
خرجت “عهد” من محل قهوة وهى تحمل حقيبة من القماش في يدها وفى يدها الأخرى تحمل كوب من مشروب الشيكولاته الساخنة المُفضل لها وكانت تسير وحدها مُرتدية بنطلون جينز وقميص نسائي أبيض اللون به خطوط وردي بالطول وتدخله من الأمام في البنطلون ومن الخلف تتركه، كنت تبحث في الهاتف عن شيء لتشعر بأحد يسير خلفها مُترصدها، أغلقت الهاتف وهى ما زالت تحتضنه بين يديها وسكلت طريق أخر وما زالت الخطوات تتابعها ليزيد الخوف في قلبها وأسرعت في خطواتها حتى خرجت للطريق العمومي وكانت الخطوات تقترب أكثر…
رأها تسير هناك على الجهة الأخرى من الطريق بخوف وخلف رجل يضع قبعة على رأسه تحجب ملامحه ليضغط على المكابح فجأة ثم ترجل من سيارته وناداها
سمعت صوته بنبرة قوية فنظرت تجاه الصوت لتراه يقف أمام سيارته يحدق بها فسقطت كوب المشروب من يدها وركضت نحوه بأقصي سرعة وسط سرعة السيارة، فزع “نوح” وهو يرأها تمر من السيارة بخـ,ـوف من أن تصدمها أحدهم فأقترب خطوتين لتصل أمامه ليُصدم عندما عانقه بقوة وهى تلف ذراعيها حول خاصرته وتدفن رأسها في صـ,ـدره، أتسعت عينيه بصدمة وهو يشعر بضـ,ـربات قلبها القوية على صدره فرفع يديه ببطيء ليطوقها بهما وكأن أشبه بأنه يـ,ـغلـ,ـق عـ,ـباءته المفتوحة عليها ويديه أسفلهما وتتشبث بعباءته السفلية بأناملها بقوة، همس في أذنها بلطف وهو يقول:-
-أهدي أنا جيت
حدثها وهو ينظر للطريق ليرى هذا الرجل ما زال يقف هناك ليلوح له بيده وكأنه يخبره بأنه كان يترصد زوجته عمدًا ليشد بذراعيه عليها أكثر ثم أخذ يدها بيده بلطف وألتف بها حول السيارة يفتح الباب لها ثم جعلها تصعد وأغلق الباب لها وعاد على مقعد السائق وعاد بها للمنزل غاضبًا من خروجها وحدها دون أذنه أو علمه وقلقًا بسبب هذا الرجل المترصد لها، فتح باب السيارة لها ثم قال بحدة:-
أتفضلي يا هانم
نزلت معه ثم دلفت بصحبته وقبل أن تصعد قالت بخفة:-
-ممكن أدي حاجة لخلود
تعجب لها وهو يحدق بها فدخلت للمطبخ وكانت “حُسنة” وحدها وهو خلفها فقالت بلطف مُبتسمة:-
-ممكن تدي دول لخلود
نظرت “حُسنة” للحقيبة الممدودة لها ثم إلى “عهد” لتجيبها ببسمة مُشرقة:-
-دى الكتب اللى كانت محتاجها، أنا أسفة متقصدش اسمعك كلامك ولو أحتاجت أي حاجة في دراستها أو أي كتب خليها تجي ليا أنا أوضتى مش بعيد
ضحكت “حُسنة” على مزحتها الأخيرة بعيني دامعة من الفرحة ثم نظرت إلى “نوح” بحرج ليشير لها بنعم وأن تأخذ الحقيبة فأخذتها ليبتسم “نوح” بخفة على لطفها قم صعد معها للأعلى فتحدثت وهى تصعد الدرج قائلة:-
-حاولت أطلبهم أون لاين قالولى هيوصلوا بعد أسبوع فأضطرت أنزل أشتريهم لأنها محتاجهم قبل أول الشهر
فتح باب الغرفة وهو صامتًا لتتابع بخفوت وكأنها تمتص غضبه من خروجها دون أذنه قائلة:-
-كنت هأتصل بيك أستاذنك بس أكتشفت أنى معيش رقمك
تنهد بأرتياح وتنفس الصعداء، جلست جواره بسمة مُشرقة مليئة بالحيوية والمرح التي تعطي لمن يراها طاقة إيجابية وتفائل كأنها تنقل للجميع سعادة دون عناء، تحدثت “عهد” بنبرة خافتة مرحة:-
-ممكن أخد رقمك
نظر لها بصمت كعادته لتقول بتعجل وحماس:-
-متخافش أنا مش هتصل بيك غير في الضرورى القصوى
دون لها الرقم لكنها لم تفعل كما قالت ففي اليوم التالى بدأت تزعجه باتصالات الغير هامة مرة تسأله عن مكان الشامبو وأى لون يجب ومرة أخرى تتصل تسأله عن ارقام مطاعم تتطلب من طعام ومرة أخرى تتصل تسأل عن عمره، ففي هذا اليوم أصابه الصداع حقًا من كثرة اتصالات الغير هامة تمامًا..
