منوعات

قيد ابدى

خطا باسم خطوة إضافية نحوها ، مبتسمًا بابتسامة غامضة احتبست انفاسها منها ، بينما عيناه تتلألأان بمكر عابث ، قائلاً بنبرة خافتة جريئة : ضيوفي ما بيلاقوش الراحة غير في حـ,ـضني يا حبيبتي…

شهقت ابريل بخفة وارتبكت لوهلة ، تمالكت نفسها بنبرة تجمع بين الخجل والغيظ : احترم نفسك .. واكلم جد شوية بقا

_واحد عازب هيحتاج أكتر من سرير في البيت ليه يا ابريل؟

توسعت ابتسامته مستمتعاً بمشاهدتها تهرب من نظراته ، مثل فرسة جامحة تحاول الإفلات من خيالٍ يعرف نقاط ضعفها ، وفي صمتها العاجز ، أضاف بخبث : ناوية تقضي الليلة وقفة مكانك كده .. ولا تحبي أشيلك زي ما شيلتك يوم الموقع على كتفي .. بس برومانسية المرة دي؟

تراجعت ابريل خطوتين بتوتر ، وهي تلعق شفتيها ، واتجهت لتجلس على كرسي السفرة ، متظاهرة باللامبالاة رغم اضطراب نبضاتها المتزايدة بعنف من جراءته اللامحدودة : ممكن تبطل البواخة دي

اقترب باسم منها ، ليجلس على حافة الطاولة بتمهل واضعًا مرفقيه على فخذيه ، وبنبرة تكاد تمزق أسوارها الدفاعية همس : فيها إيه لما أشيلك؟ مش العريس بيشيل عروسته الليلة دي؟ ولا لسه بتتوتر مني؟

ابتلعت إبريل ريقها ، مستشعرة اهتزازات توتر تعصف بمعدتها ، وسألت بثبات نسبي : وانا هتوتر ليه؟

انحنى باسم أكثر نحوها حتى أصبح فمه على بُعد أنفاس بسيطة من أذنها : معرفش واحنا لوحدنا… بحسك متوترة بزيادة

التفتت ابريل إليه فجأة ، لتجد وجهه قريبًا من وجهها بشكل يكاد يعطل عقلها ، وعيناها تعلقتا بعينيه للحظات ، قبل أن تفر بنظراتها إلى الأمام ، متلعثمة بصوت منخفض : لا .. أصلاً مفيش حاجة فيك بتحرك أي إحساس جوايا بالتوتر يعني

تململ باسم بابتسامة جانبية : بجد؟

_ايوه!

أجابت ابريل بإصرار ، لكن اضطراب حركتها يمينًا ويسارًا بعشوائية فضحها فأطلق ضحكة جذابة ، وقال بهدوء : خلاص .. مصدقك

أراح باسم يده برفق على كتفها ، مقترحًا بنبرة هادئة تعكس الاطمئنان : بالمناسبة .. لو حابة تاخدي شاور؟

انتفضت ابريب بسرعة فارتطمت ركبتها بالطاولة ، وأمسكتها بتألم ، ولا شعوريًا استندت علي فخده ، في حين هو بقي متسمرًا ، يراقبها بعينين تعكسان حرارة غلفت جسده ، وعندما التفتت مجددًا ، ووجدت وجهه قريبًا ، تراجعت قليلًا مترددة ، فخفضت كفها عن فخذه ، لتجد نفسها تجلس على قدمه ، نظرت له مذهولة ، ليتمتم بصوت يشتعل بشغفه الجارف لها : زي ما قولتلك .. انتي متوترة .. وبتوتريني معاكي كمان

نهضت ابريل عنه وتراجعت خطوتين إلى الوراء ، تتملكها مشاعر الحرج ، بينما ابتسم لها بدعابة وحنان مردفاً : وبعدين ماكنتش اقصد حاجة من اللي دماغك .. يعني بقول ان كل واحد فينا بعد اليوم الطويل دا محتاج دوش يريحه ولا ايه؟

أغمضت ابريل عينيها متنهدة بقوة دون أن ترد ، محاولة تفريغ شحنة التوتر المتراكمة داخلها ، وبعد لحظة من الصراع الداخلي ، تحركت بإستسلام نحو غرفة النوم ، تسحب حقيبتها الضخمة على المزلاج خلفها ، وهي تهمس في سرها بكلمات لاذعة بسبب تلاعبه الذي أثار حنقها.

توجهت إبريل إلى الحجرة الصغيرة المخصصة للملابس ، ذات التصميم الزجاجي الذي كان يعكس نور الغرفة الخافت ، لكن شيئًا ما عاق حركتها ، استدارت برأسها لتجد فستان زفافها قد تشبث بطرف الباب الجرار ، فحاولت جذبه بحذر ، لكنها لم تنجح.

في تلك الأثناء ، دخل باسم ، وهو يفك ربطة عنقه ، وألقى بها على الأرض بإهمال ، محدقاً فى مشهد الفستان العالق ، ثم أكمل سيره موجهًا حديثه إليها بنبرة ملؤها الشماتة لا تخلو من العجرفة : خدي بالك لا يتقطع .. أنا دافع فيه دم قلبي

نفخت ابريل بغضب ، ثم ردت عليه بعناد متمرد : خليه يتقطع مايهمنيش .. انا اصلا مش طايقة الفستان دا عليا وكارهه افضل بيه اكتر من كدا .. وماهصدق اقلعو وارميه بعدها في الزبالة!!

