منوعات

ذنوب على طاولة الغفران بقلم نورهان العشرى الثانى

_ كدا بردو يا أم غنى؟ تضحكي عليا و تخدعيني بالشكل دا ؟
_
«صابرين» بذُعر:
_ يالهوي كذبت عليكِ في ايه؟ والله ما حصل !
«عنايات» بتخابُث:
_ لما المحروسة بتك بتحب واحد و على علاقة بيه مقولتليش ليه لما جيت أخطبها ؟
ارتجفت أوصال «صابرين» من حديث «عنايات» المسموم، و ارتجفت الحروف خزيًا فوق شفاهها لتحاول نكران هذا الحديث قائلة :
_ كلام . ايه دا. يا حاجه ؟ انا. انا بنتي ملهاش في الحوارات دي. بنتي متربية، و الكلام دا كذب
قاطعتها «عنايات» قائلة بنبرة قاطعة؛
_ لا ياختي الكلام مش كذب. بتك كانت بتحب واحد اسمه ياسر، و كانت ماشية معاه و كل الناس عارفين. الا أحنا. لا و الهانم مكفهاش كدا و بس دي كمان قالت لجوزها في وشه أنها مش عايزاه و مغصوبة عليه و بتحب واحد تاني غيره!
شهقة فزع شقت جوف «صابرين» حين استمعت إلى حديث «عنايات» المسموم، والتي تابعت بنبرة ذات مغزى:
_ انا حاسة بيكِ، و بالرغم من أن كسرة ابني مش سهلة يا صابرين. بس أنا شمتيني كتير و مش هخرب بيت ابني بسبب عيلة طايشة زيها.
_
اهتاجت «صابرين» من فرط ال و ال لتهتف بقسوة:
_ لا خراب بيت ايه ؟ انا هكسر اغها قليلة الحيا دي.
وصلت أخيرًا إلى ضالتها لتقول بنبرة زائفة الحزن:
_ لا متقلقيش ياختي هي خدت اللي تستحقه.
«صابرين» بفزع:
_ تقصدي ايه؟
«عنايات» بحدة:
_ أقصد أن ابني راجل ياختي، و الراجل لما يسمع من مراته البوقين دول ليلة فرحه اكيد هيعيد تربيتها من أول و جديد.
«صابرين» بلهفة و قلبي ينتفض ًا :
_ عمل فيها ايه؟
_
«عنايات» بلامُبالاة:
_ علقة صغيرة متخافيش اوي كدا. المهم تعقلي بنتك و توريها العين الحمرا، وانا عشان خاطر دي ولية واحنا بردو عندنا ولاية هحاول أطيب خاطر رأفت و أهدي الدنيا بينهم.
كانت كلمات «عنايات» تطن برأس «صابرين» التي كسى الحزن و الخجل وجهها ليُناظرها زوجها باستفهام حين أطلت عليهم، و لكن «عنايات» لم تُمهلهم الفرصة للحديث فقد صاحت بصوتها الرنان:
_ يالا يا حاج عشان نطلع نصبح على العريس و العروسة فوق.
تبعها والد «غنى» و زوجته و صعدوا معها إلى الأعلى لتُدخلهم «عنايات» إلى غرفة الصالون وهي تقول :
_ اتفضلوا اقعدوا على ما استعجل العرسان.
ما أن خرجت من الغرفة حتى التفت «مرزوق» إلى زوجته قائلًا باستفهام:
_ مالك بعد ما رجعتي من الأوضة التانية أنتِ و الست عنايات وشك قلب كدا ليه؟
احتارت بماذا تُجيبه، ولكنها مُجبرة فمن المؤكد سيعلم ما أن يراها :
_ بنتك يا مرزوق حطت راسنا في الطين.
_
«مرزوق» ب :
_ بتقولي ايه يا ولية يا خرفانه أنتِ ؟ عملت أية بنتي؟
قصت له« صابرين» ما حدث ليشعُر «مرزوق» بالاء تغلي في أوردته، فما فعلته ابنته خطأ لا يُغتفر:
_ تعالى يا رأفت سلم على حماك و حماتك.
دلف« رأفت» بمظهر لا يليق به، و بحقيقة فعلته الدنيئة فقد صافحهم باحتقار وكأنه صدق بأنه الطرف المظلوم هنا ليشعُر «مرزوق» بالخزي، و يقول بجفاء:
_ ممكن ادخل لبنتي؟
لم يُجبه «رأفت» فهتفت «عنايات» بلهفة:
_ طبعًا أومال ايه ؟ بيتك و مطرحك . مش كدا يا رأفت ؟
لم يُجيبها «رأفت»، ولكنه كان يُنفذ أوامرها بدقة ليصُب الوقود على البنزين و يدلف «مرزوق» إلى غرفة ابنته بوجه مُكفهر و ملامح تُنذِر بالسوء، ولكن من شدة كربها لم تُلاحظ ذلك، فقد كان مجيء والدها كالقشة التي يظُن الغريق بأنها نجاته، فهتفت بلهفة:
