
-خير يا ولدى بأذن الله
كان يرتعش قلبه خوفًا وعقله يأخذه إلى الماضى بنفس المستشفى كان ينتظر الأطباء يطمئنوا قلبه على زوجته لكنهم خرجروا يخبروه بوفأته، كان يخشي أن يُفتح الباب ويخبره الطبيب بأن زوجته المريضة توفت هى الأخرى، أصابه الخوف من تكرر الماضي لكنه كبح الخوف بداخله ويحاول جاهدًا أخفاءه عن والده الواقف جواره، فتح الباب ليهرع إلى الطبيبة بخوف كامن فى قلبه لتقول:-
-أطمن يا أستاذ هى بخير الحمد لله وأدعى ربنا أنك لحجتها فى الوجت المناسب لو كنت أتاخرت لجدر الله كان زمانها راحت مننا
دخل الغرفة دون أن يُعقب على حديثها أو يسأل ماذا أصاب زوجته فشكرها “على” ودخل خلفه ، رأى “نوح” يقف جوارها وهى نائمة وعلى أنفها أنبوب التنفس الصناعى وفى يدها محلول طبي مُتصل بالكانولا، مسح “نوح” على شعرها بلطف وعينيه لا تبتعد عنها ولا يهتم لوجود والده، نظر “على “ عليه وتبسم بخفة على قلق ابنه الواضح وعندما رأى “نوح” يأخذ يدها بلطف فى راحة يده والأخرى على رأسها زادت بسمته وغادر الغرفة تاركهما وحدهما، خرج من الغرفة ليرى “سلمى” قادمة بخوف وقلق على ابنها فهى لا تكترث كثيرة على حال هذه الزوجة وما زالت لا ترضي به ولم تقبلها زوجة ابن لها، تبسم وهو يأخذ زوجته من يدها ليعودان معًا وهو يقول:-
-تعالى بس يا حجة
أخذها للخارج وهى تقول بجدية:-
اسيبنى أطمن على ولدى
نظر لها بدهشة وقال:-
هو ولدك ماله اللى أعرفه أن مرته هى اللى مريضة، عموماً تعالى وهما هيعاود بكرة
أخذها وذهب فى سيارته
_________________________
فتحت “عهد” عينيها تعب فى المساء وكانت الممرضة رفعت عنها أنبوب الأكجسين والمحلول لكن الكانولا ما زالت فى يدها، ووجدت نفسها فى غرفة مُختلفة وتذكرت ما حدث وهى تنظر فى السقف لتتنفس الصعداء بإرتياح لبقاءها على قيد الحياة فهى أعتقدت أنها ستموت من الخنق هناك، حاولت وضعت يدها على عينيها الدامعة لتشعر بثقل فى يدها وعندما نظرت رأته يجلس جوارها ويمسك يدها فى راحة يده ويغلقها عليها بإحكام وينظر فى الهاتف يشاهد شيء لكنه عندما حركت يدها شعر بها ليترك الهاتف وهو ينظر إليها بلهفة ويقترب نحوها وهو يقول:-
-حمد الله على السلامة، حاسة بحاجة بتوجعك، لا أستنى هنادى الداكتورة
أغلقت يدها على يده قبل أن يتركها وقالت بصوت مبحوح:-
-أستنى بس، أنا كويسة
عاد للجلوس مرة أخرى وهو ينظر إلى يدها المُتشبثة به فقالت بتعب وهدوء:-
-أنا نمت كتير
أجابها وهو ينظر فى ساعة يده بجدية ويقول:-
-8ساعات و48 دقيقة
تبسمت بخفوت من دقته وهو تحاول الجلوس ليمسكها من أكتافها يساعدها فنظرت له بخجل ثم وضع يده خلف ظهرها والأخرى تضع الوسادة لها خلفها وهى تشعر بخفق قلبها يتسارع مُجددًا لقربه حتى تركها ترتخي على الوسادة وحدها وعاد للجلوس على المقعد وظل الصمت بينهما قليلًا لتقطع هذا الهدوء بصوت مبحوح تقول باحراج:-
-أنا أسفة
رفع نظره بها مرة أخرى وقال مستغرب كلمتها:-
-على أيه؟
تنحنحت وهى تشبك أصابعها ببعضها وتتحاشي النظر له بحرج ثم قالت:-
-عشان قولت أنك كذاب وعشان كمان تعبتك معايا طول الساعات دى وشكرًا
هز رأسه بصمت فهو لم يغضب منها ونسي هذا الأمر بل هى من كانت غاضبة وتتنجبها بخصامها، شعر بأن الموقف محموم بينهما وكأنهما يمسكان بأسلاك كهربائية فمن يراهما سيتوقع أى شيء إلا كونهما زوجان، عاد لصمته مرة أخرى وتحاشيه للنظر بها فقالت مرة أخرى:-
-كنت بتتفرج على أيه؟
أعطاها الهاتف بحرج فتعجبت حرجه ووجنته التى أحمرت خجلًا وكأنها مسكت به مُتلبس بالجريمة، نظرت للهاتف بتساؤل عما يشاهده ويجعله مُحرج هكذا أمامها لتُدهش عندما رأت فيديو لها على اليوتيوب متوقف فدخلت على سجل المشاهدة لتراه شاهد أكثر من نصف الفيديوهات الخاصة بها فى هذه الساعات التى نامتها، ضحكت بخفة وصوت مهموس، رفع نظره بها عندما سمع صوت ضحكاتها ودهش من رؤية وجهها مليء بالفرح والضحكات لتظهر غمازاتها ولأول مرة يدرك بأن زوجته تملك غمازات، أعتاد على رؤية العبوس والضيق والمشحنات الكهربائية تبث من وجهها لكن الفرح والضحك رأهما بالفيديوهات فقط والأن سنحت له الفرصة برؤيتهما على الطبيعة، أعطته الهاتف ليبعد عينيه عنها بخجل، قال بخفوت:-
-حاولت أعرف عن مرتى على الأجل اللى الناس تعرفه
ضحكت بسعادة أكبر على ربكته وتحاشيه للنظر بها….
