الفصل الرابع
دخلت كارما الي غرفتها، وقفت بمنتصفها تتأمل اثاثها العصري ، و الذي يتمتع بطابع انثوي بألوانه الزاهيه، فتحت الشرفه المغلقة فا ضرب وجهها الهواء المشبع برائحة الياسمين المتواجد بالقصاري علي سور شرفتها.
التفت علي صوت زهرة و اقتحامها لغرفتها قائله بابتسامة: الغدا جاهز و جدي مستنيكي
قالت كارما : طب ممكن اغير هدومي بس
اجابتها زهرة بلطف: اكيد طبعا… خلصي و إحنا مستنينك تحت
لم تستغرق كارما الكثير من الوقت، بدلت ملابسها بفستان رقيق و احتفظت بحجابها الملائم له.
اغلقت باب غرفتها من خلفها، و احتارت من اي اتجاه تتحرك، قابلتها زهرة متسائله: وقفه كده ليه احنا مستنينك
اجابتها كارما بقليل من الارتباك: البيت كبير جدا و مش عارفه امشي من اي اتجاه
ضحكت زهرة و قالت مداعبة: اوعي يكون العيون الحلوة دي بتحسد
ابتسمت كارما و قالت: لا مش قصدي
قاطعتها زهرة: بضحك معاكي يابنتي
، يالا عشان جدي كل شويه يسأل عليكي
كارما: طب يالا بينا
تحدثت زهره مسترسله: انا مبسوطه اوي انك جيتي و يكون لي صحبه بدل مانا بنش كده
تسائلت كارما بأهتمام: هي ايناس مش عايشه هنا
_ لا عايشه معانا طبعا هي و مرات عمي اللي هي بالمناسبة تكون خالتي برضو
اومأت كارما برأسها متفهمه: ايوة، انا عارفه بابا اللي يرحمه قالي
اكلمت زهره حديثها : ا نا و ايناس مش صحاب اوي ، من صغرنا الحقيقه، هي ليها دماغ و انا ليه دماغ تانيه
قابلو في الطريق صقر ، بعد ما بدل ملابسه لاخري ، الجلباب و العباءة المفتوحة من فوقها مما اعطاه جاذبيه و هيبه.
تطلعت له كارما باستغراب و رمشت بعينيها عدة مرات، لم تستطع اخفاء دهشتها منه، و كأنه شخص آخر غير ذلك الذي رأته في الصباح .
لاحظ هو استغرابها و لم يبد اي ردة فعال حيال ذلك
_ صقر كمان نازل اهو … هو انت خارج
قالتها زهرة و اجابها صقر بأختصار: ايوة
نزلو جميعا للغداء و تجمعوا حول مائده تحتوي علي ما ألذ وطاب من الاكلات الشهيه
بدءت الاحاديث و الترحيب بها و تسائلت زهرة : بس انتي بتتكلمي عربي حلو يا كارما
اجابتها كارما بعد ما ابتلعت ما بجوفها : بابا كان دائما يكلمني مصري، و معظم صحابي هناك كانوا عرب.
اكملت زهره : طب و الحجاب؟
تسائلت كارما : ماله
وضحت زهره بلطف: يعني ماتوقعتش انك هاتبقي محجبه بصراحه
تدخلت ايناس و قد طفح بها الكيل من ترحيبهم و حديثهم معها، حتي هي نفسها طفح بها الكيل من قبل ان تكمل حتي 24 ساعه فماذا ستفعل و هي عائده لهنا للابد
كان صوتها به بعض الحده لم تستطع اخفاءها: تقصد انك خواجايه تربيت اجانب يعني و الخواجات ما بيهتموش بالحاجات ، فا لو انتي لابساه عشان جايه الصعيد قولي احنا مابنحبش التزييف
عم الصمت المكان و العيون ملتفه علي ايناس و كارما ، التي اتصدمت من هجوم ايناس المفاجئ لها
و قبل ان يبدء الجد في تعنيفها
خرج صوت كارما بثبات : انا مش خواجايه، انا و انتي من نفس الاب، وأمي الله يرحمها عربيه مسلمه، و ابوايا علمني اني مسلمه مصريه صعيديه ، و دايمآ كان بيوجهني و يكلمني في الدين، و انا اللي اخترت اكون محجبه، يعني ماتقلقيش انا محجبه من اكتر من ست سنين .
كتمت زهرة ضحكتها و نظرت في صحنها ، قضمت ايناس علي شفتيها من استطاعتها لجذب الدفه اليها و وكزتها والدتها بضيق لتسرعها.
و قال عتمان بأعجاب بها : عرفت تربي يا عادل، ربنا يبارك فيكي يا كارما ربنا يزيدك يا بنتي
ابتسمت له كارما، شاعرة بهذا الكم الهائل من الحنان موجه اليها منه في كل مرة تراه ينظر اليها .
و لم ينتبه احد من نظرة الإعجاب الخاطفه، مجرد نظرة اهداها اليها صقر دون ان ينتبه له احد.
