منوعات

وتكابلت الذئاب عليها بقلم ميمي عوالى الثالث

وتكالبت عليها الذئاب 23
Mimi Awaly
اللهمَّ إنَّي أعوذُ بك من شرِّ سمْعي ، ومن شرِّ بصري ، ومن شرِّ لساني ، ومن شرِّ قلْبي ، ومن شرِّ منيَّتي ، و أعوذُ بكَ من مُنكراتِ الأخلاقِ ومنكرات الأعمالِ والأَهواءِ .
23
وتكالبت عليهما الذئاب
الفصل الثالث و العشرون
رغدة : هتنهى المكالمة عشان بقول لك انى محتاجالك جنبى
رنيم : لأ .. اوعى تزعلى منى ، انا اقصد كلامك عن داوود
و قبل ان ترد عليها رغدة سمعت صوت سقطة مكتومة لتقول برهبة .. ماما
لتسرع رغدة الى غرفة امها و هى تناديها بقلق ، و ما ان دلفت من باب الغرفة الا و وجدت امها مكومة على الارض بجوار فراشها .. لتصرخ بجزع و تلقى الهاتف من يدها و هى تحاول اسعاف امها .. و لكن الاوان كان قد فات
كانت رغدة تقاوم انهيارها اثناء مراسم الجنازة ، و كادت ان تسقط لاكثر من مرة لولا امرأة منتقبة كانت تسندها بشدة رغم اصابة واضحة بقدمها
و رغم شعور الجميع بالاسى تجاه رغدة ، الا ان شعورهم بالفضول تجاه تلك المراة المنتقبة كان مسيطرا عليهم جميعا و بشدة و خاصة يقين و سيلا و من قبلهما داوود الذى كان يراقبها بعينين احد من عينى الصقر
و ما ان رضخت رغدة لطلب رأفت بمغادرة المقابر بعد مؤانسة امها لفترة من الزمن ، احتضنتها المرأة المنتقبة و همست لها بالكثير من الكلام و لكن رغدة لم ترد عليها سوى بنظرة تملؤها الالم و العتاب قبل ان تنصرف مع رأفت ، ثم اتجهت المرأة المنتقبة الى سيارة اجرة كانت تنتظرها بالخارج ، و قبل ان تقتح الباب وجدت من يقف امامها قائلا بجمود : رنيم
لتقف لبرهة دون ان تنظر لمناديها ، ثم تابعت تقدمها و هى تحاول مفاداته الا انه اعترض طريقها مرة اخرى و هو يقول : هو انتى فاكرة انك لما تمشى من غير العصاية بتاعتك مش هعرفك
لتحاول الابتعاد عنه مرة اخرى ، و لكنه تلك المرة مد يده سريعا و انتزع التقاب من امام وجهها لتتظر اليه بحدة قائلة : و اديك اتأكدت انى هى .. عاوز منى ايه يا داوود
لينظر داوود بداخل السيارة التى كانت تنتظرها ليلمح عصاتها ملقاة بارضية السيارة ، فيفتح الباب و يسحبها و يمدها اليها قائلا : امسكى .. و تعالى معايا
رنيم برفض : انا مش هروح معاك فى حتة ، و لو سمحت تسيبنى امشى من غير فضايح
داوود و هو يطحن ضروسه بغضب : انتى اللى لو مامشيتيش معايا بهدوء دلوقتى .. اللى هتعملى الفضايح
ليخرج من حافظة نقوده مبلغا كبيرا من المال و يقدمه للسائق قائلا .. اتفضل انت ، المدام مش هترجع معاك
رنيم بحدة : لا هرجع معاه و حالا
ليمسك داوود ذراعها بقوة قائلا : المرة اللى فاتت هربتى بمزاجك ، المرة دى مش هتتحركى من هنا الا بمزاجى انا و معايا و رجلك على رجلى
رنيم ببعض الرجاء : انا لو فضلت هنا بنتك هتفضل لوحدها
داوود بلهفة : بنتى .. هى فين
رنيم بلعض الحدة : مايخصكش

