منوعات

غرام فى المترو بقلم ولاء رفعت من الاول للرابع

“تسلم يا عم حمدي”

و بعد قليل… خارج القسم تمسك هند بورقة

“شيلي صورة المحضر دي معاكي وخبيها لأحسن خالتي عزيزة تشوفها، و خليكي في البيت لحد ما هانشوف أخرة الشيطان رجب ده هتبقي إيه”

※ ※ ※

ترتدي الحجاب أمام المرآة، تمسك بطرفه وتخبئ نصف وجهها، لا تظهر سوي محيط عينيها حتي لا يتعرف عليها أحد من الشباب والرجال كما تفعل علي مقاطع البرنامج الشهير.

تبتعد بمسافة وتلقي نظرة علي العباءة القطنية التي تلتصق بكل إنش بجسدها و نسيج القماش الشفاف يظهر ما أسفله كما جاء إليها في التعليمات من نيكول.

تقف أمام حامل الهاتف المثبت، تضغط علي الإضاءة وترسل إليها رسالة صوتية

“أنا جاهزة يا مدام نيكول”

جاء الرد كتابياً

“تمام، أول ما يچيلك إتصال cam أفتحي في الحال، چاهزة؟”

“أيوه جاهزة”

جاء لها بالفعل مكالمة مرئية من متصل مجهول الهوية، قامت بقبول الاتصال، لم ترَ سواها حيث المتصل يراها و هي لا تراه، جاء صوت رجولي بلهجة عربية

“ابغي ترجصين هالحين”

و كالآلة دون إرادة تنفذ الأمر كما يقال إليها، أخذ ترقص و تميل بحركات خليعة حتي ألقي عليها أمراً آخر

“أخلعي هذي العباية وأرجصين”

اذعنت إلي الأمر دون تراجع فالطمع لديها من أطل حفنة دولارات جعلها تتخلي عن خجلها مع كل قطعة ثياب تخلعها.

ظلت تنفذ دون اعتراض حتي جاء الأمر الأخير وهو أن تقف أمام الكاميرا بدون ملابس تماماً، توقفت لاستيعاب الأمر ولم تلبي نداء المتصل العربي حتي جاءت إليها رسالة من نيكول تخبرها بالآتي

«ليش ما بتردي علي الزلمة؟… هاد إتفاق من الأول بيني و ما بينك و أنتي وافقتي عليه… لو انسحبتي تخسري كل شىء… الدولارات وسمعتك يا حلوة لما العالم يتفرچوا علي المقاطع تبعك»

هذا تهديد صريح و عليها أن تتجنب حدوثه، فهي من اختارت هذا الطريق الخبيث وعليها أن تتراجع مع قليل من الخسارة بدلاً من التمادي مع كم هائل من الخسائر الفادحة.

«؟»

علامة استفهام تنتظر إجابة محددة منها، وقفت أمام الكاميرا وتحاول منع دموعها في التساقط، تمد يدها إلي حمالة صدريتها اليمني ثم اليسرى ثم مدت يديها إلي خلف ظهرها لتتحرر منها، احتضنت جسدها لإخفاء ما ظهر منها حتي جاء إليها الصوت آمراً

“و أخلعين القطعة الثانية الحين”

※ ※ ※

“السلام عليكم يا عم رمضان”

ألقي جمال التحية علي والد هند والذي رحب به بحفاوة

“يا دي النور، يادي النور، ده المحل نور”

“منور بيك يا عمي”

جذب الآخر كرسي وأشار نحوه إلي جمال

“أقعد لما أجيبلك ساقع”

“مفيش داعي يا عمي، أنا مش غريب”

“لا غريب إلا الشيطان يا بني، أنت في مقام ابني اللي مخلتفهوش”

“ده شرف ليا يا عمي، ربنا يباركلنا فيك”

فتح رمضان ثلاجة المشروبات الغازية و أخذ أسطوانة مشروب شهير وأعطاه إلي الآخر

“أفتحها وأشربها قبل ما تسخن، خطيبتك أول ما بترجع من الشغل تيجي تاخدلها واحدة و تخلصها في بوق واحد”

