
-بس أنا معاكيِ يا حبيبتى
عانقتها “عهد” بإنكسار وقد رفعت الستائر عن أوجاعها الكامنة داخلها وهذا الرماد الذي ملأها وهى تخفيه ببسمتها وروحها العفوية أمام الجميع لتمسح “ليلى” على ظهرها بلطف فتابعت “عهد” بتلعثم شديد من كثرة شهقاتها:-
-كله فاكر أن الشهرة والمتابعين والفلوس كفاية يعيشونى سعيدة وأنا فى الحقيقة أتعس إنسانة فى الدنيا واللى يزيدنى تعاسة أن مبقدرش أقاوم نوح وخايفة أسيب نفسي ألاقينى بحبه وهو فى عالم تانى عايش مع حب مراته الميتة زى ما بنت عمه قالت
أخرجتها “ليلى” من بين ذراعيها لتنظر لعينيها فنظرت “عهد” لها بضعف فتمتمت “ليلى” بانتصار وقد أعترفت صديقتها بما تخفيه منذ بداية اللقاء:-
-يعنى اللى مخوفك ومولد الرعب جواكي هو أنك تحبي نوح مش الوحيدة والمرض يا ست هانم
أتسعت عيني “عهد” على مصراعيها بهدوء مما تفوهت به دون قصد ثو وقفت بأرتباك تقول:-
-أنا هروح أغسل وشي
هربت من أمامها سريعًا لتبتسم “ليلى” بمكر وهى تكمل أكل الحلوى لتخطر فكرة على عقلها الخبيثة ثم نظرت إلى حقيبة “عهد” الموجودة على الطاولة….
____________________
وسط الجبال ووعورتها ورجالها المجـ,ـرمين وكل منهم يقف حامل سلاحه ويراقب الطريق، كان “حمدى” يجلس مع كبيرهم ويرتشف القليل من الشاي مُستمعًا إلى هذا الرجل:-
-خلاص يا حج حمدي متجلجش أدينا بس خبر أول ما يوصل الصعيد وأنا هخلي الرجل تنفذ على الطريق
وضع “حمدى” الكوب من يده وهو يقف مُتكأ على نبوته ويقول:-
-دايمًا عامر يا حج وأستن منى اتصال
غادر من الجبل وهو يُتمتم بغضب كامن بداخله:-
-خلي عنادك ينفعك يا ولدى أخويا
____________________
خرجت “عهد” مع “ليلى” من الكافى ووقف ينتظرا سيارة أجرة وكل سيارة تمر ترفض “ليلى” الركوب فتعجبت “عهد” من رفضها وقالت بانفعال:-
-وبعيد يا ليلى كل ما أوقف عربية تمشيها إحنا هنروح فى يومنا دا ولا هنبات هنا
أومأت “ليلى” لها بنعم وهى تقول:-
-أكيد هنروح
تمتمت بخفوت وضيق قائلة:-
-هو اتاخر ليه كدة؟
أتاهما صوت “نوح” من الأمام يناديها :-
-عهد
ألتفت له بدهشة من معرفته لمكانها بينما حدقت “ليلى” به وهو يترجل من السيارة مُرتدي بنطلون أسود وقميص أسود يرفع أكمام إلى ساعده لتظهر عروق معصمه البارزة ويرفع شعره الأسود الكثيف إلى الأعلى فتنهدت “ليلى” وهى تهمس بأذنيها من الخلف:-
-أوعى تقوليلى أن دا الصعيد اللى متجوزاه يا عهد
حدقت “عهد” به وهى تنكز “ليلى” فى بطنها بساعدها وتقول:-
-أنت عرفت مكانى منين؟
قطعهما “ليلى” وهى تقترب له وتمد يدها نحوه لكى تصافحه وعينيها ثابتة على وجهه الوسيم وقالت بشرود:-
-أنا ليلى مديرة أعمالها، أوعى تقولى أن الصعايدة كلهم حلوين كدة وبعضلات
وضعت “عهد” يدها على فم صديقتها باحراج منه ومما تفعله وقالت ببسمة مُحرجة:-
-معلش ليلى بتحب تهزر بس
هز رأسه ببرود إليها ثم نظر إلى “عهد” يتفحصها بنظره وهو يقول:-
-أركبى
تركتها “عهد” وذهبت لكى تركب السيارة معه و”ليلى” تكاد تطير الفراشات من عينيها خلفه وتقول:-
-يا واد يا تقيل
صفعت وجنتها بخفة وهى تقول:-
-أيه اللى بعمله دا، أنا لازم أشوف أول قطار رايح الصعيد أمتى… تاكسي
أشارت إلى سيارة أجرة وغادرت، أنطلق “نوح” بسيارته وهى صامتة تنظر إلى الشارع وتفكر بصمت دون ان تبرر له سبب خروجها دون أذنه أو غلق الهاتق وهو كاد ان يموت قلقًا لولا أتصال “ليلى” به وخطتها الماكرة..
