منوعات

وتكابلت الذئاب عليها بقلم ميمي عوالى الثالث

ليفعل داوود مثلما قالت .. حتى سمعها تقول : العمارة الزرقا اللى جاية دى
داوود و هو ينظر الى المبنى بلهفة : اركن هنا و اللا فى ملف قريب
رنيم : فى ملف بعد حوالى خمسين منر
ليستمر داوود بطريقه حتى استدار و عاد و صف سيارته اسفل المبتى و هو يقول بحزم : انزلى
لتهبط رنيم من السيارة تحت انظار داوود و تتجه الى المبنى و هو من ورائها و يراقبها عن كثب ، حتى وصلت الى باب بعينه لتلتفت اليه و هى تقول بفضول : هتقول ايه لخديجة
ليبتسم داوود ابتسامة ملأت عينيه قبل شفتيه التى تمتمت باسم صغيرته بحبور ثم قال : هقول لها الحقيقة
رنيم برجاء : البنت لسه صغيرة اوى يا داوود و مش هتفهم حاجة
ليتظر اليها داوود نظرة لم تفهم معناها ثم سمعته يقول : ياللا خبطى و اللا افتحى ، مش هنقف قدام الباب بالشكل ده طول اليوم
لتقوم بدس مفتاحها بالباب و تفتحه بحذر لتسمع صوت الصغيرة و هى تأتى مهرولة و تقول بلهفة لطيفة : ماما جت يا هاجر
و ما ان دلفت رنيم من الباب حتى ارتمت الصغيرة عليها و هى تحتضن ساقيها ، ليتعجب داوود من ان الصغيرة قد راعت ان تتجنب عصا امها ، و كانت تنظر لاعلى بابتسامة واسعة و هى تقول : انتى النهاردة أخرتى اوى
لتنتبه الصغيرة على الرجل بجانب امها و الذى انحنى حتى جلس على ركبتيه امامها محاولا بكل قوته ان يمنع عبراته التى حولت لون عينيه الى لون احمر شديد و هو يطالع ملامحها بشغف كبير و قال : ماما اتأخرت النهاردة عشان تجيبلك معاها هدية حلوة
الصغيرة بتطلع : بجد يا ماما . طب هى فين الهدية
داوود و هو يمد يمينه و يمسك بكف الصغيرة : انا الهدية اللى ماما جابتهالك معاها النهاردة
لتنظر له الصغيرة بدهشة ثم نظرت الى امها قائلة بعدم فهم : هو ده لعبة جديدة يا ماما
ليبتسم داوود من شدة برائتها و يقول : لا يا حبيبتى .. انا مش لعبة ، انا بابا
الصغيرة : بابا .. هو انا عندى بابا زى نيمو
داوود بعدم فهم : نيمو
الصغيرة : ايوة نيمو السمكة و باباها مارتين
داوود ضاحكا : ايوة ايوة .. بالظبط كده ، انا بقى ابقى باباكى
لتنظر له خديجة و تقول : و اسمك برضة مارتين
داوود : لا .. بس قوليلى الاول ، انتى اسمك ايه
الصغيرة : اسمى خوخة
داوود : و كمان اسمك خديجة مش كده
الصغيرة : صح
داوود : طب اسمك بقى خديجة ايه .. تعرفى تقولى اسمك كله
الصغيرة : ايوة انا عندى اسم كبير اوى
