منوعات

رواية بقلم سارة الحلفاوى الرابع والاخير

إقتربت منه هامسة أمام وجهه بـ قوةٍ:
– و رحمة أبويا .. ما هرجعلك، و هدوّقك المُر اللي سقيتهولي، هخليك تتمنى لو يرجع بيك اليوم ده عشان متعملش كدا هندمك على الوجع اللي وجعتهولي ندم عُمرك كلُه يا ابن الزيات!!!

إبتعدت عنه تناظر وهن عيناه بشماتةٍ زرعها بها، ثم أشارت إلى باب الشقة تقول بأنفٍ وصلت لعنان السماء:
– إطلع برا .. و آخر مرة تعتب الشقة دي!!!

نظر لها مطولًا، نظرات يرجوها بها ألا تفعل لكنُه قوبل بنظراتٍ قاسية و أعين مُتحجرة، فـ أخذ خطواتٍ بعيد عنها ثم خرج صافعًا خلفه باب الشقة، نظرت للفراغ الذي تركه، تغمغم لنفسها:
– إياكِ تضعفي!!! إوعي يا نور .. إفتكري اللي عملُه فيكِ!!!

ذهبت إلى غرفة نومها و أراحت جسدها فوق الفراش، تضبط المنبه لكي تستفيق باكرًا لتذهب لعملها، ستذهب له وحدها لأن دنيا لأول مرة لن تأتي لتقلها بسبب الأجازة التي أذنوا لها بها!

• • • • • •

نهضت بنشاطٍ و إرتدت ثيابها، صففت خصلاتها و قررت تركها حُرة اليوم و ساعدها على ذلك نعومتها، ثم خرجت من الشقة بعدما أخذت مفاتيحها و هاتفها، أغلقت الباب جيدًا و إلتفتت لتصُدم به جالسًا في سيارتُه عائدًا بالمقعد للخلف و نائم، إعتلى الضيق مِحياها لكن أكملت طريقها تتظاهر بأنها لم تراه، أوقفتها السيدة فتحية .. تلك التي أخذتها ببيتها عندما رفضت أمها أن تفتح لها الباب و تُدخلها، تقول بأعين تلومها:
– كدا يا نور يا بنتي .. تسيبي جوزك نايم في العربية كدا من إمبارح يا حبة عيني على الوضع ده!!!

هتفت نور بضيق:
– ده مبقاش جوزي يا حجّة فتحية، إحنا إطلّقنا خلاص!!!

غمغمت فتحية بحزن:
– م أنا عرفت يا بنتي .. بس و ماله إنتِ في فترة العدة يعني ترجعوا في أي وقت بالمأذون بردو!!

صدح صوت نور الهجومي:
– و مين قالك أصلًا إني هوافق أرجعلُه!!

تنهدت فتحية تربت على كتفها قائلة:
– طيب خلاص يا حبيبتي روحي شغلك عشان متتأخريش، و لما ترجعي لينا كلام مع بعض!!

تنهدت و ذهبت من أمامها لتخرج للشارع الرئيسي تنتظر سيارة أجرة تمُر، لتمُر أمامها آخر سيارة كانت تنتظرها، سيارته، و فتح زجاج النافذة يميل برأسه لكي يراها قائلًا بنبرة هادئة:
– إركبي!!

تأففت بنزقٍ و قالت بحدة:
– إمشي من هنا عشان مصوّتش و ألم الناس عليك!!!

– لو مركبتيش هنزل أجيبك من شعرك و أركبك بالعافية!!
قالها بتحذير حقيقي و قد فُلتت أعصابُه، فـ ضربت السيارة بقدمها بجُرها تقول بعنفٍ:
– يلا إنزل وريني .. عشان أخلي اللي ما يشتري يتفرج عليك!!!

رفع حاجبيه من طريقتها الجديدة عليه، حاول التحلي بالصبر فـ قرر أن يهاودها قائلًا برفق:
– مش هتلاقي مواصلات دلوقتي الدنيا زحمة!!!

