منوعات

سمرا فى قبـ,ـضه الشـ,ـيطان الرابع

سمرا في قبضه الشيطان
الفصل التاسع عشر

وصل كلاً علاء و حسن و حسناء إلي المشفى و أسرعوا إلى الطبيب الذي أخبرهم أن حالة مي لا تسمح لأي مناقشة و أنها فاقدة الوعي منذ حضورها البارحة ، فيأسوا جميعاً و لم يعرفوا كيف يصلوا إلى ذلك الملعون الذي يختفي و يتبخر فجأة و كأن لا وجودٍ له .

بفيلا شاهر بالمقطم ،،،
سمعن الفتيات صوت أطلاق ناري أكثر من مرة ، ففزعن و صرخن بصوتٍ عالي ، بينما كانت الخادمة سماح بالمطبخ ، مُختفيه تماماً لا يخرج له أي صوت ، و ما أن توقف صوت الأطلاق الناري ، حتى خرجت بهدوء من المطبخ متوجهه إلى أعلى، و صرخت عندما وجدت جثة ذلك الغريب أمام أحدي الغرف ، و هرولت إلي أسفل بسرعه ، و من ثم إلي أحدي الغرف الخلفية بالمكان ، لتجد جثة أحد الحراس و صوت الفتيات و صراخهن يصدر من داخل الغرفة ، فمالت ناحية جثة الحارس و ظلت تبحث بجيوب بذلته حتى عثرت على الفتاح ، و وقفت لتضعه بالباب و تفتحه .
ما أن فتحته حتى هرولت كل من محتجزه إلي الخارج ، و أسرعن ركضاً من هذا المكان المشئوم الذي بقين محتجزات ، نعم بأي مكان موجود به ذلك الشيطان شاهر الذي أرغمهن على الوقوع بمصيدته فهو مشئوم بالنسبة لهن .
و لحقتهن هبي لي الخارج ، لتهرب كلاً منهن إلي حيث تشاء .
……………………….
عاد كلاً من حسن و حسناء إلي الفيلا و هم فاقدين الأمل في العثور على سمرا ثانيةً ، و توجه حسن إلي مكتبه مغلقاً الباب خلفه .
مد يده ليفتح الخزنة الخاصة به ، و أخرج ذلك المظروف الذي عاهد ابنته أن لا يقرأ ما دون به و أن يعطيه بنفسه إلي شاهر .
سقطت عبراته و هو يحدق بالمظروف قائلاً بأسف :” سامحيني يا نسرين ، بس شاهر أتحول لشيطان من بعدك ، مش هقدر أحافظ على الأمانة دي ”
ثم مزق المظروف ليخرج الورقة من داخله ، و فتحها ليبدأ قراءة مضمونها كالآتي ..
[ شاهر حبيبي .. أنا عارفه إنك لمَ هتقرأ الجواب ده هكون أنا ميتة ، لأني بعد ما سبتك ماقدرتش أكمل من غيرك و مرضت و أنا بكتب الجواب ده قبل ما أدخل العمليات ، لو العملية نجحت هدور عليك و أرجعلك و نقطعه سوا .. لكن لو فشلت باب هيديلك الجواب ، لازم تعرف إني حبيتك أكتر من نفسي ، بس أنا كنت ضعيفة و ما دافعتش عن حبي ليك .. ياريتني كنت هربت معاك .. بعد ما سبتني و سافرت أنا بقيت أستناك كل يوم في المكان المفضل لينا على أمل إنك راجع و سيبالك في كل مكان هناك ذكري لي .. المكان اللي قضينا أجمل أيام فيه سوا ، و أنت وعدتني إنك هتكون مهندس شاطر و تظبطه على مزاجنا .. لو لسه فاكرني روح هناك هتلاقي ذكرياتنا لسه موجوده .. نسرين ]
قبض حسن بقبضته على الجواب و أغمض عينيه بقوه حتى كاد أن يعتصرهما لتنهمر منهما العبرات الساخنة التي تلهب وجنتيه مردداً بألم :” أنا السبب في ده كله .. ياريتني وافقت على جوازك منه من زمان ، ماكنش حصل ده كله .. اااه ”
و لكنه تذكر شيئاً ما بالنص ، و أعاد فتح الورقة ليقرأ جزء معين بتدقيق شديد ، و جحظت عيناه قائلاً بصدمة :” المكان .. اه هو المكان ”
ثم صاح منادياً على حسناء التي أتت متسائلة بقلق :” خير يا عمو حسن حصل حاجة !؟”
ألتفت إليها متسائلاً :” أنتِ كنتِ تعرفي كل حاجه عن نسرين مش كده !”