_ بابا.
_
ثم توجهت بأقدام ترتجف و خطوات متعرجة بفعل ذلك الضرر الذي لحق بجسدها لتحتضنه فإذا به يُباغتها بفتور و جمود لم يُبدده بكائها ولا إنتفاضها بين يديه لتتراجع الى الخلف وهي تقول بنبرة جريحة:
_ بابا.
أخطأت بظنها بأن ذلك الرجل «رأفت» قد ها، فقد جاءت صفعة والدها كسكين باتر انغرز في قلبها، و تلك الكلمات المُحتقرة التي سقطت كالسوط على جسد مُبتل بمياة الغدر :
_ بابا يا كلبة يا رخيصة. بابا اللي حطيتي راسه في التراب منك لله. ياريته كان ك و خلصني من عارك.
نالت معدتها لكمة قوية من قة جعلت جسدها يتلوى من فرط الألم، لتخرُج نهنهاتها المصحوبة بآهات ألم كان منبعه قلبها لينتفض قلب «صابرين» و تدفعه بعيدًا عنها وهي تنهره قائلة:
_ حرام عليك. البت هتموت في ايدك.
في الخارج حين سمع «رأفت» صوت استغاثتها انتفض من مجلسه قائلًا بذُعر:
_ ماما هو هيموتها ولا ايه ؟
ربتت «عنايات» فوق كتفه قائلة بمكر:
_ لا يا عين أمك. ده بيربيها. أصلها ناقصة ربايه، و عايزه يتكسرلها الأربعة و عشرين ضلع عشان تعيش تحت طوعك العمر كله.
_
«رأفت» بع فهم :
_ تقصدي ايه يا ماما؟
«عنايات» بخُبث:
_ بعدين هفهمك.
أنهت جملتها ثم هرولت إلى غرفة «غنى» التي كانت تنتفض كالطير الذبيح بين يدي «صابرين» لتقوم «عنايات» بدفع «صابرين» و جذبها إلى داخل أحضانها وهي تقول بلوم:
_ كدا بردو يا حاج؟ دا اسمه كلام ؟ ت مرات ابني في بيته ؟
«مرزوق» بانفعال:
_ دي كلبة لازم تندفن بالحيا قبل ما تجيبلي .
شهقت استنكار زائفة خرجت من فم «عنايات» التي غلفت خداعها بنبرة لائمة وهي توجه حديثها إلى «صابرين»:
_ كدا يا صابرين. دا بردو العشم بقى انا اتفك معاكِ بكلمتين تقومي تجري تقولي للحاج. طب دا وحياة سيدنا النبي ما حد يعرف البوقين دول غيرك، ولا حتى الحاج عبده اللي مبخبيش عليه النفس.
_
شعر «مرزوق» بالإمتنان لكونها تسترت على ابنته ليقول بنبرة جافة:
_ شكرًا يا ست أم رأفت. انتِ ست تعرفي في الأصول.
«عنايات» بتخابُث:
_ دي بتي يا حاج مرزوق، و لو مكنتش استر عليها مين يعمل كدا ؟ روق ك أنت بس و اطلع اشرب الشربات مع رأفت بره، و كل حاجه هتبقى زي الفل.
«مرزوق» بخزي:
_ معلش. خليها مرة تانيه. احنا هنروح دلوقتي. يالا يا صابرين.
أنهى جملته و توجه إلى الخارج و خلفه «صابرين» التي كان قلبها يتمزق من حزنها على طفلتها التي كانت تنتفض من فرط الألم و الكسرة التي شعرت بها بعد ما فعله والدها الذي من المُفترض أن يحميها و ينتزعها من بين يدي الذئاب و إذا به يتركها كفريسة سهلة بين براثنهم.
_ شوفتي بقى يا غنى يا حبيبتي. في النهاية مبقاش ليكِ غير ماما عنايات و بس.
اللهم أعذني من الشيطان، اللهم أجرني من الشيطان، اللهم احفظني من الشيطان، اللهم أعني على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك، اللهم احفظني من مكايد الشيطان♥️
★★★★★★★★
_
أسوء أنواع الطعنات و أكثرها بشاعة هي التي تأتيك من مسافة الصفر، أي أقرب نقطة إليك . التي وضعت بها غاليًا ظننت وفيًا لا يخون، فصنع من حسن ظنك به خنجرًا كان هو أداته لك دون أن يرف له جفنًا من الرحمة.
نورهان العشري ✍️
🍁🍁🍁🍁🍁🍁🍁🍁🍁
