟”
أنتصب جلال في وقفته ، و مد كفه ناحية الشرطي قائلاً بثبات و رسمية :” أنا المقدم جلال صبري .”
صافح الشرطي جلال قائلاً بثبات :” أنا الرائد محمد صفوت ”
تحدث جلال متسائلاً بخوف شديد :” أيه اللي حصل هنا ، المقدم عامر صديقي كان المفروض فرحه أمبارح !؟”
هز الرائد محمد رأسه بآسي قائلاً بحزن :” أحنا ملقناش غير عامر بيه بالمكان ، و كان مصاب بطلق ناري و حالته خطيره جداً ، و تم نقله للمستشفي و أحنا رايحين حالاً ”
صُدم جلال بما علمه بشأن رفيق عمره ، فقال بصوتٍ مهتز :” أنا .. أنا جاي معاكوا !”
……………………..
وقفت سياره سوداء أمام فيلا شاهر بالمقطم ، و نزل منها بيبرس ثم خلع نظارته ، و تناول سلاحه متوجهاً إلي الداخل ، لم يكن هناك من الحرس سوا أثنان أحدهم عند البوابه ، و بمجرد أن رآه بيبرس حتي صوب رصاصته بمقتـ,ـل في الحارس ، و بكل ثبات توجه إلي الداخل .
………………….
بفيلا حسن ،،،،
استيقظ على صوت طرقات على باب غرفته ، ففتح عيناه و نهض جالساً على الفراش ليقول :” أدخل ”
أندفعت حسناء إلي الداخل والعبرات تملئ عينيها و تبكي ، ما أن رآها حسن على هذه الحاله حتى فزع متسائلاً بخوف :” في أيه يا حسناء .. أيه اللي حصل !؟”
تحدثت من بين عبراتها هاتفه :” شـ.. شاهر وصل .. لعامر و سمرا !”
” أيه .. أنتِ بتقولي أيه ، و وصلهم أزاي و أنتِ عرفتي منين !؟”
” أتصلوا.. أتصلوا بيا علشـ.. علشان يقولوا إن في جريمة قـ,ـتل حصلت في الشاليه بتاعي ، و .. ولقيوا عامر بس .. سمرا مش موجوده خاالص !”
صُدم مما أخبرته به ، فهتف قائلاً بهلع :” تعالي ساعديني بسرعه .. لازم أوصل لشاهر قبل ما يعمل في سمرا حاجه ”
و بالفعل توجهت حسناء لمساعدة حسن على النهوض عن الفراش و الجلوس علي كرسيه المتحرك .
……………………
بمكتب العقيد فاروق ،،،،
كان جالساً على مكتبه ، أما اللاب توب الخاص به و تابع حديثه بلهجه أجنبيه :”هل أنت متأكد من ذلك المدعو بيبرس .. مستر ديفيد !”
حادثه ديفيد قائلاً :” بيبرس من أنبل الرجال لدي ، لا تقلق سيتخلص على شاهر بأسرع وقت ”
” حتي نهاية النهار ، إن لم يصلني خبر وفاة شاهر ، سأتصرف بنفسي مستر ديفيد .. شاهر أصبح خطراً كبيراً علينا جميعاً ”
” حسناً أتفقنا سيد فاروق ”
أنهي فاروق المحادثه مع ديفيد ، و أغلق اللاب توب ، ثم أسند رأسه للخلف قائلاً لنفسه :” أما نشوف نهايتك يا شاهر !”
……………………..
وصلت عائلة أحمد عبد الحميد إلي المشفي التي اخبروهم بأن ابنتهم بها ، و وجدوا الشرطه بالمشفي ، و تكلف أحد ظباط الشرطة بأخبارهم بكل شئ ، و ما أن أنهي حتي قال :” و دلوقت يا أستاذ أحمد زي ما قولتلك ، لازم نستني بنت حضرتك علشان تفوق و تساعدنا و تقولنا المكان اللي كانت فيه ، لأن بعد فحص الطبيب عليها ، اتأكدنا إنها معرضه لصدمه عصبيه نتيجة خوف ”
أنهمرت العبرات على وجنتي أحمد قائلاً :” يعني .. يعني بنتي كانت في أيدين ..عصابه !”