عقدت حاجبيها قائله :”اه يعني .. بس .. بس حضرتك بتسأل ليه !؟”
” تعرفي نسرين كانت بتقابل شاهر فين !؟”
هتفت متسائلة :” مش فاهمة قصدك يعنـ.. ”
قطع حديثها صائحاً :” نسرين كاتبة لشاهر على مكان معين كان بيتقابلوا فيه .. المكان ده فين !”
ارتعدت من صراخه عليها و رجعت عدة خطوات للخلف قائلة بخوف :” أنا اللي أعرفه .. إن .. إن نسرين بتروح تقابل شاهر في بيته ساعات و ..”
” و أييييه .. و بيته فين ده !؟”
” هو .. هو كان عايش لوحده .. في أوضة فوق السـ.. السطوح في حارة شعبية ، و نسرين كانت بتروحله ”
حرك كرسيه ناحيتها و أمسك ذراعها هاتفاً :” لازم توديني المكان ده ..”
تجمعت العبرات بعينيها و هي تقول :” بس .. بس أنا مش فاكراه ، أنا مارحتش غير كام مرة معاها و بس !”
تحدث قائلاً برجاء و دموع :” حاولي تفتكري يا حسناء .. من فضلك !؟”
هزت رأسها إلى أعلى و أسفل و أمسكت كرسيه متوجهه به إلى الخارج .
…………………..
بين ثنايا الظلام أوقف شاهر سيارته بأحد المناطق الشعبية ، و لم يكن يوجد إلا قله بالمكان ، و نزل من السيارة و توجه إلي الجهة الأخرى و فتح الباب ، ثم أمسك بيد سمرا و أنزلها و توجه داخل ذلك العقار المتهالك .
وصل إلي سطح المبني و لازال ممسكاً بذراعها و هي تتبعه جامدة تماماً ، و توجه إلي الغرفة .
كانت جدران الغرفة مقشرة و متهالكة ، تحتوي على فراش صغير ملئته الأتربة و مكتب أحدي أرجله مكسورة ليستند على حجراً كبديل ، و أريكة بالية و مقعدان خشبيان .. بالإضافة إلي عدة لوحات علي الجدار غطتها الأتربة ، و اتخذتها العناكب لتبني شباكتها على حافاتها ، تقدم بخطوات ثابته ناحية الفراش و أسندها لتجلس عليه ، ثم جلس إلي جوارها و ألتفت ناحيتها و بكل هدوء رفع يده ليفك الزر العلوي من أسدالها ثم بمساعدة يده الأخرى قام بخلع الأسدال عنها ، و أسندها بكل رفق لتنام على الفراش ، ثم نام إلي جوارها و أحتضنها بقوة و هو يلتصق بها لأن الفراش صغيراً لا يتسع كلاهم .