– حاجه متخُصش حضرتك!!!
هتفت ساخرة ثم أشارت إلى سيارة أجرة مرت من جوار سيارته فوقف السائق، أخبرته بالمكان فهزّ رأسه لها موافقًا، صعدت معه دون أن تعاير فريد إهتمام، ضرب الأخير المقود بعصبية شديدة، لكنه توقف للحظة مُدركًا بأنه فالتة خُصلاتها تحررهم على ظهرها، فـ ردد مع نفسه مصدومًا:
– دي مسيبة شعرها!!! دي نازلة و مسيبة شعرها!!! ده أنا هطلع عين أمها دلوقتي!!!

سار خلف السائق بسُرعة جنونية و قد إنتفخت أوداجُه، لا يصدق أن غيره سيرى خصلاتها مفرودة على ظهرها، كيف لم يُحجبها، كانت على ذمته و كيف لم يتخذ هذا القرار و يجعلها عنوةً ترتدي الحجاب، أطلق زفيرًا حارًا من شدة لهيب جسدُه الغاضب، حتى وجدها تترجل من السيارة بعدما أعطت للسائق بعض النقود، ترجل هو الآخر من السيارة و سار خلفها طاويًا أسفل قدمُه الأراضي مُدبدبًا عليها بـ حذائه الذي يصرخ بالغِنى،
ثم بقسوة إلتقط ذراعها و جذبها خلفه بعنف وسط صراخها و جسدها الذي يتثاقل عمدًا حتى يعجز عن جذبها و لكن ذهبت محاولاتها هدرًا فهو أقوى بنيةً منها بمراحلٍ، دفعها إلى السيارة في المقعد الخلفي حتى لا يتسنى لها النزول و إستقل جوارها، ظلت تصرخ به أن يتركها و يبتعد لكنه ضرب على ظهر المقعد الذي أمامُه صارخًا بوجهها:
– إخرسي مش عايز أسمعلك صوت!!! نازلة شغل و قولت ماشي سيبها، قاعدة لوحدك في شقة طويلة عريضة في مكان مبيرحمش و كلُه بيتكلم عليكِ و قولت مالهاش ذنب و أقطع لسان أي حد يجيب سيرتك عشان أنا عارفك!!!، لكن نازلالي بـ قميص هيتفرتك من على صدرك و شعرك مسيباه!!! ده إنتِ نهارك إسود معايا أقسم بالله لهعرفك أنا مين على اللي بتعمليه ده!!!

شهقت من وقاحتُه و همت بالصراخ في وجهه لكنه أشهر بأصبعه في وجهها هادرًا بقسوة لدرحة أن عروق جبينه و عنقه نفرت:
– قـولـت صـوتـك مـسـمـعـوش!!!

لم تتوانى عن الحديث و الصراخ به بصوتٍ قد بُحّ:
– لاء هتكلم!!! لو مشيت عريانة في الشارع ملكش الحق تـ!!!

بتر عبارتها قابضًا على ذراعها يقربها منه صارخًا بوجهها بصوت جفل له قلبها:
– إخــــرســـي!!! ماليش حق إيه يا أم حق!!!! ده أنا أكسرلك رقبتك و رجلك اللي فرحانة بيها و لابسة بنطلون مفصَّلها دي!!!

– آآآه إبعد عني!
تآوهت تُحاول بإستماتة إبعاد كفُه عن فكها لكنه شدد على فكها أكثر فـ تعالى صوتها من شدة ألمها تضربه على صدرُه حتى تركها تاركًا على وجهها الصافي علامات أناملُه، مالت للأمام تفرك مكان قبضته ثم طالعتُه بنفورٍ، تنطقها للمرة الأولى:
– أنا بكرهك!!!

انت في الصفحة 9 من 15 صفحات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
12

أنت تستخدم إضافة Adblock

انت تستخدم اضافة حجب الاعلانات من فضلك تصفح الموقع من متصفح اخر من موبايلك حتي تقوم بتصفح الموقع بشكل كامل