” ده مجرد شك مش أكتر ، و في غيرها لسه مختفي ، و دلوقت أحنا لازم نستناها لحد ما تفوق علشان نفهم منها سبب اللي حصلها ، و نعرف كانت مختفيه فين !”
تدخل حسام قائلاً :” طيب هي هتفوق أمتي !؟”
“ده ممكن تعرفوه من الدكتور ، عن أذنكوا ”
قالها الشرطي ، ثم توجه مغادراً المشفي .
………………………..
بالساحل ،،،،
ظل جلل امنتظراً خروج الطبيب من غرفة العمليات ، و الخوف و القلق واضح تماماً عليه و هو يتحرك ذهاباً و أياباً أمام الغرفه ، ثم أخرج هاتفه و ضغط على عدة أزرار ، و وضعه على أذنه هاتفاً :” الو.. أيوه يا علاء .. اسمعني بس .. لا عامر لسه فى العمليات ، المهم أنا هديك عنوان تروحه حالاً لواحد اسمه أستاذ حسن .. و هفهمك تقوله أيه بالظبط و هو هيساعدك توصل لشاهر !”
……………………
بفيلا شاهر ،،،،
شعر شاهر بحركه غريبه بالأسفل و صوت طلق ناري ، فألتفت برأسه ناحية الباب و ضيق عيناه ، ثم بكل هدوء وقف و أراح سمرا على الفراش و سحب السلاح الموضوع على الطاوله .
أقترب من الباب ليقف إلى جواره و هو في كامل استعداده بالسلاح لدخول أي أحد ، ثم رفع يده الأخري و أمسك المقبض و أدراه بهدوء شديد .
……………………..
بعد أن قتـ,ـل بيبرس ذلك الحارس عند الغرفه الموجوده بها الفتيات ، توجه إلي الطابق الثاني ، و سلاحه بيده ، و أقترب من أول غرفه قابلته ، و أمسك المقبض و أدراه و أندفع للداخل ، لكنه وجدها فارغه و ما كاد أن يلتف حتى وجد من يلكمه بقوه أسقطته أرضاً و يفلت السلاح من ده ، ثم أستند بمرفقيه على الأرضيه و نظر إلى شاهر الواقف قبالته مصوباً السلاح ناحيته، فأبتسم بيبرس بمكر و تحدث بلهجه أجنبيه قائلاً :” ستقتـ,ـلني يا شاهر .. هيا أفعلها يا رجل ، أنت الآن في تعداد الأموات .. مستر ديفيد لن يرحمك !”
لم يحيد شاهر بعيناه عنه ، مصوباً سلاحه ناحيته بكل ثبات ، ثم تقوس فمه بسخريه هاتفاً :” ألقاك بالجحيم قريباً .. بيبرس !”
لتتبع جملته تلك الرصاصه التي أصابته بمقـ,ـتل ، و سقط جثة هامدة على الأرضيه الرخاميه وسط دماءه الملوثه .
……………………
بفيلا حسن ،،،،
سحب حسن شيئاً من خزانته ، و توجه بكرسيه إلي الصاله حيث تنتظره حسناء ، ثم توجه كلاهما إلى خارج المكان و كانا على وشك الصعود إلى السياره ، لكنهم تفاجئوا بحضور شخصاً غريب ، و أقترب منهم قائلاً بهدوء :” حضرتك أستاذ حسن !؟”
تبادل كلاً من حسناء و حسن النظرات المستفهمه ، ثم تحدث حسن قائلاً :” أيوه أنا ، بس مين حضرتك !؟”
” أنا علاء مكرم وكيل نيابه و صديق لعامر و جلال .. جلال كلفني إني أقولكوا على اللي حصل و إن ..”
بتر علاء جملته و هو ينظر إليهم بآسي و كاد أن يتكلم حتى أسرع حسن قائلاً :” أحنا عرفنا مافيش داعي .. المهم دلوقت نلحق سمرا من ايدين شاهر ، و كمان البنات اللى عنده !”
