
تانى يوم أستعد شريف للشغل ، وبص بنظرة سريعة على رقية وهى نائمة بالعباية والطرحة وابتسم لحيائها رغم أنه كتب عليها وكان ممكن تقلع عادى طرحتها لكن الخجل منعها .
ثم توكل على الله ومشى وحست رقية بيه لما نزل ، فقامت بعده وتوضت وصلت وقرئت وردها اليومى وشغلت تليفونها على سورة البقرة عشان البركة تعم المكان .
وبدئت تحضر المحشى بسرعة عشان تلحق تجهزه ويستوى قبل ما شريف يرجع من الشغل .
ده غير ترتيب الاوضة على نحو ما يجب وتعطيرها كمان .
وعدى الوقت وجهزت فعلا رقية المحشى وبدئت فى التسوية اللى خلت ريحته فاحت لغاية ما وصلت للجيران .
وشمها جاره سعد وجاره محمد مغتربين برده مصريين .
فكلم محمد سعد وقال …انت شامم اللى انا شمه يا سعد ولا ده بيتهيألى من كتر الجوع .
سعد …اه فعلا شامم يا صاحبى ، ريحة محشى بس يا ترى جاية منين دى ، دى أول مرة أشمها فى العمارة الفقرية دى
_
مين الخاين اللى عمل كده من ورانا وعارف إننا هنموت على ريحة الحبايب دى .
محمد ..ايوه خاين ولازمن ولابد نكشفه ونصادر الحلة .
سعد ..طيب يلا بينا ، هجوووووم .
وقعدوا يشمشموا زى الهوهو لغاية ما وصلوا لأوضة شريف .
سعد …ده طلع الخاين شريف ، بس مش معود يعنى ، ده كان لما كانت بتجيله حاجة من بلدهم مع حد من قرايبه كان بيقسمها علينا زينا زيه .
ايه حصله المرة دى ، للدرجادى المحشى غيره .
وفى الوقت ده كان جه شريف من الشغل وشافهم بيشمشموا ولسه بينادوا ويقولوا يا شريف يا خاين .
لقوا نفسهم الأتنين ممسوكين من قفاهم وشريف بيقول بانفعال وصوت عالى ..بتعملوا ايه هنا ؟
سعد …ايه انت جوه ولا بره يا عم شريف .
ضحك شريف ..انت شايف ايه ؟
_
محمد ..امال مين اللى جوا وعمل المحشى المهفف ده ، تكونش يا راجل مصاحب جنيه .
وفتحت رقية الباب ، فمحمد وسعد رجعوا لورا وقالوا …بسم الله الرحمن الرحيم ، الجنية .
فضحك شريف …جن لما يلهفك انت وهو .
وعيب اللى بتقوله ده ، دى رقية مراتى .
إتهزت رقية من جواها وفرحت اوى بكلمته ( رقية مراتى ) بس دامت فرحتها لحظة ورجع الحزن لقلبها تانى لما عرفت انها مجرد فترة وهيطلقها .
سعد ومحمد فى نفس واحد …انت اتجوزت من ورانا يا شريف .
عملتها امتى يا خلبوص ؟
بس يا بختك يا عم ، ناس ليها الفول والتونة وناس ليها المحشى .
بس الف الف مبروك ، فرحنالك والله ، ربنا يسعدك .
شريف …الله يبارك فيكم .
_
سعد ومحمد …طيب هنستأذن بقا ومعلش احنا اسفين مكناش نعرف اللى فيها .
شريف …لا والله ما انتم ماشيين غير لما تتغدوا معانا .
سعد وهو بيزق محمد ويدخل …بس يعنى مش عايزين نزعجكوا وانتوا لسه عرسان .
فضحك شريف …لا ابدا .
شريف …يلا يا رقية حضرى الغدا .
ابتسمت رقية وشورت على عيونها وكأنها بتقوله ( عيونى ) .
واكل شريف مع أصحابه وكان مستمتع جدا بالأكل وكل ثانية كان بيبص لـ رقية بإمتنان وكأنه بيشكرها .
سعد …تسلم ايدك يا مدام رقية والله ، بس تصورى أن ايدك دى تتلف فى حرير وممكن تجبلك فلوس وأنتِ قاعدة فى البيت كده .
ده يعنى لو شريف يوافق .
رقية …ازاى ؟
_
سعد .. أقولك، يعنى لو تعملى الأكل المصرى حلو ، وتبيعه للشباب اللى نفسهم ياكلوا أكلة حلوة كل فترة أو حتى الإمارتى ذات نفسه لأنهم بيموتوا فى الأكل المصرى .
