منوعات

قلوب تائهة بقلم سهام صادق الثالث والاخير

لحظات من الصدمه قد تجمعت أمام أعينهاا وهي تري ذلك الخبر في أحد الجرائد وكأنهاا أصبحت غريبه عنهم ، ولكن لماذا لا تشعر بالألم ، هل لأنهاا كانت أخر من تعلم بكل شئ حتي تري هذا الخبر الماثل أمامهاا وتصبح علي علم بكل ماحدث معه، ولماذا تحزن وهو قد أخبرهاا بأنه قد طلقهاا وأن قليلاا من الوقت وستري ورقة طلاقهاا أمام أعينها كما قال أخر مره قد أتي اليهاا فيهاا ، لتنهض من علي كرسي مكتبهااا وتأخذ حقيبتهاا ، وتغادر الشركه بدون أن تفكر أين سيكون مقر العزاء ، وما من لحظات قليله كانت تقف أمام القصر الذي أتت اليه باكيه ، ورحلت منه بقلب لا يُقال عنه سوا بالجبل الذي مازال صامدا … علمت من الحارس بعد أن رحب بهاا بأن العزاء سيكون في قصرهم الاخر ، لتذهب الي هناك وهي لا تفكر في شئ سوا ان تراهه ، سوا أن تمسح بيديهاا دموعه ، سوا ان تقول له أصمد ياحبيبي
لتدخل القصر بخوف شديد ، فهي قد أصبحت تخشي من تلك الحياه ، من حياة القصور التي لا تكون سوا سجنا يدخله المرء ليفني في حياة لا يبصر فيهاا بسوا الألم .. كما أصبحت تظن
لتقترب منها ألهام بدموع وهي تحتضنهاا : ياحببتي يامريم ، وحشتيني معلش معرفتش اتصل بيكي وأقولك ، غصب عني لتحتضنهاا مريم بحب وهي تقول : ربنا يصبركم ويصبر أدهم
ألهام بألم : أدهم لحد دلوقتي منهار،ربنا معاه ويصبرهه
مريم بأسي : احساس الفقد صعب اووي ، وبالذات الاهل ، ربنا يصبرهه
ألهام : يارب يامريم
مريم بتسأل : هو فين دلوقتي
ألهام : بيشوف الحادثه كانت من فعل فاعل ولا لاء ، لان البوليس شاكك في الموضوع ، ومستنين أياد عشان طلب أن محدش يدفن أبوهه غير لما يكون موجود
لتتطلع مريم بألم اليهاا ، وهي تتنهد بحزن ، لتمسك الهام يدها وتجلسهاا علي أحد الارائك وهي تقول : تعالي اقعدي يابنتي ، أنتي شكلك تعبانه
………………………………………….. …………..
وتري القبور أمام عينيك ، لتتأملهاا وانت تري أين نهايتك ، نهايتك التي تصبح غافل عنهاا ، حتي يأتي الدور ، لتفيق علي أصواتهم وهم يودعوك ، ويتركوك بمفردك ، ولا يبقي لك شئ لا مال ولا بنون ولا قصور ولا أي شئ غير عملك الذي قضيت طيله حياتك تجنيه .. ليأتي يوم الحصاد لتفارق الروح الجسد ولا يبقي شئ حولك غير التراب والظلام
لحظات من الحزن قد أعتلت قلوبهم ، وهم يودعوهه بألم ، وهم لا يظنون للحظه أنه قد فارقهم
ليقترب أياد بدموع من أخيه الاكبر ليحتضنه وهو يقول : خلاص يا أدهم ، راح ابوك راح وسبنا ، أنا حاسس أنكم بتضحكوا علياا …
ليحتضنه اخاهه بشده وبصوت ضعيف : أياد خليك قوي ، أدعيله يا أياد
أياد بألم : كنا ديما بُعاد عنه ، بس هو الي أختار كده .. وقرر أنه يسيبناا نعيش حياتنا بالفلوس ، الفلوس الي مكنتش غير نقمه ومش نعمه علي حياتنا ، الفلوس الي مش بتعمل الحنان ولا بتعمل الاسره ، طول عمرنا كنا اسره مشتته كل واحد في حياته ، مبنجمعش لغير في الحفلات والمناسبات او في المشاكل وبس …
ليتمالك أدهم دموعه التي قد أوشكت علي أن تخونه ليصرخ ويقول : خلاص ياأياد ، ارجوك …
ليقترب أحمد منهم بألم : أياد يلاا ، وسيب ادهم شويه لوحدهه