نزلت “عهد” للأسفل لكى تأخذ الطعام من خدمة التوصيل وعند دخولها قابلت “أسماء” فتجاهلت لتقول “أسماء” بحدة:-
-متفرحيش أوى كدة نوح هيغيرك بسرعة البرج
تبسمت “عهد” وهى تستدير لها حاملة طعامها لتقول بأستفزاز:-
-لا هفرح وهفرح أوى كمان لأنه مش هغيرنى أصلى مش جزمة عنده
تبسمت “أسماء” وهى تربت على ذراعها بخبث ومكر نسائي وهى تقول:-
-متستعجليش أوى كدة ماهى اللى جبلك جالت كدة برضو أصلك مش الأولى على فكرة وفى جبل
أتسعت عيني “عهد” بصدمة وأرتجفت يديها الحاملة للطعام لتقهقه “أسماء” ضاحكة عليها وهى تكمل نزول الدرج بانتصار وقد حققت هدفها…
يتبــــــع….
#هويتُ_رجل_الصعيد
الفصل الرابع (4)
__بعنوان “ربكــة قلــوب”__
عاد “نوح” من العمل مساءًا مع والده وكان “حمدى” وأسرته جالسون على السفرة يتناولوا العشاء فتجاهلهم “نوح” ببرود وهو يصعد غلى غرفته غاضبًا منهم ولم ينسي فعلتهم مع زوجته، تحدث “على” بنبرة خافتة:-
-مساء الخير
أجابه “حمدى” بلهجة باردة وهو يتناول طعامه قائلًا:-
-مساء النور، تعال كُل يا أخويا
-لا شكرًا
قالها “على” وهو يصعد إلى الدرج…
__________________
دخل “نوح” غرفته ووجدها هادئة تمامًا والأضواء مغلقة ليفتحها وكانت “عهد” فى الفراش نائمة وتحتضن وسادتها فتمتم “نوح” وهو يسير إلى الأريكة قائلًا:-
-أنتِ خلاص جررتى أنكِ هتستولي على فرشتى
أشاحت الغطاء عنها بأنفعال وأخذت وسادة صغيرة ثم ذهبت إلى الأريكة لتنام عليها وهى تدفعه بقدمها بعيدًا عن الأريكة، أستغرب “نوح” أنفعالها فى الحركات وصمتها ليقول وهو يقف بعد ان دفعته:-
-أنا مجصدش، جومى نامى فى الفرشة وأنا هنام هنا
أعتدلت فى جلستها على الأريكة دون ان تنظر لها وتنهدت بضيق شديد ليشعر بأنها تشمئز منه او تكره وجوده ورائحته وحتى صوت أنفاسه لا ترغب بها، قالت “عهدط” بنبرة غليظة حادة:-
-أنا هنام هنا ممكن تمشي بقى وتبطل كلام لأنى مبعرفش أنام فى دوشة
عادت للنوم دون أن تنظر جوابه وهى لا تعطيه الفرصة فى الحديث أو التعقب على فعلها وجملتها، سار نحو الفراش بخنق شديد وهو ينظر للخلف عليها مُتعجب من برودها وانفعالها، صباحًا كانت فى حماس وتتصلي به دومًا حتى لأقل الأسباب، جلس بفراشه بعد أن بدل ثيابه وأخذ حمام دافيء وظل ينظر لها لساعات وهى نائمة فى الأريكة ويراجع كل محادثاتهما اليوم ربما يكن أرتكب خطأ دون قصد أو غضب عليها لكنه لم يصل للسبب الحقيقي لتتغير وتتبدل هكذا…ليستسلم للنوم وعقله شاردًا ولم يتوقف لوهلة عن التفكير فى سر غضبها الكامن بداخلها رغم وضوحه فى تصرفاتها ونبرة حديثها..