بص شريف لـ رقية وقال …طيب والله فكرة حلوة .
بس هنجيب الزباين منين ؟
محمد …متشلوش هم الزباين ، سبولى انا الموضوع ده ، بدال عندكم النية ، ثم شاور محمد على بطنه وضحك وقال …بس انا ليه طبعا نسبة مع كل زبون صباع محشى ولا طاجن بمية ولا طشة ملوخية ولا يا عينى مسقعة.
رقية …حاضر بس قولى الطلب قبلها بيوم عشان أحضر .
وفعلا مع الوقت اشتغلت رقية فى الأكل المنزلى .
وفى يوم رجع شريف مرهق ورمى نفسه على مكان الراحة ، فجريت عليه رقية وقالت بقلق …مالك يا شريف ، شكلك مرهق كده من ايه ؟
شريف ..مش عارف سائل أحمراغى هتتفرتك وجسمى وجعنى جدا .
قربت رقية ولمست جبهته وقالت بصوت مخضوض …ده انت مولع نار ، ألف سلامة عليك .
شريف بضعف …الله يسلمك يا رقية ، بس ياريت تناولينى برشام باندول عشان الحرارة تنزل والألم يخف عشان اقدر انزل شغل بالليل .
_
رقية ….هجبلك البرشام اه ، لكن يستحيل تروح الشغل وانت مرهق كده حتى لو اتحسنت شوية لكن لو روحت الشغل هيزيد عليك التعب عشان كده لازم ترتاح الليلة دى ومش تقوم من مكان الراحة .
شريف …مينفعش يا رقية لازم أروح عشان صاحب الشغل ده ، انسان مش تمام وبيتلكك لاى حد وما هيصدق أغيب عشان يخصملى من الشهر ومش بعيد يمشينى عشان يوفر ويجيب بدالى واحد هندى عشان الهنود بياخدوا مرتبات أقل مننا وبيشتغلوا زى الحمير مش بيكلموا ، وانا محتاج الشغل ده جدا .
ففكرت رقية شوية وقالت …ما انتش رايح الشغل ومتقلقش مش هيتخصم منك حاجة .
شريف …ازاى ده ؟
رقية …لانى هروح بدالك النهاردة واعمل كل المطلوب منك .
شريف …لا يمكن ازاى يا رقية ، هتتعبى جدا ، دول مش بيرحموا صدقينى وانا مستحمل بس عشان الحوجة وحشة .
رقية ..انا خدت قرار ، هروح يعنى هروح بس اوصفلى فين يا شريف .
شريف بحرج ..مش عارف اقولك ايه يا رقية ، بس كده هتصعب عليه نفسى اكتر ، لإنى مش حابب أبهدلك معايا يا بنت الناس .
نظرت له رقية بإمتنان …انت تبهدلنى ، ده انت اللى رتبتنى بعد ما كنت متبهدلة من الكل والله يا شريف .
ومهما عملت مش هقدر أوفى جميلك عليه .
_
شريف ..انتى إنسانة جميلة يا رقية بجد ، وانا مش عارف أقولك ايه .
رقية ..متقولش حاجة غير العنوان ،وسيب الباقى عليه ودلوقتى انا هديك البرشام وبعدين تشرب شوية شوربة كده مع حتة فرخة صغيرة ، وتنام وتريح جسمك عقبال ما أرجع .
شريف ..مش هيجيلى نوم طول ما أنتِ بعيدة عنى يا رقية .
أحمر وش رقية من الخجل ولفت وشها وخدت نفسها ومش مصدقة الكلمة اللى قالها شريف بس قالت اكيد يعنى خايف عليه مش قاصده حاجة .
حتى شريف بعد ما قال كده ، عاتب نفسه وقال ..انت ايه اللى بتقول ده ، لا فوق لنفسك دى مجرد حالة إنسانية انت بتساعدها وخلاص .
بس مش عارف انا لسه قلبى وجعنى لمجرد انها ممكن تبعد عنى حتى لو رايحة مكانى فى الشغل !
وفعلا حصل وراحت رقية مكان شريف بحجة أنه مرهق وأنها مراته وهتشتغل بداله .
وده كان سبب فى إعجاب كل اللى بيشتغل فى المطعم ده ، لانهم حسوا قد ايه عرف شريف يختار زوجة كويسة توقف جنبه فى اصعب المواقف وتكون راجل وقت الشدة .