ضحك جمال فهو علي علم بعشق خطيبته للمشروبات الغازية

“حضرتك هتقولي عليها، ما أنا عارفها، يلا خليها تشرب براحتها و أول ما نتجوز هخليها تبطلها عشان صحتها لما تكون حامل”

“يارب يا بني يتمملكم جوازكم علي خير، و تملوا علينا البيت عيال”

“ما أنا جايلك يا عمي بخصوص موضوع جوازنا”

استمع الأخر إليه باهتمام بالغ

“خير يا جمال يا بني، لسه ما لقتش شقة للإيجار و لا فيه حاجة تانية؟”

نظر إلي أسفل والحرج علي ملامحه ونبرة صوته يشوبها الخجل

“أنا عارف حضرتك صابر عليا كتير أكتر من سنتين مهلة عشان ألاقي شقة إيجار، و للأسف مش لاقي حاجة تناسبني أنا وهند أو تناسب المبلغ اللي معايا”

“أنا عارف ومقدر ظروفك، عشان كدة عرضت عليك تتجوزوا و تعيشوا عندي، وخالتك أم هند تراعيكم وتاخد بالها منكم”

تبدلت ملامح جمال من الحرج إلي الامتعاض

“لاء طبعاً مش أنا اللي أقبل أعيش في بيت أهل مراتي”

“يعني إحنا غرب بالنسبالك؟”

“أبداً والله يا عم رمضان، أنا أصلاً عايز أعيش معاها في بيت لوحدنا زي كل اتنين بيتجوزوا، بس أنا بقول كحل مؤقت، و هو…

صمت، حثه رمضان علي المتابعة

“إيه هو؟”

“إننا نتجوز مع أمي لحد ما نلاقي إيجار مناسب”

كان يتوقع الأخر هذا الحل لكنه لا يريده بل لا يريد لابنته العيش مع والدة جمال، هذه السيدة ذات الطباع الحادة والكلمات اللاذعة التي تلقيها علي ابنته وكأنها اختطفت جمال منها.

“قولت إيه يا عمي؟”

تنهد رمضان و أجاب بحيادية

“بصراحة يا بني، الأمر ما يخصنيش، يخص خطيبتك و أمها برضو، أنا هابلغهم و اللي كتبه المولي هو اللي هايكون”

※ ※ ※

“لاء و ألف لاء يا رمضان، يعني بنتي الوحيدة و اللي محلتيش غيرها أسيبها تعيش مع عطيات العقربة؟!”

صاحت بها زوجة رمضان والذي عقب علي حديثها

“ما تسمعي للأخر يا أم هند، ما تبقيش مندفعة علي طول كدة، الجدع عايز يتلم مع بنتك في بيت واحد و مش استطاعتوا يأجر دلوقتي، نقوم إحنا و الزمن عليه؟!”

“و هو كان يحلم إنها تبقي ليه، لولا إن بنتك بتحبه و هو جدع محترم مكنتش هدخله البيت، و اللي خلينا مستحملين أمه و أخته الحرباية عشان خاطره هو”

ولجت هند من باب الشقة علي حديث والدتها، شعرت بغصة تخشي رفض والدتها

“و فيها إيه يا ماما لما نتجوز مع أمه لحد ما نلاقي مكان مناسب للي معاه”

رمقتها والدتها بغضبٍ عارم

“بت أنتي ما تتكلميش خالص، أنا سمعت كلامك في كل حاجة قبل كدة، المرة دي كلامي هو اللي هيتنفذ، مفيش جواز غير لما يلاقي شقة إن شاء الله أوضة فوق السطوح بس بعيد عن الحيزبونة عطيات”

فاض الأمر لدي هند و التي ألقت ما في جعبتها غير مبالية إلي العواقب

“أنا اللي قولتله كدة مش هو، أنا قولتله مفيش حل غير نتجوز في أوضتك في شقة أهلك بدل ما بقالنا سنتين خطوبة و قبلها كل واحد فينا كان هايتجنن علي التاني، و احترمتك و احترمت أبويا لما طلب مني إننا نتعرف و نحب بعض عقبال ما ظروفه تسمح ويجي يتقدملي، و أنا اللي قولتله لاء لو عايزني تدخل البيت من بابه”