زم باسم فمه وهو ينزع سترة البدلة ، عازمًا على التعامل معها بنفس أسلوبها ، ثم صاح بنبرة مشوبة بالسخرية : وأنا كمان كاره البدلة دي .. والليلة كلها كانت حجر على قلبي .. يلا خلينا نرميهم في زبالة واحدة

أنهى جملته ليرمى السترة عليها بقوة ، شهقت إبريل بتفاجئ مكتوم من حركته السخيفة ، لتبعد السترة عن وجهها وشعرها الذي تبعثر ، ثم ألقتها بقهر مغتاظ على الأرض ، وعادت تحاول جذب الفستان مرة أخرى.

من خلفها هتف بحنق لاذع ، وهو يرفع مرفقه على الرف بجانبه : طلعت روحي طول اليوم معاكي .. وانتي التماثيل اللي في المتحف فيهم روح عنك

توقفت يديها عن الحركة ، وعينيها اتسعتا بنظرة مستنكرة نحوه ، ولاحت ابتسامة مبهمة على شفتيها ، ثم حدقت نحو الفستان ، وسحبته بقوة لتخرجه من أسره ، قائلة بنبرة ناعمة خبيثة : تصدق .. شفقت عليك يا مسكين .. ويا ترى ناوي تطلقني إمتى عشان ترتاح من المجهود الجبار دا؟

قال باسم بلامبالاة مزيفة : ما قدمناش غير الصبر يا مراتي الحلوة .. مش يمكن انتي اللي ماتقدريش تستغني عني ثانية واحدة؟

أعترضت بإصرار مغتاظة من عجرفته وثقته : مظنش إن دا هيحصل

_هعمل نفسي مصدقك مؤقتًا.. لحد ما الأيام تثبت العكس

_طب ممكن تتفضل عشان أغير الفستان؟

_لو تحبي أساعدك .. معنديش مانع

_باسم!! اخرج برا عشان أنا بدأت اتوتر بجد

تهربت ابريل بإنزعاج خجول من براثن جراءته ، وهي تعقد ذراعيها تحت صدرها ، بينما اتسعت ابتسامته المهلكة لتفصح عن استمتاعه الشديد بالموقف : ماشي .. هسيبك تاخدي راحتك

هكذا تحدث باسم بضحكة ، وهو يسير نحو باب الغرفة ، ثم أخرج المفتاح من القفل ، وتابع بابتسامة لاذعة : بس عشان دماغك الحلوة ما توزكيش .. هخلي المفتاح معايا

دبت إبريل بقدميها في الأرض غيظًا بعد خروجه ، قبل أن يقع بصرها على ثوب نوم فيروزي على علاقة خشبية مغرٍ جداً و ذو ذوق فريد ، مفرود بعناية على السرير ، فشعرت بحرارة تصعد إلى وجنتيها ، متذكرة جرأة باسم في اختياره.

استحضرت في ذهنها ذلك اليوم حينما اشتراه لها ، وكيف اندلعت بينهما مشاجرة لطيفة عندما أبدت اعتراضها على جرأة الثوب.

flash back

في سيارة باسم قبل الفرح بعدة ايام

لم تكد إبريل تستعد للنزول حين أوقفها صوته الهادئ : قبل ما أنسى .. استني

استدارت إليه بحيرة ، وعلامات الاستفهام تتلألأ في عينيها : في إيه؟

مدّ باسم يده نحوها بكيس مصنوعًا من ورق مقوى ذو لون بيج دافئ ، متمتماً بنبرة هادئة : اتفضلي

اخذته ابريل بتردد ، وتساءلت بفضول متوجس : إيه دا .. في إيه جواها؟!

_هدية بسيطة .. افتحي وشوفيها بنفسك

لم تشعر بالارتياح تجاه تلك الابتسامة الجانبية التي ارتسمت على فمه ، إذ أثارت في أعماقها أمواجًا من الشكوك والتوتر ، سرعان ما استسلمت لفضولها ، وبأطراف أصابعها أخرجت قميص نوم مثيرًا ، مصنوعًا من قماش الدانتيل الشبكي ، بلون أزرق مخضر يتمايل بتدرجاته مع لون عينيها التي ازدادت اتساعًا من الصدمة.

اشتعلت في قلبها نار من الحياء ، وتسللت حرارة قوية إلى وجهها المحتقن ، لكن ببراعة رسمت ابتسامة خجولة على شفتيها ، قائلةً بإعجاب : واو .. إيه اللون الحلو دا؟!

زوى باسم حاجبيه بتعجب مشوب بالشك ، فقد كان يتوقع ردة فعل معاكسة تمامًا ، لكنه سألها بخبث مثير : عجبك ذوقي؟ تخيلته عليكي لما شوفته .. ومتأكد هيبقى يخبل علي جسمك الحلو

استمعت ابريل إلى مغازلته الجريئة ، ووجنتاها تتقدان بخجل عارم ، ولم تستطع أن تبعد نظرها عن القميص الذي بين يديها بذهولٍ يغمرها ، ثم ، خفضت رأسها وابتسامة غامضة تتسع على شفتيها الرقيقة ، مما جعله يتابع : وعلى فكرة جبت الطقم كامل

_وانت اشتريته إمتى دا؟

انت في الصفحة 8 من 19 صفحات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
0

أنت تستخدم إضافة Adblock

انت تستخدم اضافة حجب الاعلانات من فضلك تصفح الموقع من متصفح اخر من موبايلك حتي تقوم بتصفح الموقع بشكل كامل