وبعد مجهود ساعات تعبت فيهم جدا رقية ورجعت البيت مهدودة بس فى نفسها قدرت شريف اكتر وحست قد ايه هو بيتعب واتمنت أن بعد التعب ده كله يحقق حلمه ويرتاح .
دخلت رقية واستقبلها شريف بلهفة كأنه طفل وما صدق أمه رجعت .
_
حتى هى جريت عليه تتطمن وحطت أيدها على جبهته تشوف الحرارة نزلت ولا لسه عالية .
شريف ..حمدلله على السلامة يا رقية ، اكيد تعبتى ، انا اسف جدا والله وطول ما أنتِ هناك ، انا كنت بعاتب نفسى ، إزاى قبلت تروحى .
رقية ..سيبك منى ، ومتقلقش عليه انا بمية راجل ، المهم طمنى عليك انت حاسس بايه دلوقتى ، والحمد لله الحرارة نزلت .
شريف بابتسامة حلوة ، خلت قلب رقية ينتفض من مكانه وهى بتقول فى سرها ..يخربيت ضحكته الحلوة .
وللحكاية بقية 😊
شيماء سعيد 🤍
عريس مراتى
الحلقة الثانية والأخيرة
……………
بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله 🌺
_
شريف…..بخير يا رقية ، طالما إطمنت إنك رجعتى بالسلامة ، ودلوقتى أقدر أغمض عينى وانا مرتاح .
وارتاحى انتى كمان ونامى يا رقية .
رقية ..يستحيل أرتاح قبل ما تتعشى الأول .
شريف ..لا مش قادر ، انا هنام ، بس لازم تتعشى انتى أكيد عشان جعانة .
رقية بتذمر طفولى ..لو مش هتاكل معايا مش هاكل واتحمل ذنب بقا أنام جعانة .
وعلى فكرة انا جبت عشان خفيف يعنى هيريحك زبادى ، ومن النهاردة هحاول فعلا أظبط اكلى عشان أخس شوية .
حس شريف أنها زعلانة من جسمها وهتحرم نفسها من الأكل عشان تخس فقال …بصى يا رقية ، عايزك تعرفى أن اهم حاجة فى الإنسان هى أخلاقه الطيبة مش شكله وجسمه .
فلو عايزة تخسى عشان بس ترضى الناس ، فالناس زى ما بيقولوا مش بيعجبها حد ولا حتى الصيام فى رجب .
اما لو عشان صحتك ماشى ، لكن انتِ فى النهاية حلوة كلك على بعضك كده ومش يهمك حد .
فرحت رقية وتاهت فى نظرتها لشريف اللى غض بصره سريعا عشان يحاول يسيطر على نفسه ومش يعشمها بحاجة هو ميقدرش يوفيها .
_
وجه تانى يوم ونزل شريف الشغل فى الشركة الهندسية وقابل مدحت .
مدحت بترحيب …إزيك يا بطل ، واخبار العروسة ايه ؟
شوفت لها مكان ولا لسه ؟
شريف ..لسه والله ربنا يسهل .
مدحت ..كل ده ، ايه يا ابنى شكلها عجبتك وعايز تكمل ولا ايه ؟
بس لا يا شريف مش للدرجاتى يعنى ، انت واخدها ثواب مش اكتر ، فكفاية كده ، دى داخلة فى خمس شهور معاك يا أخى .
فخليها تشوف مكان ولا أقولك فيه بنت جديدة هنا فى الشركة كانت بتدور على وحدة تسكن معاها عشان يتقاسموا فى الفلوس ، ايه رئيك تقولها ؟
شريف بتردد …ااااه ، اااه ماشى هقولها.
مدحت …ايوه قولها وخلى بقا كل واحد يروح لحاله وتشوف نفسك عشان أجازتك قربت وان شاء الله المرة دى ترجع مجبور الخاطر بوحدة تحبها وتحبك وبنت ناس .
شريف ..ان شاء الله.
_
وفى نهاية اليوم لما رجع شريف وزى كل يوم كان بيحكى لرقية اللى حصل فى يومه وهى برده كانت بتحكى ديما يومها وكأنهم اتعودوا على كده .
كان على لسان شريف يقولها على السكن مع البنت اللى قال عليها مدحت ، بس كل ما كان يحاول يكلم ميقدرش .
فكلم نفسه …ايه مالك يا شريف ، ما تقولها وتخلص ، وتشوف حياتك بقه زى الأول .
بس مش عارف إزاى هرجع مش هلاقيها تستقبلنى بضحكتها دى ، ولا هتكلم مع مين وهرجع لوحدتى من تانى ولا هلاقى مين يهتم بيه ويخاف عليه زيها .