“و أنا و أبوكي وافقنا عليه عشان أخلاقه وجدع، و اضطرينا نعصر علي نفسنا و نستحمل أمه عشانه، لكن لو كان حبيبك عسل ما تلحسهوش كله، و أنا مش مستغنية عنك لما الحربوءة أمه تحرق في دمك و لا تعمل فيكي حاجة”

“و هو بيحبني و مش هايسمح لحد حتي لو أمه نفسها إنها تأذيني، و أظن مرت مواقف كتير و شوفتي بنفسك”

زفرت والدتها بنفاذ صبر

“عندك أبوكي أهو أنتي حرة أنتي و هو، بس و الله يا هند لو جيتي قولتي حماتي عملت فيا و سوت مش هارد عليكي غير بالشبشب فوق دماغك الناشفة، طالعة عنيدة زي أبوكي”

احتضنها والدها معقباً

“ده العند و كل حاجة، حبيبة أبوها هنوده”

“حبيبي يا بابا ربنا يخليك ليا، و عشان الكلام الحلو ده جيبتلك صينية البسبوسة بالمكسرات اللي بتحبها”

أخرجت الصينية من الحقيبة، صاح والدها مهللاً

“أيوة بقي يا قلب أبوكي، و هاتصلك بجمال دلوقتي هقوله موافقين وكتب الكتاب و الدخلة آخر الشهر”

قفزت هند فرحاً بين ذراعي والدها

“حبيبي يا رمضان”

زفرت والدتها من الغيظ

“براحتك أنت وبنتك، بكرة تجيلك معيطة بالدموع من اللي هاتشوفه في بيت حماتها، أبقي خلي البسبوسة أم مكسرات تنفعكم”

ذهبت إلي غرفتها و صفقت الباب خلفها، ربت رمضان علي رأس ابنته

“ما تزعليش من كلام أمك، لو حصل أي حاجة بيت أبوكي مفتوح ليكي و لجوزك”

تعلقت بذراعيها حول عنقه

“يا حبيبي يا بابا”

※ ※ ※

تفتح منيرة باب غرفة نجلها فوجدته مازال يغط في النوم بملابسه منذ الأمس، جلست جواره بهدوء، أخذت تربت علي ظهره

“يوسف، يوسف”

همهم زافراً بضيق، تقلب علي ظهره، وبصوت يغلبه النوم

“ماما please سيبيني نايم مش قادر أفتح عينيا”

“لاء هاتصحي وغصب عنك، عايز أتكلم معاك شوية”

فتح عينيه بصعوبة، الرؤية لديه ضبابية

“و هو الكلام مش هايستني لحد ما أصحي؟!”

لكزته بحنق في كتفه

“ما أنت و لا علي بالك، نايم من امبارح لحد النهاردة المغرب، كل ده بسبب الزفت اللي شربته في النايت و راجعلنا سكران”

“طيب المطلوب مني إيه دلوقتي؟”

سألها و يقاوم النوم مرغماً

“مطلوب أنك تقوم وتصحصح عشان اللي هقوله لك مش هعيدو تاني، امبارح خليت رقبتي قد السمسمة قدام أبوك، عمال يقولي شوفتي تربيتك يا هانم، هو ده اللي أتفقنا عليه من شهر يا يوسف؟”

نهض و جلس مربعاً ساقيه، يدلك عينيه لعله يستعيد وعيه

“و هو اليوم اليتيم اللي سهرت فيه بعد شهر شغل خلاص أجرمت؟”

“اه طبعاً أجرمت، أنت شايل اسم العيلة و أي حاجة بتعملها في وشنا، أنا سيباك علي راحتك و مش راضية أضغط عليك في موضوع الجواز لأنك راجل مش بنت، لكن هتسوء فيها و هتعيش حياتك بالطول والعرض مش هسمح لك”

زفر متأففاً، صاحت والدته

“ولد، بدل تنفخ واتعدل أحسن ما أعدلك، و الله لو ما أتلميت يا يوسف وصلحت من حالك لأسلم مسئوليتك لأبوك و بعد ما كنت بحوشه عنك هخليه يعمل فيك اللي هو عايزه، أقل حاجة هايسحب منك رصيدك و مفيش عربية، و يسيبك تعتمد علي نفسك لحد ما تتعلم الأدب”