___________________
فى القاهرة
داخل قاعة رقص الباليه، كانت “عليا” مُرتدية فستان أبيض للباليه وحذاء الباليه وتباشر رقصها بمهارة مع فريقها وتناست تمامًا حال أختها التى تركتها خلفها هناك، ضغط المدرب على زر إيقاف الموسيقى ليتوقف الجميع ويجلسون على الأرض ويبدأ بالحديث قائلًا:-
-نحاول نحس الموسيقى إحنا بالأداء دا هنفشل فى تقديم الحفل
عادوا للرقص و”عليا” الحماس يكمن بداخلها ترغب بالحصول على لقب بطلة الرقصة ،رن هاتفها كثيرًا باسم “عهد” وهى تقف بغرفة تغير الملابس مع بعض الفتيات، نظرت للهاتف قليلًا وأبعدت عن صديقاتها بضيق ثم قالت:-
-أيوة يا عهد
أتاها صوت “عهد” الخانق وهى تتحدث بنبرة غليظة:-
-مبتتصليش بيا ومبتساليش عليا، عاملة ايه عايشة أزاى لدرجة دى مشغولة يا عليا
تحدثت “عليا” ببرود وهى تشير لأصدقاءها بغيظ:-
-بعدين يا عهد انا مشغولة دلوقت شوية، هكلمك بليل
أغلقت الخط دون ان تنتظر جواب “عهد”..
__________________
نظرت “عهد” للهاتف بدهشة بعد أن أغلقت أختها الخط وحديثها وهى لا تكترث لوجودها أو ما يحدث معها وكأنها جعلتها كبش فدية لتحيا هى بسعادة وحرية، جلست على الأريكة لتصلها رسالة من “ليلى” تخبرها بإرسال الفيديو الجديد لكى ترفعه على القناة، تعجبت “عهد” فهى لم تصور فيديو جديد ولم تهتم بعملها وتوقفت عن الكتابة فألقطت الهاتف بجوارها على الأريكة وظلت غاضبة لترخي رأسها للخلف وتغمض عينيها، تنهدت بتعب ثم فتحت الهاتف على أحد المواقع الألكتروني التسويقيةوطلبت شراء جميع المعدات اللازمة لتصوير الفيديوهات، دخل “نوح” من باب الغرفة وكان مُرتدي عباءة رمادى فاتح وبدون عمته ماسكًا فى يده كوب شاي ساخن، نظر لها وهى تتجنبه وتتجاهله فجلس على حافة الفراش يرتشف كوبه وهو يتطلع بها من تارة إلى أخرى لتتأفف بضيق وهو يقف من مكانه واضعًا كوب الشاى على الكمودينو ليذهب نحوها وهى مُغمضة العينين ليضع يده على جبينها ففتحت عينيها بدهشة من فعلته، نظر بعينيه وهو يبعد يده عنها مُحدثها بلطف قائلًا:-
-معندكيش حمي، أمال مالك؟ لتكونى مريضة
ظلت تنظر له بدهشة ثم قالت بضيق:-
-مالكش دعوة بيا
وقفت من مكانها ليمسك ذراعها قبل أن ترحل من امامه وجذبها نحوه بقوة لتلتصق بصدره من قوة جذبه لها ثم قال بضيق:-
-مالك، أيه اللى بدل حالك أكدة؟
قشعر جسدها من قُربه هكذا ونظرات عينيه المُسلطة عليها فأزدردت لعابها بصعوبة وهى تشعر بخفق قلبها بأرتباك، دفعته بعيد عنها بتوتر بعد ان أحمرت وجنتها خجلًا منه وقالت بصراخ وغضب سافر:-
-قولتلك مالكش دعوة بيا مش كفاية أنك كداب
مسكها مرة أخرى لكن هذه المرة غاضبًا من نعتها له بالكذب وعقد حاجبيه بضيق وظهرت خطوط عريض على جبينه وأحمر وجهه من الغضب لتزدرد لعابها بخوف من غضبه عندما قال بضيق:-
-أتحددى ويايا بأدب، وبعدين كذبت عليكى فى ايه؟