مد يده ليضع رأسها على صدره و بدأ بالعبث بخصلات شعرها و العبرات تنساب على وجنته متحدثاً بألم :” سامحيني يا سمرا ، أنا أذيتك كتير ، خدتك بذنب أختك .. أنا .. أنا كنت عاوزك تكوني ليَ لوحدي ..اااه يا سمرا ..ااه ، لو تعرفي اللي عيشته و عانيته لوحدي لا أم و لا أب و لا أخوات .. نسرين كانت كل حياتي ، كل دور في حياتي هي اللي كانت بتمثله ، أكيد كان صعب عليا إنها تختفي فجاءه من حياتي ، و من ساعتها بقيت كده .. بجري ورا المال و السُلطة .. أبقي قوي ، أمتلك كل حاجه ، و قلبي مايخضعش لست أبداً .. بس أنتِ كسرتي ده كله ، و أنا ملكت كل حاجه أنا عايزها إلا حاجة واححده بس .. هي قلبك يا سمرا !”
ثم أغمض عيناه بقوه لتنهمر العبرات الساخنة وجنتيه .. لينام إلي جوارها حتي بدأ النهار بالبذوخ
…………………..
وقفت سيارة حسن أسفل بناية متهالكة ، فألتف ناحية حسناء الجالسة إلى جواره متسائلاً :” متأكدة إن هو ده البيت يا حسناء !؟”
تطلعت هي من النافذة المجاورة لها لتتأكد ، ثم عادت لتنظر إليه مرة أخري قائله :” متهيئلي هو يا عمو ، أنا مش فاكراه أوي بس على ما أعتقد إنه هو !”
هز رأسه بالموافقة ، ثم وجه حديثه إلي الحارسان اللذان يركبان السيارة بالمقعدين الأماميين و يتولى أحداً منهما القيادة قائلاً بهدوء :” يلا بينا ننزل .. !”
و بالفعل أنصاع الحرس إلي أوامره و نزلا من السيارة و ساعدوا حسن بالنزول و إخراج الكرسي الخاص به ، و توجهوا إلي داخل العقار ، بينما ظلت حسناء جالسه بالسيارة تدعو الله أن يمرر هذا على خير .
……………………
بعد أن هربن الفتيات من فيلا شاهر ، منهن من عادت إلي بيتها خوفاً مما تعرضت له ، و منهن من أجبرتها عائلتها على الذهاب إلي قسم الشرطة لتحرير محضر بمَ تعرضت له .. و منهن من اختصرت الطريق و اتجهت مباشرةً إلي القسم لتقديم الشكوى .. حتي تأخذ ثأرها .
علم علاء بموقع فيلا المُسمى شاهر من عدة فتيات ، و جهز قوه للذهاب إلي المكان ظناً منه إنه لازال هناك .. و لكن عندما وصلوا لم يجدوا أي شخص بالمكان .. سوي ثلاث جثث أثنان منهم تخص حارسان ، و الأخرى تبدوا إنها لشخصٍ أجنبي .
وقف علاء خارج المكان و الغضب يعتريه كلياً ، بعد أن أمر بعض العساكر بالحجز على المكان .
تحدث في هاتفه صائحاً بغضب :” فلت و هرب برضه ابن الـ *** ، ده لو يوقع في أيدي بس .. طيب أحنا هنكمل البحث و القضية لسه مفتوحة .. و عامر أخباره أيه .. أول ما يفوق طمني عليه يا جلال .. ربنا قادر .. مع السلامة !”

و لكن رغم كل تلك الحراسة على المكان لم يري أياً منهم ذلك الغريب الذي كان يترصد لهم .. و أنطلق بسيارته .
……………………..
بأحدي المستشفيات ،،،
خرج الطبيب من الغرفة المحتجزة بها مي ، فركض ناحيته كلاً من أبيها و أمها و شقيقها ليسألوه عن حالتها الصحية الآن ، فأبتسم الطبيب قائلاً :” أطمنوا .. هي فاقت ، و تقدروا تشوفوها بس ياريت تتعاملوا معاها بحذر لأن الواضح إن ظروفها النفسية صعبه شويه .. و ياريت لمَ تخرج من هنا إن شاء الله تساعدوها إنها تتابع مع طبيب نفسي .. عن اذنكم !”