لينحتى داوود الى السائق و يقول : ممكن تقوللى جايبها منين بالظبط .. عاوز العنوان
السائق بحيرة : حضرتك انا ما اقدرش اديهولك غير بموافقتها
داوود : المدام تبقى مراتى ، و بنتى لسه فى العنوان اللى انت جيبتها منه
السائق بتردد : حضرتك انا كل الكلام ده مايخصنيش
لينظر داوود الى رنيم ببعض القسوة و يقول : قوليله يدينى العنوان بدل ما تتسببى فى حبسه و تشيلى ذنبه
رنيم و هى تعافر لتخليص ذراعها من بين يديه : و هتحبسه بتهمة ايه بقى ان شاء الله
داوود بتهد.يد : هسيبك تركبى معاه و هقدم بلاغ فيه برقم عربيته انه هو اللى هرب منى مراتى و بنتى و متستر على مكانهم ، و هعمل كل جهدى انه مايطلعش منها ، و برضة هجيبك انتى و بنتى .. قلتى ايه يا رنيم .. تركبى معايا و نروح نجيب البنت مع بعض ، و اللا احبسهولك
رنيم بصدمة : هتحبسه كده من غير ذنب لمجرد انك تعمل اللى فى دماغك
داوود بحدة : زى ماحرمتينى من بنتى المدة دى كلها برضة لمجرد انك تعملى اللى فى دماغك .. واحدة بواحدة و البادى اظلم ، قلتى ايه
لتقول رنيم باحباط : هاجى معاك نجيب البنت
ليخرج داوود هاتفه و يقوم بتصوير اللوحة المعدنية الخاصة بالسيارة ثم يأمر السائق بالانصراف
ثم سحب معه رنيم الى سيارته ، ليجلسها بالداخل ، ثم يجلس الى جوارها و ينطلق بسيارته تحت مراقبة حبيب و يقين و سيلا اللتان ظلا يراقبان الوضع دون اى تدخل منهما ، ثم غادرا بعد ذلك ليلحقا برغدة
بسيارة داوود سالها قائلا : اروح على فين
رنيم و قد بدأت عينيها تمتلئ بالدموع : انت عاوز منى ايه بالظبط
داوود بخشونة يملأها الغضب : اروح على فين قلت
رنيم برهبة : المنصورة
داوود بسخرية : المنصورة .. قاعدة فين هناك و مع مين
رنيم بغضب : قاعدة مع هاجر و بنتى .. هقعد مع مين يعنى
داوود بتذكر : هاجر .. معاها تليفون
رنيم : ايوة
داوود : كلميها
رنيم : ليه
داوود بغضب مكظوم : حاولى تنفذى كلامى من غير اسئلة كتير .. اتصلى بهاجر و افتحى الاسبيكر
لتقوم رنيم بتنفيذ ما قاله داوود حرفيا : و ما ان سمعا صوت هاجر التى قالت : ايوة يا ست رنيم .. وصلتى بالسلامة
و قبل ان تنطق رنيم حرفا واحدا قال داوود بحزم آمرا اياها : انا داوود يا هاجر .. انا و مدام رنيم جايين فى الطريق .. هنبقى عندكم بعد ساعتين تقريبا .. على ما نوصل تكونى جهزتى البنت و حاجتكم عشان هنرجع على دمياط على طول
هاجر ببهجة : و النبى صحيح .. حاضر يا استاذ داوود من عينى ، هتيجوا بالسلامة تلاقوا كل حاجة جاهزة
و قبل ان ينهى داوود المحادثة سمع صوت الصغيرة و هى تقول : اكلم ماما يا هاجر
هاجر بلهفة : تعالى يا خوخة كلمى ماما و بابا كمان
لتمسك الصغيرة بالهاتف و تقول بطفولة تخلب الالباب : ماما تعالى بقى .. انتى أخرتى
رنيم و هى تمسح عبراتها : حاضر يا حبيبتى .. مش هتأخر
و بعد ان انتهت المكالمة الهاتفية .. يقول داوود بابتسامة شاردة : قولتيلها ايه عنى
رنيم : ماقلتلهاش حاجة
داوود : يعنى ايه ماقلتيلهاش حاجة ، اما بتقول بابا فين كنتى بتقوليلها ايه