صاحت به بغضب وهى تدفعه براحة يديها فى صدره بقوة قائلة:-
-مقولتليش أن كان فى قبلى وأنك أتجوزت قبل كدة ويا عالم عندك كام عيل كمان
تنهد “نوح” بضيق فى صمت وهو يحدق بها وبانفعالها الشديد كأنه خدعها او أخفاء عنها حقيقته وتسائل أيحق لها هذا الغضب منه وهل زواجهما كان طبيعي من البداية، ظلت تنظر له بصمت وعينيها دامعة وهى تشعر بأنها تعرضت للخيانة منه ومن اختها التى فرت هاربة وحدها بعد ان وعدتها بأن بهربا معًا، نفثت غضبها به بضيق وضعف ليقول بنبرة هادئة:-
-معتجدش يا مدام أنى كذبت عليكي لأن ببساطة انتِ متعرفيش عنى حاجة وجوازنا مكناش طبيعى ولا عن حب مثلا، يا مرتى العزيزة ممكن تجوليلى أنا عيد ميلادى ميتة؟ عمرى جد ايه؟ بلاش اسماء صحابى ولا بشتغل ايه؟ ببساطة أنتِ متعرفيش عنى حاجة فلما تعرفي أنى أرمل دى متتديكش الحج أنك تغضبي الغضب دا كله منى وتتهمنى بالكذب
صمتت بهدوء فهو على حق هى لا تعرفه أبدًا وتجاهل كل شيء عنه سوى اسمه،مر من جانبها ثم توقف جوارها تمامًا وهمس فى أذنها بخفوت:-
-وعلى فكرة معنديش عيال
غادر “نوح” الغرفة لتنظر إلى الباب بعد ان أغلقه وهى تفكر فى حديثه فهى لا تعرف شيء عنه أبدًا وهو أيضًا هكذا مثلها تمامًا لا يعرف شيء عنها..
___________________
كانت “أسماء” بمنزل “حورية” تجلس معها مُشتاطة غيظًا من زواجه من فتاة أخرى لتقول “حورية” وهى تعطيها كوب الشاي الساخن قائلة:-
-طب والله جدعة يا بنت أبويا أنك جولتلها
تمتمت “أسماء” بضيق شديد وهى تحتضن الكوب بيديها الأثنين:-
-أعمل ايه يا خيتى من غُلبى، من يوم ما مرته ماتت وشوفته مكسور أكدة وضعيف وأنا حبته وسكن جلبي وعملت البدع كلتها عشان أخد مكانها عنده ونوح جلبه حجر مبيتحركش وفجأة تيجي دى كدة وتأخده منى بسهولة
أرتشفت “حورية” القليل من الشاي ثم قالت بمكر تثير غضب أختها أكثر:-
-لا وولاد عمك بيحبوا بنات البندر وجلة حيائهم، مين عالم يمكن تصحى الصبح تلاجى نوح عاشجها وتحمل منه
رفعت “أسماء” نظرها لها بصدمة والغضب يشعل نيرانه بداخل قلبها العاشق وحريقه تلهم صدرها وضلوعها فقالت بتلعثم:-
-أنتِ بتجولي أيه؟
تابعت “حورية” وهى تترك كوب الشاي من يدها قائلة:-
-بجولك الحجيجة يا خيتى
صاحت “أسماء” بانفعال شديد لتقول:-
-لا طبعًا دا أنا أكون جاتلها وجاتله، دا أنا أجتل نوح ولا أنه يروح لغيرى هو وجلبه
وضعت طرحة سوداء على شعرها وغادرت المنزل غاضبة بعد أن أشعلت أختها نيران الحقد والغضب بداخلها تجاهه هو وزوجت
___________________
فى وسط المحجر وتكسير الحجارة أسـ,ـفل مظلة ومقعدين يجلس “نوح” على أحدهم والسيجارة بين شفتيه ويمسكها بسبابته والوساطة شاردًا فى عالم اخرى، جلس “عطيه” جواره وهو لم ينتبه له فضـ,ـرب “عطـ,ـيه” على قدمه وهو يقول:-
-أيه يا عم نوح فينك
أخرج السيجارة من فمه ونفث الدخان بعيدًا وهو يقول:-
-أيه !!