ذهب الطبيب بينما توجه ثلاثتهم إلي الداخل ، و تفاجئوا عندما وجدوها جالسه على الفراش ، تضم ركبتيها إلي صدرها و تحاوطهم بذراعيها ، شارده تماماً و هي تحدق بنقطة ما بالفراغ و العبرات تنهمر على وجنتيها .
أغمض أحمد عينيه بآسي لتسقط العبرات من عينيه ، ثم أستند بيده على أحدى الطاولات .. بينما ركضت الوالدة ناحيتها و احتضنتها بقوه و هي تبكي بشده و حسرة على ما أصاب ابنتها .
شعر حسام أن والده على وشك الانهيار ، فأسرع ناحيته و أسنده هامساً :” بلاش يا بابا .. لازم نكون أقوياء قدامها عشان نحسسها بالأمان و نساعدها تاخد حقها .”
هز رأسه بالموافقة من بين عبراته ، و توجه كلاهما ناحية الفراش ليجلسوا إلى جوارها ، بينما كانت تحتضنها أمها بقوه و تمسح على ظهرها و شعرها .
مد أحمد ذراعيه بهدوء ليجذبها إلى حـ,ـضنه و تحدث باكياً :” يا حبيبتي يا بنتي .. وحشتينى أوى ، أحنا عرفنا كل اللي أتعرضتِ ليه .. أتكلمي يا بنتي و قولي .. عشان خاطري ”
تحدثت الوالدة ببكاء :” يا حبيبتي يا ضنايا ، أكتر من تلت شهور و أنتِ بعيده عن حـ,ـضني و في وسط عصابه نهشوا لحمك .. اااه يا بنتي اااه .”
” أسكتي يا أم حسام .. بلاش صويت ، مي هتفوق من اللي حصلها ، و ترجع عيلتنا من تاني ”
تدخل حسام قائلاً بهدوء رغم الحزن البادي عليه :” فوقي يا مي و رجعي ضحكتك من تاني .. و صدقيني يا حبيبتي لو طولت اللي عمل فيكِ كده هقـ,ـتله بنفسي ”
ثم مال ليقبلها على رأسها بكل هدوء ، بتلك اللحظة تعالي صوت طرقات على باب الغرفة ، فسمح أحمد للطارق بالدخول .
و بالفعل فُتح باب الغرفة ليدخل وكيل النيابة علاء ، و وقف قبالتهم قائلاً بهدوء :” لو سمحتوا ممكن تسيبوني مع مي ”
وقف أحمد قائلاً :” بس .. بس مش حضرتك قولتلنا إن باقي البنات اعترفوا على المكان ، يعني حضرتك عاوز مي في أيه تانى !”
” يا أستاذ أحمد أنا مقدر موقفك كأب ، أنا ما نعرفش مي كانت مختفيه فين ، ده توقع مش أكتر إنها كانت مع العصابة دي ، عشان فترات الاختفاء قريبة من بعض ، لكن المكان اللي الراجل لقي فيه مي بعيد خالص عن المكان اللى كانوا فيه البنات ، و احتمال يكون في مكان تاني ليهم و هي عارفاه .. عشان كده لازم أتكلم معاها شوية .
تدخل حسام قائلاً :” علاء باشا معاه حق يا بابا .. يلا نخرج ”
هز رأسه بالموافقة بأعين دامعة ، و أتجهوا ليساعدوا والدتها التي كانت منهارة من البكاء على الخروج من الغرفة .
أغلق علاء باب الغرفة خلفهم ، و توجه ليجلس على الفراش قبالة مي ، و أخذ نفساً عميقاً قبل أن يقول بهدوء :” مي أنتِ تساعدينا عشان نوصل للي عملوا فيكِ كده و ناخد ليكِ حقك و حق باقي البنات .. أتكلمي عشان تنقذي غيرك !”
كانت العبرات تنهمر على وجنتيها و هي تسمع إلي حديثه ، و دفنت وجهها بين كفيها و بدأت بالبكاء لتتعالي شهقاتها .