كانت ترتب أفكارها فى عقلها وبعد يوم طويل من التفكير وحدها قررت أن تعود للعمل والدراسة وتبحث عن طريقة لعلاجها فهى لن تستسلم للم,وت بسهولة وأخطر قرار توصلت له كان طلب الطلاق منه ولن تكمل هذه الحياة المزيفة أكثر فهو ليس زوجها وهى ليست زوجة سوى بالاسم وفى الأوراق فقط
____________________
فى اليوم التالى خرجت “عليا” من مبنى العمارة وطفلها فى يدها لكى تأخذه للحضانة أولًا ثم تذهب لعملها ، أوقفت “يونس” أمامها وهى تترك يده لكى تفتح باب السيارة وبسرعة البرق جاءت دراجة نارية عليها رجلين ليحمل الرجل الجالس فى الخلف “يونس” عن الأرض ويهربوا لتصرخ بهلع وهى تركض على قدمها خلف الدراجة النارية لكن لا جدوى من الصراخ والهلع….
___________________
خرج “نوح” من غرفة النوم بعد أن رأها نائمة فى الفراش ليتحدث فى الهاتف ويقول:-
-تسلم يدك، المهم تأخد بالك من الواد زين وتوكل وترعى وأنا متوكد أن على المساء هجولك هاته
أغلق الهاتف وهو يغادر الغرفة ونول إلى الطابق الأول يتناول الإفطار مُنتظر قدومها له راجية ان يُعيد طفلها وفور أنهاءه الإفطار وأثناء شُربه للشاى وحديثه فى الهاتف مع والده يقول:-
-مجلجش يا حج أنا بكرة المساء هكون عندك
جاءت “عليا” مع أحد موظفين الفندق ليشير الموظف عليه فهرعت نحوه بغضب وعينيها لا تكفى عن البكاء ومسكته من قميصه بنيران مُشتعلة بداخلها وهى تصرخ به قائلة:-
-محدش عملها غيرك يا نوح، ابنى لو مجرعليش …
قطع تهديدها وهو ينزل يدها عنه بغضب مكبوح بداخله هو الأخر وقال بأشمئزاز وتهديد:-
-مش جولتلك لو مجتيش بالرضا هتيجى بالغصب، أنا مهضحيش بعهد
ترك يدها بضيق وعاد للجلوس لتجلس على المقعد المجاور له ثم قالت:-
-أنا هسجنك وهبلغ عنك
تبسم لها بغرور شديد وقال:-
-أثبتي يا مرت أخويا أنى عملتها ولا يكنش البوليس هيلاقي ولدك فى أوضتى مثلا، أنا راجل مرتى مريضة وجايبها القاهرة أكشف عليها
مسحت دموعها بضعف ثم قالت:-
-أنت مش هتأذي ابن أخوك
عاد بنظره لها ببرود يتطلع بثقتها فتبسم بعيني شيطانية كالصقر الذي على وشك ألتهم فريسته فأرعبتها نظرته لتزداد خوفًا منه عندما قال:-
-أخويا الله يرحمه لكن مرتى حية والحية أبجى من الميت، وأن مدخلتش اوضة العملية أنا عندى دكتور نجس ممكن بالفلوس أعيش مرتى العمر كله بكبد ولدك
أتسعت عينيها على مصراعيها بصدمة ألجمتها ومنعتها من الحديث من قسوته وجبروته فى أخذ كبد طفل فقط لينفذ زوجته رغم زواجهما المزيف والمدون على الورق، عاد “نوح” لشرب الشاى وهو يضع قدم على الأخرى ببرود كاد أن يقتـ,ــ,ـلها أمامه ويلتزم الصمت تاركها تتطلع به بعينيها بعد أن كسر ثقتها القوية بتهديده لتُتمتم بتلعـ,ـثم شديد وجـ,ـسد مُـ,ـرتجف:-
-وهتسيبنى بعدها فى حالى وترجعلى ابنى
نظر لها بحماس وهى على وشك الموافقة وهتف بجدية:-
-وأمضيلك تنازل كمان أن محدش من عيلتى هيتعرض لك أنتِ وولدك مدي الحياة
تعجبت من رده فقالت بقلق:-
-وأهل الصعيد هسيبوا حفيدهم ولا دا كلام عشان مصلحتك
ألتقط علبة السجائر بصمت ليشعل سيجارته قبل أن يُجيبها وكأنه يتعمد أثارت توترها أكثر ثم قال وهو ينفث دخان سيجارته بعيدًا:-
-أهل الصعيد عندما ولد تانى اسمه نوح يجبلهم بدل الحفيد عشرة، فكرى وبيتى فى الصعيد أنتِ خابرة طريجه زين دا لو عايزة تشوفى ولدك تانى
غادر من أمامها وتركها فى حالة من الخوف والذعر القاتل على ابنها….
____________________
أستمع “حمدى” لحديث “على” فى الهاتف مع “نوح” وعلم بأنه سيعود غدًا ليرسل رسالة إلى رجال الجبل لكى يستعدوا ويكونوا فى أستقبال “نوح” وزوجته…
يتبــــع….
