
شقت الكلمة صدرُه، فـ خفّت نبضات قلبُه، متأملًا كلمتها التي تبدّلت بعد أن كانت تنطق له بمعاني العشق بأكملها و كم تُحبه، تخبره الأن أنها تمقتُه، لم تكتفي بجرحُه مرة، فـ تابعت بصوتٍ إمتلئ غصةً جعلته يلعن نفسه على كبمةٍ ألقاها عليه في لحظة شيطانية:
– بكرهك من كُل قلبي، و لو رجع بيا الزمن عُمري ما كُنت هوافق أتجوزك!!!
– بس أنا بحبك!!
قالها بضعفٍ، و رفع إنمله بالكاد بعد أن تخدّر جسده من كلماتها، و سار به فوق موضع أناملُه فـ غمغمت بقسوة:
– كفاية كدب!!! إنت مبتعرفش تحب!
– و حبيتك!!
قالها بألم تغلغل نبرة صوته، متابعًا و هو ينظر لعيناها:
– مكُنتش بعرف أحب بس حبيتك، و عشقتك!! ليه بتعملي فيا كدا؟
إبتسمت إبتسامة لم تكُن سوى شامتة، شامتة بذلك الضغف الذي تمكّن منه، بتلك النظرات التي تفترسها دون أن يستطيع الحصول عليها، لمساته التي تطوق أن تغوص بأعماقها، حاولت جذب كلمات أكثر منه تزيد نشوتها في الشماتة به فـ قالت بصوتها الغنج:
– بعمل إيه؟
تنهد غافلًا عن عيناها الشامتة به، قائلًا موجوعًا:
– بتعذبيني .. شايفاني قُدامك و النار قايدة فيا و بتعندي .. بتعاقبيني على غلطة أنا ندمت عليها، كفاية يا نور!! شهر كامل من غير ما أخدك في حُضني و أسمع صوتك و أشوفك، شهر كامل مخلي حد يراقبك و يجبلي أخبارك كلها .. و عشان البنت اللي إسمها دنيا دي كانت معاكِ في كل حاجه سيبتك .. سيبتك براحتك و مكُنتش عايز أضغط عليكِ، و لما إشتغلتي و عرفت الشركة اللي بتشتغلي فيها و إن محدش فيها هيدايقك بردو سيبتك، كنت بتعذب و بمو*ت و إنتِ بعيدة و كل اللي كان بيهون عليا الكام صورة اللي كانوا بيتبعتولي ليكِ، كنت بقعد بالساعات قُدام الصور أملي عيني منها بس، نور أنا تعبان .. تعبان من غيرك، و حاسس إن حياتي واقفة و إنتِ مش فيها!!!
طالعتُه مصدومة مما قال، كان يجند شخص يراقبها لتصل أخبارها له كل تلك المدة؟ إزدردت ريقها تنظر له و لذلك الضعف المتشكل بعيناه و بلمساتُه و بأنفاسُه، إقترب منها يريح رأسه فوق كتفها مثبتًا جبينه على حرف منكبها، أناملُه تعبث بخصلاتها المفرودة على ظهرها، أغمضت عيناها و قد إمتلئت عيناه بالدمعات و كامل جسدها يرتجف، ليقول كلماتٍ أفاقتها كدلوٍ بارد صُب عليها صبًا:
– يلا نروح للمأذون دلوقتي .. و كإن اللي حصل ده محصلش، هنسيهولك!!!
إنتفض كامل جسدها تبتعد عنه تدفعه من صدرُه قائلة برعب:
– مش هيحصل، مش هرجعلك أبدًا عُمري ما هرجعلك!!!
ثم زحفت لآخر الأريكة الخلفية و خرجت من السيارة، صافعة الباب خلفها تسير إلى داخل الشركة، تاركة أياه خلفها مُتدمرًا!!
• • • • • • •
تحاول التركيز في عملها بالكاد، لا تستطيع لملمة شتاتها بعد تلك المواجهة التي حدثت بينهما، هي لأول مرة تراه بهذا الضعف، نفت برأسها تزجر نفسها هامسة:
– لاء .. مش هرحمُه، زي ما هو مرحمنيش!!!
أنهت عملها بعد إرهاق، لتُغادر الشرطة تقرر أن تمشي على أقدامها قليلًا علها تُسكت إرهاق ذهنها ذلك، ظلت تسير حتى إستوقفتها تكدُس غريب في منطقة مُعينة، فـ قطّبت حاجبيها تسأل أحد المارة:
– هو في إيه .. إيه الزحمة دي؟
قال الرجل بضيق:
– في واحد عربيته إتقلبت بيه هنا على الطريق، و من ساعتها و الشارع واقف!!
لا تعلم لمَ إنقبض قلبها، أخذت تزيح في المارّة تحاول الوصول لتلك السيارة، شهقت و كادت أن تسقُط أرضًا عندما وجدتها سيارته، هرعت عليها كالمجنونة لترى الراكب بها، فـ تصنمّت مكانها عندما رأته، وجهه نازف و عيناه مُغمضة كالأموات!!!
يُتبع♥
الفصل الثالث عشر .. و الأخير
فـــريـــد!!!! فـريـد!!!
نظرت للمارة حولها ترجوهم بصراخ:
– ده جوزي!!! جوزي حد يطلب الإسعاف أبوس إيديكوا!!!! طلعوه من العربية!!!
تلملم المرء يحاولون إخراجه من السيارة و أُناس آخرون يهاتفون سيارة الإسعاف و هي واقفة ترتجف واضعة كفيها على فمها، جائت الإسعاف فورًا و نقلتُه أسفل أنظارها و إرتجافة بدنها، صعدت بسيارة الإسعاف معه لا تستطيع السيطرة على شهقاتها و بكاءها و هي ترى ملامحه قد خُفيت الدماء التي عليها، إمسكت بكفُه بأيدٍ ترتعش تضمها لصدرها تناديه ببكاء ينفطر القلب له:
– فريد .. قوم يا فريد!!! حبيبي إيه اللي حصلك!!!