حاول علاء أبعاد وجهها ليحادثها قائلاً بجديه :” مي .. مي أسمعيني أنتِ قويه ، ماينفعش تعيطي ، ساعديني و أنا هجيبلك حقك ”
ابتعدت عنه و وقفت لتلتصق بالجدار ، و ظلت تحرك رأسها يميناً و يساراً بهيستريا و هي تبكي هاتفه بخوف :” لا .. لا .. سيبوني في حااالي ، ابعدوا عني كلكم .. !”
حاول علاء تهدأتها ، فما كان هذا إلا أن يزيد من بكاءها و نشيجها ،حتي سقطت منهارة أرضاً و دخلت في نوبة بكاء و صراخ هيستيرية شديدة ، على أثرها اندفع الطبيب و الممرضين إلي الغرفة محاولين تهدأتها ، بينما التفت الطبيب لعلاء قائلاً بغضب :- مش قولت لحضرتك الكلام معاها صعب الفترة دي ، اتفضل بقي يا فندم برة ، خلينا نشوف شغلنا .
لوي فمه بضيق ، و هز رأسه بيأس ، ثم توجه للخارج ، ليجد عائلتها الصغيرة في حالة بكاء ايضاً و يُرثي لهم ، فنظر إليهم بشفقة و رحل .
………………………….
شعر بالباب يُفتح ، ففتح عيناه و أنتفض لينهض عن الفراش ليتفاجأ به .. نعم لم تغير السنين منه شيئاً ، سوى ذلك المقعد المتحرك الجالس عليه ، و رجلان ضخام البنيه خلفه ، فوقف أمام الفاش و رفع ذراعيه و كأنه يصنع حصناً ليمنعهم من الوصول إليها ، و ظل محدقاً به بأعين مُشتعلة .
أشار حسن إليهم ليهجموا عليه ، و بالفعل انصاعوا له و اشتبكا معه ، و لكنه كان يحاول أن يبعدهم بكل ما أوتي من قوه من الوصول إليها .. و لكن الكثرة تغلب الشجاعة ، فاستطاعا أن يسقطوه أرضاً و ظلا يركلانه بقدمهم بكل منطقه من جسده ، ليطلق هو أنيناً خافتاً ، و خارت قواه و بدا ضعيفاً من كثرة الضرب به .
أقترب حسن بكرسيه من الفراش ، و مد يده ناحية سمرا محاولاً أفاقتها و لكن لم تجيبه ، فأشار للحرس أن يحملوها و يتجهوا بها سريعاً لأسفل و يستدعوا الشرطة ليتركوه مع شاهر .. و بالفعل نفذوا ما طلبه منهم .
بعد أن خرج الحرس ، أتجه حسن ليغلق باب الغرفة ، ثم أقترب بكرسيه من شاهر و شبك أصابع يده معاً قائلاً بهدوء :” ليه يا شاهر .. ليه تعمل كل ده .. و سمرا ذنبها أيه !؟”
حاول أن يستند بمرفقيه لينهض جالساً على الأرضية بصعوبة ، و أستند بظهره على الفراش و ظل يضحك بهيستريا رغم الضربات الموجعة الموجودة بجسده .
عقد حسن حاجبيه متسائلاً بعدم فهم :” بتضحك على أيه !؟”
لف رأسف ناحية حسن و لازال يضحك رغم الدماء المنساله من فمه و أنفه هاتفاً بسخريه :” حسن بيه بنفسه في .. فبيتي .. المتواضع .. ياااه !”
” شاهر في حاجات أنت ماتعرفهاش و لازم تعرفها ”
هز رأسه مستنكراً و هو يضحك ليكمل حديثه بسخريه أشد :” تؤ تؤ .. بنفسك هنا .. مش .. مش طردتني .. زمان ، أنت .. أنت مش من مستوانا ..و بنتك .. بنتك نسخه منك !”
