
– مقولتش كدة!
اكمل حديثه وهو يرتب خصلات شعرها
– قصدي صيغة الكلام وترتيبه ده منك انتِ وطريقتك مش طريقة دينا أختي.
توترت ياسمين من حركة يده بين خصلات شعرها، واردفت
– طيب ايه المشكلة ؟
ثبت عمر يديه أسفل ذقنها واردف وعينيه تطالعها بحنو
– انتِ عايزة كدة يا ياسمين ؟ فرح وقاعة وليلة، عايزة كل ده ؟
– مفيش بنت مبتتمناش ده، بس لو عملت كل ده مين هيجي من عندي ؟ انت عارف إن بابا مكنش ليه حد وكان لوحده، بابا لو كان ليه حد مكنش اتق تل، وماما كمان ماتت من وهي بتولدني، كبرت على إني مليش قرايب، حتى صحابي بعدنا من وقت ما سافرت دبي، الفرق بيني وبين أي بنت إن هي بتتمنى اليوم ده وانا كنت خايفة يجي.
مد أنامله ليمسح دموعها التي كانت تسيل على وجنتيها، بينما اردفت ياسمين بخفوت
– هو احنا ايه ؟
عقد عمر حاجبيه واردف بتساؤل
– مش فاهم قصدك ؟
ابتعدت عنه ياسمين واردفت
– يعني انا وانت ايه ؟ علاقتنا ببعض تتسمى ايه ؟ صداقة ! بس..
قاطعها عمر وهو ينهض من مكانه واردف بهدوء
– انا رايح اشوف دينا عشان رايح المكتب.
هرولت ياسمين خلفه سريعًا وهي تمسك ذراعه
– مجاوبتش على سؤالي يا عمر.
– مكتوب كتابنا زي اي اتنين مكتوب كتابهم!
– بس احنا مش زي اي اتنين وانت عارف كدة، سبب اننا نكتب الكتاب كان غصب عنك وعني.
– وانا مش بعمل حاجة غصب يا ياسمين، ومش انا اللي اتغصب على حاجة ف حياتي، ويوم ما انغصب تكون على جواز !
رجعت خطوات للخلف واردفت بدهشة
– يعني كل اللي حصل انت موافق عادي عليه ؟ كلوا برضاك كدة ؟ طب وانا ..! افرض مش عاوزة ؟
– وايه اللي هيخليكِ مش عاوزة ؟ ولو مش عاوزة ده ليه سمحتي ليا اشيل الحدود اللي بينا واتقرب منك عشان نكسر الحواجز، ونكمل حياتنا بشكل طبيعي.
– لأ يا عمر، اللي جمعنا سوى حاجة واحدة، إنك تعرف مين بابا وتحبسه وقتها اكيد هتبعد، وعشان عندك ف حارتكم الكلام كتير ف عادي كتبنا الكتاب لحد ما الموضوع يخلص وبعدها هنطلق !
– دي نظرتك لكل ده ؟ طب خلينا نفترض إن حصل زي ما قولتي بعدها هتعملي ايه ؟
– هرجع تاني دبي وأكمل حياتي هناك، أو هروح أعيش ف ڤيلتنا ف مصر واكمل حياتي.
– اتفقنا يا ياسمين.
شعرت بغصة داخل حلقها من جملته التي قالها بجدية لها، هل اقتنع بكل شيء قالته ؟ هي لا تريد كل ذلك! هي تريد البقاء معه وكان عليه أن يفهم هذا !
– اتفقنا يا عمر.
قالتها بـ عقل أنثى يأبى الخضوع والاستسلام، وهي ترفع رأسها بشموخ وكبرياء يعكس انحطام قلبها.
غادر عمر الغرفة بل الشقة بأكملها واتجه لشقة صديقه الذي قص عليه ما حدث بينهم..
حسن بتفكير
– طب وانت مضايق ليه ؟ هو انت عايز غير كدة يا عمر ؟
تراجع عمر للخلف وهو يستند على الأريكة
– عايز أخلص من كل حاجة يا حسن، حاسس إني ف كابوس عايش فيه بقالي ٣ سنين.
ربط حسن على كتف صديقه
– هتخلص، صدقني مسألة وقت بس، وبعدين مش انت شغال على المشروع ؟ والراجل قولت حاسس إنه هيقبل البرنامج ؟ انت بس تحط رجلك ف الشركة دي عشان تقدر تدخل الوسط كلوا.