_____________________
تأفف “حمدي” بضيق وهو يقف فى غرفة “خالد” غاضبًا ثم قال:-
-أدعي أنها متجولش لنوح، أنت جولت هتعلم عليهم بس متجبش بالغباء دا وتحط نفسك مباشرة
أجابه “خالد” بنبرة قوية غليظة:-
-مكنش جصدى يا أبويا
رمقه “حمدى” بضيق شديد ثم قال:-
-أستعد لغضب نوح وحاول تدور على مبرر تجوله عشان ميجتلكش
أستدار لكى يخرج ليستوقفه “خالد” بجملته قائلًا:-
-أنت رايح فين ومهملني لحالى
أجابه “حمدى” ببرود شديد:-
-عمك جال أنه هيعاود بمرته النهاردة، خلينى أطلع جبل ما يعاود
غادر الغرفة وتركه خلفه ليتصل “خالد” بصديقه ويقول:-
-بجولك ايه أنا طالع يومين الأجصر، جاى؟.. خلاص هعدي عليك كمان نصية..
___________________
أتسعت عيني “نوح” بصدمة قاتلة وهو يحدق بالطبيبة ثم نظر إلى “عهد” الجالسة على الفراش بالداخل ثم قال:-
-وهى تعرف الحديد دا؟
أجابته الطبيبة بنبرة هادئة ووجه عابس:-
-معتجدش إلا لو كانت بتشك فى الإغماءات اللى بتحصلها
تركها وعاد إلى الغرفة مُصدومًا لا يصدق ما سمعه فنظرت “عهد” له مبتسمةفتبسم بخفوت مُحاولًا أخفاء صدمته عنها…..
يتبــــع….
#هويتُ_رجل_الصعيد
الفصل الخامس (5)
___ بعنــوان “فتح الوصية” ___
خرجت “عهد” معه من المستشفى وهو شاردًا ووجه شاحب يمسك يدها بيده والأخري خلف ظهره، كانت تتعجب اهتمامه ومساعدته رغم أنها تلتزم الصمت، فتح باب السيارة وأدخلها ثم أقترب “نوح” أكثر يغلق حزام الأمان لها لتحدق به بدهشة أكبر، صعد جوارها ليقود السيارة وينظر عليها من تارة لأخري حتى وصل أمام المنزل، نزل وهرع نحو السيارة من الجهة الأخرى لياخذ يدها فقالت بخجل:-
-أنا كويسة يا نوح
هدأ من روعته بإحراج فتجاهلت يديه الممدودة لها ودخلا معًا للمنزل، أستقبله “على” وهو يقول:-
-حمد الله على السلامة، طلع مرتك ترتاح وحصلني على المكتب عشان هنفتح وصية جدك دلوجت وعمك مستعجل جوى
أومأ له بنعم فى صمت وأخذها للدرج فقالت بحرج:-
-روح لعمه يا نوح، أنا هعرف أطلع لوحدي
تشبث بيدها أكثر بإصرار على مساعدتها لتحاول جذب يدها فضغط أكثر وهو يحدق بعينيها يقول:-
-هشش هتسمعى الكلام ولا هشيلك لحد السرير بنفسي
تبسمت بسخرية وهى تصعد الدرج معه وتُتمتم قائلة:-
-فاتح صدره وكأنه هيقدر محسسنى أنى متجوزة فاندام
لم تنهى جملتها لتخرج منها صرخة خافنة عندما حملها على ذراعيه بسرعة البرق فأتسعت عينيها بذهول على مصراعيها ثم قال:-
-بعون الله أجوى من فاندام كمان، بعدين متحسسنيش أكدة أنى معملتهاش جبل اكدة
تنحنحت بحرج منه وهى تتحاشي النظر له، يصعد الدرج بها متطلع إلى ملامحها التى تزداد حمرة من خجلها ليقطعه صوت “أسماء” من الأعلي تقول بغيظ وغيرة:-
-خير رجلها أنشلت؟!