و أكمل حديثه الساخر و العبرات بدأت تنساب على وجنتيه :” بنتك باعتني .. و أنا كنت مشتريها ، سابتني في أشد وقت .. و أنت .. أنت جاي دلوقت .. تحرمني من .. من سمرا .. اااه .. لييييه كده .. ليه !؟”
و ظل يبكي بشدة ، بينما شعر حسن بالألم ، و تحدث قائلاً :” سمرا ذنبها أيه تعمل فيها كده .. عشان هي تشبه نسريـ..”
قطع حديثه صارخاً بقوة لم يعرف من أين أتته رغم الألم المتمكن منه :” لا .. سمرا عمرها ما تشبه نسرين ..سمرا غيرها خالص ”
” طيب ليه مش سايبها في حالها ..ذنبها أيه !؟”
تحدث باكياً بحسرة :” ذنبها إني حبيتها .. حبيتها غصب عني .. بس هي حبت غيري ، و أنا لا يمكن أسمح بده !”
مد حسن يده في جيب جاكته ، و أخرج تلك الورقة و ألقاها باتجاه شاهر قائلاً :” لو كنت رجعت و دورت على نسرين كنت هتعرف الحقيقة .. و أنها حبتك أوي .. خد أقرأ ”
أمسك الورقة و عقد حاجبيه و هو ينظر إليه متسائلاً :” أيه ده !؟”
” اقرأ بنفسك و أنت تعرف الحقيقة !”
و بأيدي مرتعشة فتح شاهر الورقة و بدأ بقراءتها بهدوء شديد ، و مع كل كلمه تذرف العبرات من عينيه ، ثم رفع وجهه ناحية حسن قائلاً بألم :” نسـ.. نسرين ما.. ماتت .. بعـ.. بعد ما سبتها !”
” بعد ما حضرتك ما سبتها و سافرت ، فضلت محبوسه في البيت ، على طول بتعيط عليك .. و أتاريها كانت بتيجي كل يوم هنا مستنية رجوعك ، لحد ما ..”
و تابع بحسره و العبرات تنساب من عينيه :” لجج ما مرضت .. و فضلنا نسافر بيها عـ.. عشان تتعالج ، و في الأخر .. كـ. كتبت الجواب ده .. و طلبت مني أديهولك و تسامحها .. أنت السبب في اللي حصلها اااه يابنتى !”
ظلت العبرات تنهمر من عينيه دون شعورٍ منه و هو يحرك رأسه مستنكراً ، و أستند بمرفقيه على الفراش محاولاً الوقوف ، و بالأخير تمكن من هذا ليقف قبالته و أصبحت عيناه كتلتين من الجمر هاتفاً بغل :” لأ .. مش أنا السبب .. أنت السبب ، أنت اللي دمرتلنا حياتنا ، حرمتني زمان من نسرين .. و كنت السبب إني أبقي شيطان و ملعون كده .. و دلوقت .. حرمتني من سمرا .. و أنا لا بسامح و لا بنسي ..و ده وقت الحساب !”
كادت أن تخرجا عينيه من مقلتيه من الخوف ، و انتابته قشعريرة سرت بكامل جسده .. فتلك القوه التي يقف بها شاهر قبالته رغم ما تعرض له من ضربات قد أرعبته ، و أزدرد لعابه بصعوبة قائلاً بتوجس :” شاهر .. لو سمحت أسمعني .. شاهر بلاش تهور !”
و لكن ما أصبح هو سوي بركان ثائر .. و هذا بالنسبة له ليس الوقت للسماع و لا الرجاء .. بل هذا هو وقت الانتقام فقط !
ظل يتحرك بالغرفة بغضب شديد ، و عيني حسن تراقبانه و يهتف له متوسلاً ألا يرتكب حماقةٍ ما .. لكن أختفي شاهر داخل ذلك المرحاض الصغير المرفق بالغرفة ، و خرج بعد لحظات ممسكاً بزجاجة بلاستيكية ليقف قبالة حسن و هو يضحك بهيستيريا قائلاً بجنون :” خلاص يا حسن بيه .. انتهينا .. أنت شيطان و أنا شيطان .. و جه الوقت إننا نرجع .. نرجع لأصلنا !”