جاء حديثها بنتيجة عكسية، صاح بسخط

“و أنا مش عيل صغير عشان تهدديني باللي حضرتك قولتيه ده كله، أنا عندي 30 سنة مش عيل مراهق”

ابتسمت بسخرية

“و فيه راجل ناضج يعمل اللي أنت بتعمله ده؟!، ما أخوك نور أهو من و هو أصغر منك، محترم و مستقيم، في ضهر باباك علي طول و علي شرط باباك خلاه يطلع عينه في الشركة لحد ما بقي المسئول التاني من بعده”

نهض وبدأ يفك أزرار قميصه متجهاً نحو غرفة الثياب خاصته، ذهبت خلفه توبخه

“يوسف، أنا مش بكلمك؟، بتعمل إيه؟”

أخرج حقيبة السفر وأخذ يضع داخلها ثيابه

“زي ما حضرتك شايفة كدة بالظبط”

ألتفت إليها و أخبرها بإصرار

“هسيبلكم الفيلا و العربية و كل حاجة و هاروح أعيش مع نفسي عشان ترتاحي أنتي و بابا، معلشي بقي ما هي الدنيا مش بتدي كل حاجة عندك ابن محترم زي نور و أنا الفاشل الصايع اللي هجيبلكم العار”

※ ※ ※

كانت العاشرة مساءً، تجلس ابتسام تستذكر دروسها و تتابع رسالة واردة كل حين من عثمان يخبرها كم هو يعشقها و يريد الأيام تمر سريعاً حتي تصبح زوجته، بينما سعيد الذي علي مشارف سن المراهقة يختبئ أسفل الغطاء و يضع السماعات في أذنيه يشاهد مقاطع من التطبيق الشهير، تظهر فيه الفتيات و السيدات علي شاكلة ما تفعله سماح، وقع أمامه مقطع لها بالفعل و علي يقين إنها ابنة الجيران حيث أخبره أصدقائه المراهقين إنها صاحبة حساب علي الـ TikTok باسم

«Hot Soso»

يكفي هذا الاسم المستعار الذي يدل علي محتواها الفاضح والذي تجني من خلفه مئات الدولارات، سراباً يركض خلفه ذوات النفوس الضعيفة حتي يجدن أنفسهن علي حافة الهاوية، منهن تعود إلي رشدها و تختار التوبة و كثيرات من هوت في ظلام مدقع لا نهاية له في الدنيا و جزائه الجحيم في الآخرة.

تغفو عزيزة علي الأريكة أمام التلفاز، بينما غرام تمسك بدفتر ورقي و قلم تقوم بحساب ما تبقي معها من المال و ما هو مطلوب من مأكل و دروس تعليمية و مصاريف اخوتها.

اجفلها صـ,ـوت طرق عنيف علي باب منزلهم، استيقظت والدتها فزعاً، خرج كلا من سعيد و ابتسام ليرى كل منهما من هذا الـ,ـزائر المرعب.

ارتدت غـ,ـرام حجاب علي عجالة وفتـ,ـحت الباب، وجدت جدران بشرية أمامها يرتدون ثياب غير رسمية، سألها قائدهم

“ده بيت غـ,ـرام المصري”

ابتلعت لعابها خوفاً، فأجـ,ـابت

“أيوة هو البيت و أنا غـ,ـرام”

أمرها الضابط بحدة

“معانا علي القسم”

سألته عزيزة و تمسك بابنتـ,ـها

“فيه يا حضرة الظابط، بنتي عملت إيه؟”

“بنتك متـ,ـهمة في سـ,ـرقة 50 ألـ,ـف جنيه”

يتبع…
لا تنسوا التفاعل و المتابعة لتصل إليكم منشوارتنا💕💕

*

انت في الصفحة 7 من 7 صفحاتالتالي

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
2

أنت تستخدم إضافة Adblock

انت تستخدم اضافة حجب الاعلانات من فضلك تصفح الموقع من متصفح اخر من موبايلك حتي تقوم بتصفح الموقع بشكل كامل