لينظر لهم أياد بألم ، ويغادر احمد واياد المدفن ليبقي أدهم فقط ، ليظل يتأمل ذلك المكان بدموع قد خانته الان وبدأت تسقط ليقول بصوت باكي : مبقتش قوي خلاص ، فاكر لما كنت بتقولي اني بفكرك بشبابك وقوتك ، وان محدش كان يقدر يقف قدامك مهما كان… خلاص القوه اتهدمت الي كنت بأخدهاا منك ، ليبكي بحرقه ليقول : عزت باشا ، قصدي يا بابا ، كنت ببقي كارهه نفسي وانا مش بنطقهاا ، مهما كبرت وبقيت حاجه كنت بشتاق اوي لنطقهاا ، فاكر وانا صغير لما قولتلي ان اول كلمه نطقتهاا هي ديه ، بقيت تقولي مكنتش فاكر ان اول كلمه هتنطقهاا هتبقي اول كلمه هتكرهه انك تقولهاا .. سامحني
ليذهب ويتركه ، وهو يجفف دموعه، ليرتدي نظارته وهو يخفي عيناهه ، ليصبح القلب وحدهه من يشعر بضعف صاحبه
………………………………………….. …………..
يوما طويلاا قد قضوه من الألم ، ألم سوف يطيب مع الوقت ، وينسي مع الزمن … ليرحل اخر ونودعه بنفس الطريقه ليعود ألينا النسيان محملا لنا حتي تستمر الحياه ، ولو نظرناا سنجد ان كل مناا يرحل بعمله فقط وطيبته التي يزرعها في دنياهه ، ليبقي أثر خيرهه هو فقط الموجود
بدء الناس بالأنصراف ، وبدأت لحظات الصمت تعُم المكان لتبدء دموع نانسي المزيفه بالهبوط بأحترافيه لتقول : محدش حاسس بيا ،ولا حد حاسس بالوجع الي جواياا ، لتتطلع الي أعين شاهي ومريم وهي تقول : كل واحده فيكم مع جوزهاا الا انا ، اترملت في عز شبابي .. لتظل تبكي بألم مخادع
لتظل نظرات مريم وشاهي لبعض ، لتنهض شاهي لكي تطمئن علي طفلها النائم ، وتنهض مريم لتقترب منها وهي تقول : ربنا يصبرك يامدام نانسي … وتلتلف بوجهها بعيدا كي ترحل
لتقترب منهاا ألهام : رايحه فين يامريم
مريم : هروح ، وهبقي أجي بكره ان شاء الله عشان أعزي أدهم وأطمن عليه
لتقترب منها الهام بأشفاق : علي فكره هو في مكتبه تعالي أدخليله
لتتابعهاا مريم ، وأعين نانسي مسلطه عليهم لتنهض من مكانهاا وهي تنفث دخان غضبهاا لتغادر المكان بأكمله فهي لن تتحمل أكثر من ذلك في تمثيل دور الزوجه المخلصه
وما من دقائق كانت تخرج فيهاا صوتهاا بصعوبه وهي تقف خلفه وهو يدخن سيجاره تلو الاخري ، لتقترب منه بخطوات بطيئه وبصوت هادئ : البقاء لله يا ادهم
ليلتف اليهاا بهدوء وهو يتطلع الي معالم وجهها : ونعم بالله
مريم بحب : انا حبيت اطمن عليك قبل ما امشي واعزيك
أدهم بجمود : تمشي تروحي فين !
مريم : هروح بيتي !
أدهم بصرامه : وعلي أساس أن ده بيت مين، مش عايز أسمع موضوع بيتي وبيتك ده تاني فاهمه ، انا مش هسيبك عايشه لوحدك أكتر من كده ، قولتي تبعدي شويه قولت مش مهم ، قولتي اعيش لوحدي قولت هنفذلك رغبتك ، منعتيني أن اكون جنبك أستحملت وقولت مادام هي حابه كده انا هنفذلهاا رغبتهاا … بس بعد كده هتسمعي الكلام سامعه
مريم بألم : أنت ناسي اننا خلاص اطلقنا
أدهم : ومين قالك أني طلقتك ، انا قولتلك كده عشان أريحك من وجودي الي بقيتي خلاص رفضاهه في حياتك
مريم : يعني أيه احنا مطلقناش !
أدهم بشرود : لاء ، وانتي لسا مراتي يا مريم
ليظل يتأملهاا قليلا وكأنه يخاطب كل جزء فيهاا بأنه قد أشتاق اليهاا كثيراا ، ليشيح بوجهه سريعاا وهو يندهه علي أحد الخدم بعد أن غادر مكتبه ليقول : طلعي الهانم أوضتي ، عشان ترتاح … ويتركهاا ويغادر القصر بأكمله وأعين ألهام ومريم عليه ، ليصطدم به أحمد ويخرج خلفه مُنادياً
لتقف الكلمات عاجزه، وتتوالي نظرات الاعين باحثه عما تفقدهه ، ويبقي صوت واحد يأن بين الدموع وهو صوت القلب …. ليخبرنا بضعفه وأنينه…

انت في الصفحة 23 من 38 صفحات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
2

أنت تستخدم إضافة Adblock

انت تستخدم اضافة حجب الاعلانات من فضلك تصفح الموقع من متصفح اخر من موبايلك حتي تقوم بتصفح الموقع بشكل كامل