يحدُث أن تجعلك ال تفقد كل إتصال لك في هذا العالم، فمن وثقت به و أعطيته ظهرك هو من ك بسكين الغدر لتقف عاجزًا وتتوقف جميع حواسك عن العمل، هذا كان حاله في تلك اللحظة وهو يرى زوجته حبيبته بين أحضان رجل آخر!
كان يقف في العزاء كجسد بلا روح فقد اُزهِقت روحه بلا شفقة ولا رحمة من تلك التي آمن لها يومًا، و الآن مرت ثلاث أيام على ذلك اليوم المشؤوم الذي لا يزال يتذكر تفاصيله كما لو أنها حدثت الآن
عودة لما قبل ثلاث أيام
كان يقف كتمثال من حجر يُشاهِد ما يحدُث بصمت و كأن عقله ينفي أن كل هذا الهُراء يعنيه، فلم يلتفت لتلك الات التي أخذ شقيقها «مطاوع» يُكيلها لها ولا ذلك السُباب الذي أمطرها به فقط كل ماجذب انتباهه هو صُراخها باسمه الذي كان أول شيء يُعيده إلى أرض الواقع، و فجأة اخترق أذنيه صوت رصاص كان خارجًا من سلاح «مطاوع» الذي هتف بشراسة:
_ موتي يا فاچرة. أنتِ و عشيجك الكلب.
صرخات استغاثة و طلقات نارية و اء تناثرت في كل مكان تلاها صمت مُطبق لم يقطعه سوى صوت «مطاوع» الذي صرخ مُتألمًا :
_ رحيم. فوج يارحيم. دي كلبة متستحجش راچل زيك.
_
عودة للوقت الحالي .
انتهى واجب العزاء فتوجه إلى الداخل بأقدام هُلاميه و قلب ينزف و عقل لا زال غير مستوعب ما حدث، ولكن الحياة لا تتوانى عن صفعنا بقوة حتى نستفيق من غفلتنا فقد توقف في منتصف الرواق حين سمع صوت زوجة عمه و والدة زوجته الراحلة وهي تهتف بقسوة:
_ اني بدي اعرِف بتي ماتت ازاي يا مطاوع؟ مش داخل عليا السكتة الجلبية دي! دا انت حتى مرديتش تخليني احضر غُسلها ولا اكفنها بيدي.
زمجر «مطاوع» بحنق:
_ عدي يومك يامه، و احمدي ربنا أنها غارت في داهية.
«سكينة» ب:
_وه. كيف تجول على خيتك اكده. اني حتى مشوفتش عة واحدة من عينيك عليها.
«مطاوع» بجفاء:
_ و لا هتشوفي.
صرخت «سكينة» بانفعال:
_
_ ليه؟ مش لو كان هو اللي انخفى و غار في داهيه كان زمانك مموت روحك عشانه.
هتف «مطاوع» بنفاذ صبر:
_ ملكيش صالح برحيم يامه. سيبيه باللي هو فيه.
«سكينة» بصراخ:
_ مش هسيبه ألا لما اعرِف حنان ماتت ازاي؟
زمجر «مطاوع» بشراسة:
_ متچبيش سيرتها على لسانك. الله يحرجها مطرح ما راحت.
«سكينة» ب:
_اكده يا مطاوع؟ بتجول على خيتك اكده؟ مش دي اللي عاشت عمرها تحت رچلين صاحبك، و دارت على عچزه، و جبلت أنها تتحرم من الخلفة لجل ما تداري عنه.
لم يحتمل «مطاوع» كل هذا التجني في حق صديقه و ابن عمه فصرخ بانفعال:
_
_ بتك خاينة، واني اللي جتلتها.
تراجعت «سكينة» إلى الخلف من فرط ال التي جعلتها تهتف بلا وعي:
_ بتجول ايه؟
«مطاوع» بقسوة:
_ اللي سمعتيه. بعيني شايفها أني و رحيم في عشيجها، واني اللي غسلت عاري و جتلتهم سوى، و لو مش خايف على سمعة الوتايدة و رحيم كنت رميتها للديابة تنهش جتتها. ارتحتي اكده؟
لم يكُن يعلم بأن كلماته كانت كالخناجر التي تلاحقت بصدره فقد استفاق من حالة ال التي اعترته ليشعُر بحرائق تنشب في صدره، فأخذ يتراجع إلى الخلف ينوي الأخذ بثأره، ولكنه توقف في أسفل البهو وهو يُخبِر نفسه بأنها رحلت. تلك الخائنة ماتت دون أن يقتص منها ما فعلته به.

انت في الصفحة 4 من 5 صفحات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
0

أنت تستخدم إضافة Adblock

انت تستخدم اضافة حجب الاعلانات من فضلك تصفح الموقع من متصفح اخر من موبايلك حتي تقوم بتصفح الموقع بشكل كامل