تبسم “عطيه” بمرح من حال صديقه الذي لازمه الشرود دومًا منذ زواجه فقال:-
-أنا برضو اللى ايه، فينك وصلت لفين بعجلك يا صاحبى، هو الجواز بيعمل أكدة
ألقى السيجارة من يده ودهسها بحذائه وهو يقول بضيق وحيرة:-
-غضبانة منى بجالها سبوع ولسانها مبخاطبش لسانى وحفظت مواعيدى كل ما أعاود الدار تكون نائمة بس حُسنة جالتلى أنها بتنزل وبتعمل أكل وشرب لنفسها فى غيابى عادى
هز “عطيه” رأسه بجدية وكأنه يفهم ما يدور مع صديقه ثم قال بجدية:-
-أنت لحجت تغضبها يا صاحبى
نظر “نوح” له بحزن وضيق يجتاحه وكأنه غاضب لغضبها ولا يقوى على خصامها له، تبسم “عطيه” له بخفوت وهو يحاول أن يتخيل هذه الفتاة التى أخترقت حياة هذا الرجل الهادئة لتصيبه بالغضب والتفكير دومًا فجعلته مريض فكر من كثرة تفكيره به، نظر “عطيه” للعمال بعيدًا عن عيني صديقه وقال بخفوت:-
-أنا شايف أن النهاردة مفيش شغل كتير ممكن تروح بدرى
نظر “نوح” له باستغراب لينظر “عطيه” له ببسمة تفائلية وقال:-
-يعنى بما انها بتكون صاحية وأنت برا ممكن تروح بدرى قبل ما يحل الليل
تنحنح “نوح” بحرج من المغادرة لأجلها وكبريائه أمام صديقه، خشي أن يعتقد أحد أنه يفكر بها أو يفعل ذلك لأجلها فصمت دون ان يعقب على حديثه….
__________________
دق باب المنزل ولم تخرج “حُسنة” لكى تفتح ففتحت “عهد” قبل أن تدخل المطبخ تعد قهوتها وكان “خلف” الغفير ومعه مندوب شركة الشحن يجلب لها ما طلبته مُنذ أسبوع، تبسمت “عهد” وهى تأخذ منه الصناديق الكرتونية ثم قالت بخفة:-
-أستنانى لحظة هجبلك الفلوس
صعدت إلى غرفتها ووضعت الصناديق على الأرض وجلبت بطاقة البنك من حقيبتها ونزلت لتعطيه له فقال:-
-مفيش كاش
نظرت إلى “خلف” بإحراج ثم قالت بضيق:-
-معيش كاش يكمل المبلغ
تنحنح “خلف” بحذر من بدأ الحديث معها وهو لا يُسمح له بالحديث مع حريم المنزل ليقول وهو ينظر للأرض بحياء من رفع رأسه بها:-
-أكلم نوح بيه هو معاه يدفع
أجابته بإحراج شديد قائلة:-
-لا .. أستن
دخلت مرة أخرى لتصل سيارة “نوح” على المنزل وترجل منها ثم سار نحو المنزل ليرى المندوب فسأل “خلف” باستغراب من هذا الرجل ثم قال:-
-مين دا يا خلف؟
قصي له ما حدث فدخل إلى غرفة المكتب وجلب المبلغ من الخزانة لأجل الرجل..