#هويتُ_رجل_الصعيد
الفصل السابع (7)
___ بعنــــوان “ليـــن”___
صعد للأعلى بعد أن أنهى فطاره وتهديد “عليا” وعندما فتح باب الغرفة وولج رأها تجلس في غرفة المعيشة بصحبة “ليلى” ومعدات التصوير موجود يبدو أنهما كانوا يصوروا فيديو جديد، لم ترفع أيهما نظرها به وهن غارقات في العمل، تركهما ودلف على غرفة النوم حتى لا يسبب لهما إزعاج، وقفت “ليلى” تمسك الكاميرا ثم قالت:-
-مستعدة
أومأت لها بنعم ليبدوأ التصوير وقبل أن تنهى ”عهد” المقدمة ذعرت “ليلى وهى تلفظ أسمها وتنزل الكاميرا بعيدًا:-
-عهد!!
نظرت “عهد” لها لتقترب “ليلى” منها بذعر وهى تمسح أنفها الذي سال الدم منه فنظرت “عهد” ليد صديقتها وقد لوثتها الدماء لتجلس في الأرض بخوف وهى ترتعش..
كان “نوح” جالسًا على الفراش بأسترخاء ويقرأ عن مرضها أكثر على الأنترنت حتى سمع صوت صراخ “ليلى” فألقى الهاتف على الفراش ووقف ليسرع بالخروج فرأهما جالستين على الأرض وزوجته بين يدي صديقتها فهرع نحوها يأخذها منها وهو يقول:-
-ما لك؟
كانت تشعر بدوران شديد وإرهاق، أقترب لكى يحملها لكنها وضعت يدها على صدره وقبل ان يسألها عن سبب منعها له أستفرغت ما بداخلها، فزعت “ليلى” من رؤية حالة صديقتها تتدهور هكذا وذرفت الدموع من عينيها بصمت أم هو لا يبلى بما يحدث وحملها على ذراعيه بالقوة رغمًا عنها وأخذها إلى المستشفى و”ليلى” معهم تحتضنها بذراعيها أثناء قيادته للسيارة، فحصها الطبيب و”نوح” يقف في الخارج مع “ليلى” بأنتظاره حتى خرج الطبيب وأخبره أن جسدها ضعيف وحالتها تسوء ومن الأفضل أن تجد متبرع لها سريعًا دون أنتظار متبرع متوفى، أخذها في سيارته شبه نائمة وعاد للصعيد ليُصدم “حمدى” عندما فتح باب المنزل ودلف بها فكان يجب أن يعود غدا وليس اليوم وكأن مرضها سبب الفضل في إنقاذ حياتهما من مكر عمه..
ساندها حتى وصلت للفراش ووضع الوسادة خلف ظهرها لتُتمتم بتعب قائلة:-
-أنا هموت يا نوح
هز رأسه بالنفى وهو يمسح على رأسها بلطف يطمئنها ويهتف بحنان:-
-لا بعد الشر عنك، أنتِ هتعملي العملية وهتبجى زينة وأحسن منى كمان
صمتت وهى تنظر إلى عينيه في هدوء وهو يبادلها النظر ليقطع نظراتهما الصامتة صوت طرقات على باب الغرفة وعندما فتح كانت والدته والقلق واضح عليها وتقول:-
-خير يا ولدى
أدخلها وهو يشير على “عهد” بذراعه وقال:-
-عهد تعبانة هبابة يا أمى
ذهبت لكى تجلس جوارها وكان وجهها شاحب ومقلة عينيها صفراء بجسد هزيل وضعيف والنعاس على وشك هزيمتها، مسحت “سلمى” على جبينها بلطف فتبسمت “عهد” بتعب وهى تقول:-
-دايمًا بلاقى الحنان لما أتعب
أجابتها “سلمى” بعيني دامعة بنبرة جادة:-
-متتعبيش بس وأنا هغرجك حنان بس من غير مرض
وضعت “عهد” رأسها على صدر “سلمى” لتطوقها بذراعيها فأغمضت عينيها مُستسلمة للنعاس مهزومة أمامه، نظر “نوح” لها وشعر بوخزات في قلبه ليقول:-
-خليكى وياها يا أمى
غادر الغرفة بأختناق شديد في صدره وشعره بالعجز عن مساعدتها ربما يقتـ,ــ,ـله فذهب لصديقه “عطيه”
_____________________
كان “حمدى” يشتاط غيـ,ـظًا وغـ,ـضبًا مما حدث وـ,ـفشل خـ,ـطته لتقول “فاتن”:-
-أحسن أنها باظت أنا من البداية جولتلك تبجى غبي لو جتلته، لو نوح مـ,ـات مراته وأبوه اللى هيوـ,ـرثه مش أنت
ضرـ,ـب ركبته بيده وهو يقول بغضب نارى:-
-ومين جالك يا أم مخ تخين أنى كنت هجتل نوح، أنا كنت هخطف منه مرته وأساومه
جلست “فاتن” جواره بحماس ثم قالت:-
-ما هي متلجحة في الأوضة جارى، أدينى أنت الموافجة وأنا مش أخطفهالك دا أنا أخلص عليها وأرتاح
نقر رأسها بأصابعه بأشمئزاز من غباءها ثم قال:-