تحركت شفتاه المرتعشة هاتفاً برجاء :” شاهر .. شاهر لو سمحت بلاش جنان .. شاهر !”
و لكن قد وصل الجنان لديه إلى الذروة و ظل يضحك و هو يفرغ محتويات الزجاجة بكل مكان حتي وصل إلي أخر ما بها ، فرفع الزجاجة ليسكبهم فوق حسن هاتفاً بضحك :” أسوف وشك بخير يا حسن بيه .. أقابلك في جهنم !”
بكي حسن فزعاً و هو يتحرك بكرسيه ناحية الباب محاولاً فتحه .. و لكنه لم يستطع و شاهر يقف ضاحكاً بشده .
مد شاهر يده في جيب بنطاله .. و أخرج قداحته و ضغط عليها و هو يضحك هاتفاً :” نهايتنا الجحيم أنا و أنت يا حسن !”
جحظت عيناه و هو ينظر إلي نيران القداحة التي بيده و هتف صائحاً حتي سقط من على مقعده محاولاً أيقافه :” لااااا..!”
و بنفس اللحظة ألقي شاهر القداحة باتجاه حسن لتشتعل النيران بكامل الغرفة .. و تحرق كل شيء .. و ترتفع النيران لترتفع معها ضحكات شاهر .
…………………..
لمح سكان الحي الأدخنة تتسرب من فوق العقار ، و النيران التي ارتفعت حتى كادت أن تحرق العقار بالكامل ، و أسرع سكان العقار بالخروج منه محاولين الأفلات بأرواحهم قبل أن تصلهم النيران ، و بدأ الرجال بالركض محاولين الصعود لإطفائها ، و صوت النساء يصرخن هلعاً ، ليتزاحم المكان بالكامل و أسرع البعض باستدعاء سيارات الإطفاء للسيطرة على الحريق حتي لا يتسع و يصل إلي أكثر من مكان .
كانت حسناء تقف أسفل العقار و تنظر إلى أعلى و كفها على فمها و هي تبكي بشدة ، و أسرعت إلى بعض الرجال هاتفه برجاء :” حد يتصرف لو سمحتوا .. عمي حسن فوق .. بسرعه يا جماعه !”
مرت فتره ليست بكبيره حتى وصلت سيارات الإطفاء و الشرطة ، و لكن كانت تمكنت النيران بجعل كل شيء بأخر طابقين بالعقار عبارة عن بقايا مُحطمة .. رماد .. لا شيئاً سليم !
………………..
بمكتب العقيد فاروق ،،،
صاح فاروق بغضب بذلك الراجل المدعي منير الذي يقف قبالته هاتفاً به بغضب :” يعني أيه مالقتهوش في الفيلا يا منير .. و الشرطة عرفت مكانها منين !؟”
تحدث منير قائلاً :” يا فاروق باشا أنا روحت أخلص عليه زي ما طلبت مني .. بس لقيت الشرطة ماليه المكان ، و عرفت إنه هرب !”
” طيب غور من وشي .. و أفضل دور عليه لحد ما تلاقيه .. مش عاوز أي أثر ليه .. شاهر لازم يختفي من على وش الأرض !”
هز منير رأسه بالموافقة و خرج من المكتب ، بينما جلس فاروق على مقعده و ضيق عينيه قائلاً بغضب :” عارف إنك مش سهل يا شاهر .. بس هتروح مننا فين !”

انت في الصفحة 3 من 4 صفحات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
0

أنت تستخدم إضافة Adblock

انت تستخدم اضافة حجب الاعلانات من فضلك تصفح الموقع من متصفح اخر من موبايلك حتي تقوم بتصفح الموقع بشكل كامل