الفصل الثاني
عند صقر في القاهره
يقف صقر بهيبته و اهتمامه بعمله الكل يعرف طبيعه صقر الصارمة في العمل و جديته و كره للاخطاء.
انتهي صقر من مراجعة بعض الاوارق و قال لاحدي العمال : كده تماما الأوراق خلصت ، فيه اي مشاكل تانيه
اجابه العامل : لا يا صقر بيه كده تمام
اومأ له صقر متحدث: طيب لو حصل اي حاجه كلم كريم و هو يتصرف
– حاضر
قالها العامل بطاعه و انصرف لعمله، و
انقضي يومه الطويل بين الانتهاء من الاوراق المتأخره ، و الانتظار لتأخر وصول بعض السيارات النقل المحمله من خيرات اراضي الجارحي للتجار، لحرصه الشديد علي تواجده دائما و مباشرة اعماله بعينيه منعًا للأخطاء …
و عند اقتراب وصوله لبلدته هاتفه صديقه المقرب(كريم) ، الذي يعمل في الحسابات و تسليم الطلبيات للمصانع في وقت انشغال صقر، هو شخص مريح اصغر من صقر بسنوات قليلة، طويل، صاحب بشرة بيضاء و شعر اسود كثيف، و ملامح رجوليه هادئه.
قبل ان يتكلم صقر، بادره كريم بسؤاله: ايه يابني انت لحقت تيجي علشان تمشي
اجابه صقر بهدؤه المعتاد : خلصت اللي جاي عشانه، و انت عارف اني مش بحب اقعد في المدينه كتير، امال انا ممسكك الشغل فيها ليه
رد عليه كريم متفهما : طب كنت اقعد شويه ده انت واحشني
اجابه و هو يلوي فمه : ايه واحشني دي انت بتكلم صاحبتك
هتف كريم بخوف مصطنع: . خلاص يا عم لا وحشتني و لا عايز اشوفك ، انا غلطان اني كلمتك
اغمض عينيه لبره متآثرا بذلك الصداع الممسك برأسه من الصباح : لو ماوراكش حاجه تعالي فيه حسابات عايزك فيها
اجابه كريم : طيب، ها شوف الشغل اللي اللي عندي الاول، اخلصه و اجيلك.. سلام
انهي صقر مكالمته و عاد براسه للخلف قائلا للسائق: شهل شويه يا عوض
اجابه عوض على الفور: اوامرك يا صقر بيه
،،،،،،،،،
اما في البيت الكبير
منذ الصباح و يقف عتمان مستمرا بتوجيهاته للخدم : جهزوا جناح حفيدتي، عايزه ما ينقاصوش حاجه ، و فيه عمال خصوصي هما اللي هايجو يركبوا الاوضه
اجابته احداهن : . حاضر يا حاج
اقترب رحيم من والده، ملاحظآ ابتهاج ملامحه و الابتسامه التي لم تفارق وجهه : ايه اللي مروق بالك كده يا بوي ، فرحني معاك
اجابه بعينين تلمع من السعادة و الحنين: . حفيدتي راجعه يا رحيم، و هاملي عيني منها ، ايه ما فرحش و لا ايه
اجابه رحيم مبتسماً: لا يا بوي افرح طبعا، ربنا يفرحك دايما ، بس
توقف رحيم عن تكمله حديثه، مما اثار انتباه عتمان متسائلا: بس ايه يا رحيم
– ايناس و سعاد يا حاج قلقان منهم كل ما تيجي سيرتها وشهم يجيب الوان ، و اكيد انت كمان خدت بالك
احتدت ملامح عتمان و هتف بصوتآ حادآ : دي حفيدتي اللي اتحرمت منها عمرها كله ، و زي ماليهم في البيت ده ليها هي كمان، من ماتي الحريم عندنا بيمشونا علي مزاجهم
تحدث رحيم بحذر من انفعال والده : انا ماجصدش يا بوي انا بس خايف يضايقوها ، و كمان احنا مانعرفش طباعها دي عاشت عمرها بره و اول مره تيحي هنا ، خايف ماتطبعش بطبعنا بس انا اكيد فرحان دي بت اخوي و لحمي برضو
لوح عتمان عتمان بعكازة و قال : محدش ها يضايقها و لا يقدرو، و تتطبع بطبعنا واحده واحده ، انا ما صدقت انها جايه، ده انا كنت قربت ايأس من كتر المحايله عليها
– بصراحه يا بوي و انا كمان، ده احنا بقالنا شهور بنحاول مع المحامي بتاعها، و اكتر حاجه حازت في نفسي انها ما كانتش راضيه تتواصل معانا ابدا
تحرك عتمان بخطوات تناسب عمرة و جلس، صدرت منه آه خافته تعبر عن تعبه : انا مأقدر يا بني، خايفه و انا عازرها، هي ماتعرفناش و لا عاشرتنا، بس لما تيجي هاتعرف غلوتها زين
استند بذقنه على عكازة مكملآ:
ها اعوض بيها فراق ولدي اللي كل يوم اقوول يارتني كنت وافقت علي جوازته بدل فراقه السنين دي كلها، علشان اكده بته لازم تكون ف حضني في أمان دي بت الجارحي