رفعت “عهد” نظرها لها بغضب وتلاشي خجلها وكزت على شفتيها بضيق لكنها تبسمت بمكر وهى تعلم بأن هذه الفتاة ترغب بزوجها وتعشقه بجنونه فلفت ذراعيها حول عنقه بدلال ثم قالت بعفوية مبتسمة له:-
-أوعاك توقعنى مفهوم!
تبسم بلطف وأومأ لها بنعم لتشتاط “اسماء” غضبًا وغيرة من رؤيتها بقرب حبيبها هكذا وهو يدللـ,ـها أمام الجميع دون خجل أو حياء، مر من جانبها لتضـ,ـرب “أسماء” قدميها بيديها من الغيظ وتقول مُتمتمة:-
-أنا اكدة هموت مجـ,ـلوطة بالجلب
دخل “نوح” الغرفة بها لينزلها على الفـ,ـراش ثم قال:-
-هبعت لك الوكل مع حُسنة، تأكل زين
أستدار لكي يرحل لتقف بسرعة وهى تسير خلفه وتقول:-
-وأنت مش هتأكل!!
استدار لها ثم قال ببسمة خـ,ـافتة:-
-لما أعاود هأكل بس المهم تأكلي أنتِ زين عشان متتعبيش تاني
أومأت له بنعم فمسح على شعرها بيده ثم غادر لتبتسم وهى تشعر بضـ,ـربات قلبها تتسارع وتضع يدها على رأسها بخفة وتملأها السعادة من لطفه ومعاملته الطيبة لها…
_______________________
فتح المحامي الوصية وعرضها على “حمدي” واخاه الاصغر “على” و”نوح” وصُدم الجميع عندما وجدوا كل التركة تعود إلى “نوح” وليس أحد الابناء بل سجل الجد كل شيء باسم الحفيد والابناء لا يحق لهما شيء حتى منزل العائلة اصبح ملك “نوح” فثار “حمدي” بجنون وهو يقف ويضـ,ـرب المكتب بيده ويقول:-
-لا أبويا شكله أتجن ومكنش فى عجله وهو بيسجل الوصية دى
كان “على” مُصدومًا مثله تمامًا فأجابه بهدوء وهو يتكأ بيديه الأثنين على النبوت:-
-اتحدد عن ابوك زين، أبويا ميت وهو بعجله وعجله يوزن بلد كمان
صاح “حمدي” بغضب أكبر وهو يلوح بيديه فى الهواء:-
-طبعًا ما هو ابنك يورث يبجى انت ورثت وأطلع أنا وعيالى من المولد كله
تحدث المحامى بنبرة خشنة وقوية يقول:-
-يا أستاذ حمدى والدك رحمه الله كتب الوصية دى من سبع سنين وهو فى صحته وفى عز شغله وهو واجف على رجله
تركهم وخرج من الغرفة وهو يثور ويصرخ بتهديدات واضحة:-
-الله يجحمه فى جبره، أنا مهسكتش وحجى هأخده من اتخن تخين فى الدار والبلد كلتها، أبجى جاعد فى بيتى ويتجالى مالكش فيه
خرج “نوح” خلفه وهو يخرج عن صمته وكأنه كان على علم بالوصية فلم تصيبه الدهشة أو الذهول ليقول بضيق:-
-أتحدد عن جدي زين، وحجك اللى بتحدد عنه دا مالكش فيه دا عدل ربنا، المحجر والتجارة والاراضي أنا اللى بسهر ليالي عليهم وبسافر عشانهم، عملت ايه يا عمي انت ولا ولدك اللى مجضيها صرمحة وسفر وراء السياح والغوازي عشان تكبره، لتكن فاكر أن جدي كان عنده أطيان واتولد بمعلجة من دهب
استدار “حمدي” له بغضب سافر وهو ينكزه بعكازه الخشبي فى كتفه ويقول:-
-دا بجى الحديد المسموم اللى رميته فى ودن جدك عشان تضحك عليه مش أكدة يا واد اخوي
نزلت “عهد” من الاعلى على صوت شجارهما وخرجت “فاتن” و”سلمى”من المطبخ، غادر المحامى المنزل وتركهم فى شجارهم، انزل “حمدى” عكازه ارضًا وهو يقترب نحوه أكثر ثم قال بتحدي وعينى تبث شرارة ونار:-
-أنا مهسبش حجى يا نوح لو على موتي