صعدت الدرج وهى تنظر فى الهاتف بحيرة وعقلها فى صراع بين الاتصال به أو لا، ضغطت على اسمه المدون لكنها تراجعت فى أخر لحظة ورفضت الحديث معه والتنازل عن كبريائها وغرورها بمحادثته، سارت فى الرواق شاردة حتى رأت ظل أحد أمامها لترفع “عهد” نظرها عن الهاتف للأمام لترى “خالد” يقف أمامها ويبتسم بخبث شديد فتراجعت خطوة للخلف بخوف منه ليقول بمرح:-
-متخافيش أوى كدة يا عروسة
تبسمت “عهد” بسمة مصطنعة تخفي خلفها الخوف الكامن بداخلها ثم عقدت ذراعيها أمام صدرها بغرور وقالت:-
-واخاف ليه؟ شكلك نسيت أنا متجوزة مين ونسيت اللى عمله فيك من كام يوم قصدى
قالتها بثقة وبرود وكأنها تذكره بإهانة زوجها له ودهسه بقدمه أمام الجميع ليشتاط “خالد” غضبًا من حديثها، تبسمت وهى ترى ملامح وجهه تتلاشي بسمته الخبيثة ويظهر الغضب والحقد، سمعت صوت “نوح” يصعد الدرج ويتحدث فى الهاتف لتقول بغرور:-
-اهو جوزى جه
جذبها “خالد” من يدها بقوة وهلع من رؤية “نوح” لهما ودخل أقرب غرفة له يختبيء بها فى حين أنها صُدمت من فعلته وهو يأخذها بالقوة ويغلق الباب، كادت أن تصرخ “عهد” ليضع يده على فمها وأنفها معًا بقوة ويقيدها بيده الأخرى وتحاول الفرار منه ومقاومته لتلتقط الأكسجين للتنفس بعد أن وضع يده يخنقها من عدم التنفس لكن لا جدوى من بنيته الجسمانيةجدوى من بنيته الجسمانية القوية، مر “نوح” من أمام الغرفة ليرى هاتفها بالأرض مُضيء فألتقطته ليرى اسمه وهى كانت على وشك الأتصال به، تعجب من وجود هاتفها هنا وأكمل طريقه إلى غرفته…
كانت تحاول التنفس بصعوبة من قبضة يده لكنه كان يرتعش خوفًا من أن يقبض “نوح” عليه بصحبة زوجته فيقـ,ــ,ـتله هذه المرة بحق ولم ينتبه إلى هذه الفتاة التى تشج جسدها للتو وفقدت وعيها لتسقط من يديه أرضًا، نظر لها بهلع وحاول أفاقتها لكن لا محال فتركها فاقدة للوعي على الأرض وفر هاربًا للخارج…….
دخل “نوح” الغرفة ماسكًا هاتفها فى يده ورأى الصناديق الكرتونية جوار الباب وهى ليست بالغرفة، نظر للهاتف المضيء على اسمه ونظر للخلف يتذكر بأنه وجده فى الخارج ليخرج يبحث عنها ورأى والدته تخرج من غرفتها فسألها:-
-مشوفتيش عهد يا أمى
أجابته بنبرة لطيفة هادئة:-
-لا يا ولدى هى مبتخنلطش بحد واصل فى الدار
رأى باب غرفة الخزين مفتوحة وتعجب من فتح هذا الباب وما بداخل الغرفة هى أشياء زوجته المتوفية فقط، سار نحو الباب وأكملت “سلمى” نزولها للأسفل، فتح الباب ثم الضوء والغرفة مليئة بالغبار والأتربة وصُدم عندما وجد “عهد” على الأرض فاقدة للوعى، أسرع نحوها وجلس على ركبتيه جواره وهو يأخذ رأسهابين قبضته وكانت باردة كقطعة ثلج فناداها بهلع وهو يدلك يدها بقوة:-
-عهد.. عهد
وضع يده على عنقها ليشعر بضعف نبضات قلبها فلم يجد مفر إلا حملها على ذراعيه ثم ركض للخارج بها، كانت “أسماء” تجلس مع “سلمى” فى الصالون بالطابق السفلي فهلعت “سلمي” وهى ترى “نوح” ينزل على الدرج ويحملها بين ذراعيه والقلق واضح على ملامحه والخوف تملك منه، أتسعت عيني “أسماء” وهى تراه هكذا ويكاد يموت خوفًا عليها وهو يركض بها للخارج فدمعت عينيها وجعًا من رؤيته هكذا ولا تكترث بحال هذه الفتاة ولم تتسائل بما أصابها، فقط حال المحبوب والحُب بداخلهاما تهتم به، كان “خالد” يختبأ فى غرفة المكتب وينظر من وراء الباب بخوف تملك منه وهو يرى “نوح” يأخذها للمستشفى ليزداد خوفه من أن يصيبها مكروه وتكون نهايته على يد “نوح” فإذا أخبرته أن “خالد” الفاعل سقطع رأسه بيده أمام الجميع دون تفكير..
_________________
كان “نوح” يقف أمام الغرفة فى رواق المستشفى بقلق ويكاد عقله يتوقف من التفكير والخوف عليها، جاء “على” له بهلع وهو يمسك نبوته فى يده اليسري ويقول:-
-طمنى يا ولدى حصل أيه؟
أجابه “نوح” بقلق وهو يشير على باب الغرفة:-
-بيكشفوا عليها جوا يابويا، لاجيتها واجعة فى الأرض ومعرفش حصلها أيه؟
أربت “على” على كتفه بخفوت وقال:-