رتيم ببكاء : ما سألتش و ما قلتش ، البنت ماتعرفش من الدنيا غيرى انا و هاجر و …
داوود : و مين تانى .. سكتتى ليه
رنيم : و بس ، و ماتفهمش اصلا كلمة بابا دى و لا تعرفها
ليصمت داوود بجمود و هو يختلس النظرات لرنيم ،
ثم قال لها بترصد : بقى صاحبتك كانت عارفة مكانك من يوم ما هربتى
رنيم برفض : ماحصلش .. رغدة لحد دلوقتى ماتعرفش مكانى ، و لا حتى نمرة تليفونى
داوود بسخرية : شوف ازاى ، اومال عرفتى ازاى ان مامتها ماتت بسرعة كده لدرجة انك تحضرى الدفنة .. ايه يعنى .. بتنجمى ، و اللا حاطة حد بيراقبنا
رنيم ببكاء : انا لنجم و لا بنيل .. كل الحكاية انى كنت بكلمها اتطمن عليها زى عادتى و حصل اللى حصل و هى معايا على التليفون
لينظر اليها داوود و هو يقيس صدق حديثها ، ليجدها تقول : انت عارف انى ما بعرفش اكدب
ليصمت قليلا ثم يقول : مابتعرفيش تكدبى ، لكن بتعرفى تخططى و تخبى و تهربى .. مش كده
رنيم ببعض الحزن : كل واحد عارف كويس اوى هو كان بيعمل ايه .. و اوعاك تنسى انى حذرتك
لينظر اليها بجمود ، ليجدها تنظر بعيدا بجمود ،
ثم وجدها اسندت رأسها الى النافذة باجهاد و اغمضت عينيها و استغرقت فى النوم ، و لم يكن يدرى ان كانت نامت حقا ام انها تقوم بادعاء النوم حتى لا يتحدث اليها مرة اخرى ، و لكنه بعد فترة قصيرة وجد رأسها قد تدلى منها ليعلم انها نامت بالفعل ، و انها متعبة للغاية حتى تستغرق فى النوم بهذا الشكل ، ليتنهد بحزن كامن بداخله و يقوم بصف سيارته على جانب الطريق ، و يهبط من السيارة و يتجه الى بابها ليفتحه بهدوء و يمد يده لتغيير وضعية مقعد رنيم و جعله اقرب ما يكون للفراش و اسند رأسها حتى اطمأن الى وضعية رأسها و اغلق الباب و عاد الى مقعده وراء المقود ، و قد كان فى قمة ذهوله عندما وجدها لم تنتبه على صوت ابواب السيارة المزعجة ، و لكنه استأنف القيادة و تابع طريقه و لاول مرة منذ اعوام تظلل الابتسامة شفتيه طوال فترة ذهابه الى المنصورة ، فكان اخيرا يشعر بارتياح كبير لوجودها الى جواره ، علاوة على سعادته لقرب ملاقاة ابنته التى لا يعلم حتى ملامحها الى الان
و عندما شارف على دخول المنصورة مد يده الى كتف النائمة بعمق الى جواره و بدأ بتحريكها بنعومة و هو يناديها برفق ، ليجدها فتحت عينيها و نظرت الى سقف السيارة من فوقها بتيه و كأنها قد نسيت كل ماحدث ، لتنتفض فجأة و هى تقول : فى ايه ، و ايه اللى عمل كده فى الكرسى
داوود دون ان ينظر اليها : مدى ايدك رجعيه زى ما كان.. و قوليلى امشى ازاى
لتنظر رنيم الى الخارج و هى تحاول التركيز .. طاردة النعاس عن عينيها ، ثم تقول : لف من اول ملف و خلي الكورنيش على يمينك

انت في الصفحة 19 من 21 صفحات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
6

أنت تستخدم إضافة Adblock

انت تستخدم اضافة حجب الاعلانات من فضلك تصفح الموقع من متصفح اخر من موبايلك حتي تقوم بتصفح الموقع بشكل كامل