ليقف داوود و يمد يديه و يحملها بحب ضامما اياها الى صدره و مقبلا وجنتها قائلا : طب ياللا قوليهولى بقى كده اما اشوف انتى شطورة اد ايه ، تعالى اما نقعد بس الاول ، ليجلس و يجلس اياها على قدميه بتملك حنون ، و هو يتظر اليها فى انتظار حديثها لتقول و هى تعد على اناملها الصغيرة : اسمى خديجة داوود جدو عابد المنشاوى
داوود ضاحكا : طب انتى شطورة اهو و عرفتى ان عابد ده يبقى اسم جدو ، يبقى كمان لازم تعرفى ان داوود ده اسم بابا ، يعنى انا بابا و اسمى داوود
كانت رنيم تقف تراقبهم فى حالة جمود تامة و بداخلها خوف شديد لا تدرى مصدره ، و لكن مع شدة خوفها .. كانت تشعر بركنا صغيرا بداخلها يشعر بالراحة و كأن حملا ثقيلا قد انزاح من فوق كاهلها ، و من وسط شرودها تنتبه على صوت هاجر و هى تقف امام داوود و تقول بتردد و رهبة : حمدالله على السلامة يا داوود بية
لينظر لها داوود بتوعد و يقول : خلصتى لم الحاجة
هاجر و هى تزدرد لعابها و تختلس النظرات الى رنيم : ايوة خلصت
لينظر داوود الى رنيم و يقول : محتاجة حاجة تانية من هنا
رنيم : انا ما ينفعش امشى بالشكل ده ، المفروض اسلم الشقة لاصحابها و كمان اعرف الشغل على الاقل انى محتاجة اجازة
داوود بصدمة : شغل .. سايبة مالك و ملكك و بتشتغلى عند الاغراب ، و اجازة ايه دى اللى بتتكلمى عنها ، الشغل ده انتى هتسيبيه نهائى
لتبتعد رنيم بعينيها عن نظراته بامتعاض ، ليقول لها بحزم : قدامك عشر دقايق تتصلى بصاحب الشقة و تعرفيه انك ماشية و تتصلى بصاحب الشغل و اللا مديرك و تقدمى استقالتك
رنيم باعتراض : الحاجات دى ما بتتاخدش كده
داوود و كأنه يقدم اقتراح قابل للدراسة : تحبى اسبقك انا و خديجة على دمياط على ما تسوى كل حاجة و بعدين تحصلينى براحتك
رنيم بصدمة : انت عاوز تاخد منى بنتى يا داوود
داوود و هو ينظر اليها بترصد : انا جاى عشان اخدكم انتم الاتنين مع بعض ، كون انك عندك هنا حاجات محتاجة وقت .. فانا ممكن اسمحلك تفضلى على ماتخلصيها براحتك و بعدين تحصلينى برضة براحتك
رنيم ببعض الحدة : انت كده بتلوى دراعى
داوود و هو يحذرها بعينيه من الاختلاف امام الصغيرة : خالص .. انا اديتك حرية الاختيار ، تقدرى تختارى اللى انتى عاوزاه براحتك على الاخر
لتجلس رنيم بضيق و تتناول هاتفها لتحدث كلا من مالك سكنها و صاحب العمل
و عندما فرغت من كل شئ قالت : انا هحصلك بعربيتى
داوود برفض وهو يحمل خديجة متجها بها الى سيارته : سيبى عربيتك هنا ، و هبقى ابعت حد يجيبها بعدين ، كده كده مش هتحتاجيها دلوقتى
و عندما جلس بالسيارة و الصغيرة على قدميه قالت بسعادة : هتخلينى اسوق معاك