انتهي الغداء وذهب صقر لعمله فهو يحب التواجد في ارضه عند شجره محدده كبيره وعتيقه فهي تشبه جده بشموخه فهو يعشقه…
،،،،،،،
آه اصدرتها ايناس و هي تدلك ذراعها اثر تلك الوكزه القويه من والدتها معنفه اياها قائله: انتي يابت اتهبلتي في عقلك ايه اللي هببتيه تحت ده
قالت إيناس ملوحه بيدها في عناد: ايه ياماما انا عملت ايه يعني
جزت سعاد علي اسنانها قائله: عملتي ايه، انتي لسه بتسألي، كان لازمته ايه الدبشتين اللي رمتيهم تحت
اغتاظت ايناس هاتفه: و انتي بدافعي عنها و لا ايه
_ يا بت انا لا بدافع و لا نيله، انتي ماشوفتيش بصت جدك ليكي كانت ازاي، مش عايزاه يشيل منك يا هبله
جلست ايناس علي حرف الفراش تقضم في اظافرها قائله: غصب عني شوفتي اهتمام كل الموجودين بيها، شوفتي جدي طاير بيها ازاي ، شوفتي هي عامله ازاي، كنت حاطه كل أملي تطلع اجنبيه و لبس مكشوف، يحسوا انها غريبه عننا مش من توبنا
ثم ضربت كفيها ببعضهم: دي كأنها جايه و قاصده تلحس دماغ جدي
جلست والدتها قبالتها و قالت بتريث: يابت اعقلي و ما تكرهيش اللي حواليكي فيكي، طول عمرك نفريه و ده طبعك، بس دلوقتي ماينفعش لازم تهدي و اعملي اللي انتي عايزاه برضو بس في الروقان من غير جدك ما يدري
ضمت شفتيها و قالت بخوف: انا مش خايفه من جدي، انا خايفه علي صقر
_ يبقي تركزي معاه، طول ما هو هنا تبقي زي ضله، و انا ها لمح لأمل كده من بعيد في موضوعكم
انتصبت ايناس واقفه بفرح: بجد ياماما و النبي
_ايوة، بس عاوزاكي تسمعي كلامي و تنفذيه حرف حرف ماشي يا بت بطني..
اومأت ايناس برأسها موافقه ، مستمعه لوالدتها بانصات……..
،،،،،،،،،،،،،،
لم تغادر كارما جدها فقد جلست معه في بهو المنزل الواسع، تستمع لحكاياته مع والدها و شبابه و حكايات عن البلد مع بعض الصور.
انتبهت لتلك الصورة فا مسكتها و قالت متسائله: مين دول يا جدو فيه شبه منك
ضحك الجد و استند براسه علي عكازة و قال: دي ضحي مرتي الله يرحمها
_دي كانت جميله اوي
ابتسم بحنين و قال : ماكنش في حد في جمالها، يوم ما قابلتها اول مرة كانت لسه بضفاير، و قعت في عشقها علي طول و قولت لابويا يطلبهالي، مع اني كنت خايف ترفضني
كانت كارما مولياه كامل انتباها بتركيز شديد، سارحه بحكايته و طريقته في سردها
تسائلت بخفوت : كنت خايف ترفضك ليه
ضحك بخفوت و قال : اصلي ماكنتش من الشباب الحليوة ، و لا من اللي كان يعرف يقول كلام عشق يميل بيه القلب، فا قولت هاترفضني خصوصي و أني طول عمري شديد و ماسك شغل ابوي من صغري فا تلاقيني جد و ماليش في المياعه
ضحكت كارما و قالت تحثه بمنتهى الفضول : و بعدين ياجدو.. كمل
_ وافقت بيا و لاقيتها كانت عاشقاني ، و اتعلمت… اتعلمت قصاد عنيها اسيب حالي يقول اللي جوايا و لاقيتني عرفت اقول كلام العشق و الغزل.
ارتسمت علي ثغرها ابتسامه جميله و كأنها تستمع لاروع قصص العشق في زمانها، لمعت عينيها و هو يسرد قصته بقلب لم يمر عليه الدهر بعد .
اقتحم رحيم جلستهم و شاركهم الاحاديث مع بعض الذكريات مع زوجته و ابنته و قد غابت سعاد و ابنتها عن الانظار.
انتهي اليوم و صعدت كارما لغرفتها، فتحت شرفتها ووقفت تستقبل رائحه الياسمين بأنتعاش، و عنييها مبصرة المدي المظلم امامها الا من النور المحيط بأسوار السرايا و حديقتها، انقلبت حياتها رأسآ علي عقب من بعد وفاة والدها في البدايه و بعدها وفاه والدتها التي اوصتها للعودة لاهل والدها، لا تنكر ابدا خوفها من قدومها في البدايه لكن إصرار جدها و رسائله الملحه لعودتها، اعطتها بعض الامان لقرار العودة، و اليوم و قد عادت لمسقط رأس والدها ، شعرت بذلك الحنان المتدفق من عائلتها و ترحيبهم بها و خصوصا الجد و سعادته بقدومها…
انتشلها من تفكيرها صوت السيارة بأبواقها العاليه امام بوابة السيرايا، ترجل منها صقر و اعدل من عبائته حول احدي كتفيه، ارتفعت عينيه لأعلي فا قابلته في شرفتها، توقفت عينيه لأعلي دون ان تحيد ، مما اربكها فا تململت بوقفتها و قررت الدخول و لكنه استبقها ، بدخوله بخطوات واسعه للسرايا.
اغلقت الشرفه من خلفها و ارتمت علي فراشها بأرهاق تغلب عليها و سحبها في سبات عميق بعد مرور يوم طويل ، اول يوم وسط عائله الجارحي.
يتبع…