ثم تابع قوله بصوتآ لا يقبل جدال: و قول لمرتك توعي سعاد و بتها، ان اللي ها يدوس علي بت ابني علي طرف يا ويله من غضبي
حرك رحيم رأسه متفهمآ: حاضر يا بوي كل اللي انت عايزه ها يحصل
،،،،،،،،
اما علي الجانب الآخر
تدور في انحاء الغرفه دون هواده، منفعله بغضب مكبوت دون القدرة علي اظهاره
هتفت ايناس بضيق : شوفتي يامه جدي عمل اللي في دماغه، و هايجبها برضو
اجابتها سعاد و هي متربعه على الاريكه العربي : جدك و عارفينه، اللي عايزه بيعمله بس انا عايزاكي تسيبك منها ، و مالكيش دعوة بيها، خليكي انتي بس مع صقر و ركزي معاه
انتبهت اليها و تسائلت : ازاي ، ماله صقر
لوت شفتيها و لوحت باحدي يدها : يعني إحنا ما نعرفش اللي جايه من بلاد بره دي عامله ازاي، و يمكن تكون خوجايه تلف عليه ، و ما تطوليش حاجه في الاخر
احتدت ملامح ايناس بغضب و هدرت منفعله : ده انا امو*تها قبل ما تفكر تاخده مني
مش كفايه خدت ابويا ، ها تاخد صقر كمان
قالت سعاد مؤكده علي ابنتها : ببقي تركزي معاه ، جري كلامه في اي حاجه ، عجبتيني لما مشيتي وراه توصليه يابت ، جدعه خليكي دايما كده
ارتسمت علي ملامحها بعض الخيبه و تحدثت : مانا عملت كده كتييير و هو اللي يصدني، و في الاخر قالي انتي زي زهره
اغتاظت سعاد رافضه المبدء و هتفت في اذن ابنتها مؤكده : زهره ايه ان شاء الله، انتي تعملي اللي هاقولك عليه، و ما تبقيش خايبه زي امك
قاطعتها دخول امل قائله ل إيناس :
انزلي يا ايناس ساعدي زهره و ام محروس في الغدا ، عشان معاده قرب،
و انتي يا سعاد ما تمليش دماغ البت من اختها من قبل ما تيجي
وقفت سعاد ملوحه بيدها بحده : ايناس مالهاش اخوات، و بلاش تكلمي في الموضوع ده يا امل علشان ما نزعلوش من بعض
حركت امل رأسها بقله حيله و قالت في نفسها : ربنا يهديكي ياختي انا خايفه عليكي من غضب عمي ده بياكل الاخضر و اليابس
،،،،
عاد صقر للبيت بعد يوم طويل و مرهق
و كا عادته طرق باب جده و دخل، اغلق الجد المصحف الشريف، و مسك السبحه بين اصابعه متمتمآ بذكر الله.
خطي صقر حتي جلس بجانبه مقبلآ يديه متسائلا : صحتك عامله ايه يا جدي
ابتسم له الجد مربتآ علي يده: اني زين يا حبيبي ما تقلقش، اتاخرت النهارده ليه
اجابه صقر: كنت عايز اخلص كل اللي ورايا، عشان افضي لمشوار بكرة
– المحامي ما كلمكش تاني
حرك راسه باالايجاب و قال : لا، كلمني أكد عليا ان حد يستناها في المطار بس، و انا قولتله اني ها كون في انتظارها
اغمض الجد عينيه لبره قائلا: و كأنه بكرة بعيد اوي يا بني
ابتسم صقر حتي اصبحت ملامحه اكثر جاذبية و عينيه هادئه: تكونش حبيبتك هي اللي جايه
ابتسم له و قال : حبي انا نوع تاني يابني و انتظارة صعب برضو، بكرة لما تعشق ها تعرف طول الوقت في الانتظار
– و ليه احب اللي تخليني انتظر!
– و هو العشق في ليه؟ لما تجربه هو اللي ها ينسيك طول انتظارك
ضحك صقر و قال: كنت رومانسي انت يا جدي مش اكده
ابتسم بحنين و قال – كنت مع ستك حاجه تانيه ، الرجاله يخافوا مني و ما يكتروش كلام معايا، الا هي، تتكلم زي ما هي عايزة و انا اسمعها، اوقات يكون كلام مالوش عازة بس مهم عندها هي و عايزة تحكيه ليا انا بالذات
استقام صقر مقبلا راسه مداعبآ: انا عارف ان لما بتيجي سيرة سيتي يبقي القاعده صباحي ، خدني چارك بقي
ضحك عتمان و قال: مش انت اللي بتتحدت، يالا روح ريح جسمك و نام كفايه عليك كده
اطاعه صقر و تحرك للخارج..
دخل لغرفته و بمجرد ما تمدد ، داعبه حديث جده، بكلماته المعتادة عن العشق ، خطر في عقله ابنته عمه القادمه غدآ، مفكرآ كيف تكون ، هل ستكون أجنبيه منفتحه صعبه الطباع! وكيف شكلها الذي لا يعرفه للان ، استمر في تفكيرة حتي غلبه النوم و راح في سبات عميق
يتبع