عقد علاء حاجبيه متسائلاً :” هو حضرتك ماتعرفش مكانه ! .. جلال قالي إنك تعرف مكانه و هتساعدنا في الوصول ليه !”
أبتسم حسن بسخريه قائلاً بمراره :” و هو لو أنا أعرف مكانوا كنت هفضل ساكت لحد دلوقت !”
كاد علاء أن يتكلم حتى أعلن هاتفه عن أتصال ، فأستاذن منهم و توجه بعيداً بمسافه و ضغط على زر الأيجاب ثم وضع الهاتف على أذنه هاتفاً :” الو أيوه يا محمد .. بتقول أيه ، لقيتوها أمتى دي .. طيب أنا رايح حالاً على المستشفي .. مع السلامه ”
ثم أنهي المكالمه و توجه ناحية حسن هاتفاً :” الشرطه لقيت بنت من اللى كانوا مفقودين ، و هى دلوقت في المستشفي ، و أحتمال كبير إنها كانت متورطه مع اللى اسمه شاهر ده و تقدر توصلنا بيه ”
أنفرجت أسارير حسن و هو يقول :” طيب يلا نروحلها .. يمكن نقدر نوصله عن طريقها !”
و بالفعل صعد ثلاثتهم إلى السياره ، و أنطلق بها علاء ناحية المشفي الموجوده بها مي .
………………………….
بالساحل ،،،،
لازال جلال أمام باب غرفة العمليات ، و أخيراً خرج ااطبيب ، فأسرع جلال ناحيته هاتفاً بقلق :” عامر .. عامر أخباره أيه يا دكتور !؟”
نظر إليه الطبيب بهدوء ، ثم هز رأسه بآسي و رفع كفه ليضعه على كتف جلال قائلاً :” ربنا يستر .. أحنا خرجنا الرصاصه من صدره ، لكن هو حالته خطيره جداً ، لو عدت التمانيه و أربعين ساعه دول على خير ، يبقي هو عدى مرحلة الخطر .. أدعيله !”
و تحرك الطبيب مبتعداً عن جلال ، بينما ظل هو مكانه و العبرات تملئ عيناه حزناً على ما أصاب رفيقه الغالي .
………………………..
بقصر شاهر ،،،،
ظل شاهر يتأمل جثة ذلك الحقير ، ثم بصق عليه و توجه عائداً إلي الغرفه بخطي ثابته .
دخل إلي الغرفه ليجدها لازلت على تلك الحاله و كما تركها هو جامده تماماً و تضع رأسها على الوساده و العبرات تنساب من عينيها ، فأقترب منها و أمسكها من ذراعيها ليجعلها تنهض جالسه على الفراش ، و أمسك وجهها بين كفيه قائلاً بدموع :” عايزين يحرمونا من بعض يا حبيبتي .. بس ماتخافيش مش هيقدروا !”
ثم رفع كفه ليضعه على رأسها من الخلف ليقرب رأسها ناحيته و يجعلها تستند على صدره ، و حاوطها بذراعه الأخر ، و بدأ بالمسح على خصلات شعرها قائلاً بألم :” ماتخافيش يا سمرا .. مافيش قوه هتقدر تفرقنا عن بعض ، أنا هفضل معاكِ لأخر نفس فيا .”
ثم أبتعد عنها و أنتصب فى وقفته و جذبها لتقف هى الأخري و لمعت عيناه بأمل هاتفاً :” أحنا لازم نهرب من هنا خالص .. و دلوقت حالاً ، مافيش وقت .. و مافيش غير مكان واحد هنروحه مستحيل حد يوصلنا فيه .. مكان يا سمرا بقالي زمن ماروحتش لهناك .. مكان هرجع فيه الذكريات معاكِ ، معاكِ أنتِ و بس !”
و بالفعل لف أحدي ذراعيه حول ظهرها ثم مال بجذعه ليضع الأخر أسفل ركبتيها ، و رفعها حاملاً أياها بين ذراعيه متوجهاً بها إلى الخارج …………!
…………………………………………………. …………………………………………………….