داوود بحب : عاوزة تسوقى
الصغيرة : ايوه .. ماما مش بترضى تخلينى اسوق معاها
داوود و هو يقبل رأسها : هخليكى تسوقى شوية صغيرين عشان الظابط ما يزعقلناش ، بس لما نوصل البيت .. بكرة هجيبلك عربية تسوقيها و تلعبى بيها .. اتفقنا
الصغيرة بسعادة : اتفقنا .. بس هو احنا هنروح بيتك ده فين
داوود : ده بيتنا كلنا يا حبيبتى ، و لما تشوفيه هتحبيه اوى .. كبييير اوى ، و فيه جنينة و مرجيحة ، و عارفة كمان .. فيه فسقية هملاهالك كلها سمك ملون تلعبى معاه
لتقول رنيم بفضول : اومال السمك اللى كان موجود راح فين
داوود بجمود : فى حاجات كتير اوى اتغيرت
رنيم : حاجات ايه دى
داوود : مستعجلة ليه ، اما توصلى هتشوفى بنفسك
بعد فترة قصيرة يشعر داوود بارتخاء جسد الصغيرة على قدميه .. ليعلم انها نامت ، ليصف السيارة و يحملها بحنان مناولا اياها لهاجر التى كانت تجلس بالمقعد الخلفى و هو يقول بامر : بالراحة عليها .. خدى بالك منها و امسكيها كويس
هاجر : حاضر
و عندما شارفوا على الوصول مرة اخرى الى دمياط .. كان الليل قد ارخى سدوله ، و كانوا قضوا طوال الطريق فى صمت مطبق
و لكن رنيم عندما وجدت انها عادت الى وطنها مرة اخرى .. تذكرت رغدة .. فقالت بتردد : انا عاوزة اروح لرغدة
داوود : بكرة نبقى نروحلها
رنيم : النهاردة العزا .. و اكيد محتاجانى
داوود و قد تذكر انه ترك صديقه و لم يخبر احدا عن وجهته و لم يقم باداء واجب العزاء كما ينبغى ، فاخرج هاتفه و ناوله لرنيم و قال : و لو ماكنتيش رجعتى معايا كنتى هتعملى ايه اومال .. خدى اتصليلى بحبيب
رنيم : الباسوورد ايه
داوود بنبرة ملؤها العتاب : ما غيرتوش
لتنظر رنيم الى الهاتف الذى لم يكن نفس هاتفه عندما غادرته ، بل هاتفا احدث ، لتقوم بوضع تاريخ ميلادها كما كان هاتفه الاسبق .. لتجد ان الشاشة قد أضاءت امامها ، لتبحث عن اسم حبيب بيد مرتعشة و تقوم بمهاتفته ، و مدت يدها بالهاتف الى داوود الذى قال : افتحى الاسبيكر
و عندما جاءه صوت حبيب قائلا : ايه يا داوود طمننى .. شفتك خدت رنيم و مشيت .. عملت ايه
داوود : رجعنا مع بعض
حبيب بلهفة : بتتكلم جد
داوود و هو ينظر بجانب عينيه الى رنيم : ايوة هبقى احكيلك بعدين .. قوللى الاول عملتوا العزا فين
حبيب : فى مسجد البحر
داوود : ماشى .. احنا فى الطريق
وعندما وصلوا الى المسجد .. صف السيارة ثم التفت الى رنيم و قال بتحذير : لو فكرتى تكررى عملتك اللى عملتيها زمان مرة تانية .. هتندمى ندم عمرك ، ياللا انزلى ، ثم التفت لهاجر قائلا : خليكى انتى فى العربية عشان خديجة ماتتخضش من الزحمة ، و اياكى تحاولى تنزلى منها ، و انا هبقى قاعد عينى عليكى .. انتى فاهمة
هاجر بخوف : فاهمة
ليقول لرنيم مرة اخرى : ياللا انزلى .. باب الستات هناك اهو
كانت رنيم قد عادت لملابسها العادية ، و عندما دخلت الى العزاء عرفها كل من له صلة بها
لتقترب منها سيلا بلهفة و تحتضنها بشدة قائلة : رنيم .. حمدالله على السلامه
رنيم و هى تهرب بعينيها من نظرات الجمبع : الله يسلمك يا حبيبتى
لتجد يقين تنظر اليها نظرة متباينة مابين عتاب و اشتياق و أسى ، فتقدمت منها رنيم و وقفت امامها قائلة بخفوت : ازيك يا يقين
لتجد بقين تدير عينيها بعيدا و تقول : انا الحمدلله كويسة
لتقف رنيم ببعض الجمود ، و لكنها وجدت سيلا تسحبها الى اتجاه ما قائلة : تعالى يا رنيم .. رغدة قاعدة هناك اهى مع طنط علية
لتغض رنيم بصرها عن الجميع و تذهب تجاه رغدة التى كانت تجلس بصمت تام الى جانب علية ، و دموعها تغسل وجهها ، لتميل رنيم على علية مواسية اياها ، ثم تجلس الى جوار رغدة و تمد جناحها من حول كتفيها و تسحبها الى احضانها و هى تقول : انتى مش لوحدك .. انا جيت عشان ابقى معاكى
لتسند رغدة رأسها على كتف رنيم و تقول ببكاء خافت : اتأخرتى عليا اوى
رنيم باعتذار باكى على حال صديقتها : انا اسفة .. سامحينى ، اوعدك انى مش هسيبك تانى ابدا
اما بالخارج .. فقد جلس داوود الى جوار حبيب و رأفت و سامر بعد ان قدم واجب العزاء ، و قال لسامر و رأفت باعتذار : انا اسف انى سيبتكم فجأة بالشكل ده ، بس ما كنتش اقدر اعمل غير كده
رافت : لولا حالة رغدة ماكنتش سيبتك لوحدك
حبيب : انا فضلت واقف مستنى اشوفها هتسمع الكلام و اللا ايه ، لحد ما اتطمنت انها ركبت معاك
رافت : المهم الحمدلله اتصالحتوا
داوود : لسه .. لسه فى حاجات كتير اوى محتاج اعرفها و حاجات اكتر لازم اعرفهالها
سامر : المهم انكم توصلوا لنقطة تتقابلوا عندها يا داوود ، كفاية بعد لحد كده ، بلاش تبقوا بعاد عن بعض حتى بعد ما اتجمعتم من تانى
حبيب : سامر عنده حق يا داوود
داوود : ربكم ييسرها
رافت : اومال بنتك فين

انت في الصفحة 20 من 21 صفحات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
6

أنت تستخدم إضافة Adblock

انت تستخدم اضافة حجب الاعلانات من فضلك تصفح الموقع من متصفح اخر من موبايلك حتي تقوم بتصفح الموقع بشكل كامل