تراجع حسن للخلف واكمل
– وبعدين والله ياسمين دي بنت حلال، جرب حظك معاها وحاسس إنك مش هتندم يا عمر.
– هجرب حظي ف نفس الحفرة ؟ ياسمين تختلف ايه عن ريم ؟ نفس الطبقة ونفس المستوى والتربية! ياسمين دلوقت قِبلت الوضع لسبب واحد وهو مـ,ـوت أبوها، غير كدة مكنتش هتقبل تعيش هنا.
– بس انت مش نفس عمر! واحدة واحدة هتكبر وتنجح! وبعدين ما كلهم بنات، وعندك دينا اختك..اتربت وكبرت ف الحارة بس أول ما لقيت فرصة تطلعها منها مسكت فيها، أي بنت بتتمنى الأفضل لحياتها، خاصةً لو قدامها اختيارات يا عمر.
– هو فيه اختيارات ف الحب ؟
– فيه الأفضل للحب، إنك تحب وتدور علة إنك تعيش افضل حياة مع اللي بتحبه، وده مش عيب، مش عيب إني أحب حد وأفضل انحر واتعب عشان اعيش معاه الحياة الأفضل، مع ريم انت كنت هتعمل كدة، بس صدقني مكنتش تستاهل، اللي تستاهل تعمل ده هو ياسمين يا عمر، جدعة عندها إستعداد توقف جمبك طول الوقت، لو وقعت هتلاقيها سندتك ومتقولش غير كدة لأن ده واضح قدام عينيك زي ما واضح للكل يا عمر.
تنهد حسن واكمل بجدية
– بلاش يبقى قلبك متمرد عن العشق كدة، انت بتفكرني بـ رواية قريتها كان إسمها قلب يأبى العشق، واهو ده قلبك يا عمر.
نهض عمر من مكانه واردف
– أنا رايح أشوف المكتب، وموضوع ياسمين ده آخر حاجة ممكن أفكر فيها يا حسن.
– طب ليه ميكونش أول حاجة ؟ الست تحب إنها تحس بأن هي أول تفكير ليك وأول إهتماماتك يا عمر، فكر وقرب وجرب ع الأقل تلاقي جانب حلو ف حياتك وسط كل ده يخرجك شوية!
عمر بتفكير في حديث حسن
– والكلام اللي هي قالته ؟
– وهو فيه ست هتيجي تقولك حافظ عليا يا عمر ؟ هتقولك عشان خاطري انا بحبك اتمسك بيا ؟ الكلام ده بيطلع ف الأفعال يا عمر مش الكلام، الأفعال دي انت اللي بتحددها مش انا هحددهالك يا صاحبي.
طالعه عمر بتفكير لتمر ثوانٍ ثم استدار وغادر الشقة بأكملها متجهًا للمكتب لبدء أول يوم عمل لهُ.
بينما امسك حسن بالجاكيت الخاص به، ورحل خلف عمر مسرعًا لـ يلحق به.
وصل عمر للمكتب مع حسن، ودلفوا للداخل..
كان المكتب عبارة عن شقة بالدور الأول كان قبلهم عيادة لطبيب أسنان، وعبارة عن غرفتين وريسبشن، أحدهم مكتب لـ عمر والآخر لـ حسن، تركوا الريسبشن حتى مع الوقت يأتي بسكرتير خاص لهم.
ابتسم عمر بإعجاب
– حلو يا حسن، الشغل فيه جميل تسلم ايدك.
– تسلم يا صاحبي، كمان الشقة كانت عيادة أسنان ف الدكتور كان مخليها نضيفة ع الآخر، يادوب حبة تظبيطات صغيرة وطلعت زي ما انت شايف كدة.
ابتسم له عمر وشرع الإثنان ببدء عملهم..
جلس عمر على المكتب الخاص به بارتياح، و وضع اللاب توب الخاص به، وفتحه وشرع بالعمل على التصميم..
بدأ أن يكمل عمله عليه ولحظة توقف وهو يتذكر سهرته هو وياسمين على ذاك التصميم معًا..وجملتها تردد بداخله ( لو عملته من غيري هزعل)
أغلق عمر الحاسوب وظفر بضيق وهو ينهض من مكانه وأخذ متعلقاته ليغادر المكتب.
بعد وقت وصل للمنزل، وفتح باب الشقة و ولج للداخل و وجد ياسمين تجلس وبجانبها والدته يشاهدون أحد الأفلام.
ألقى عمر السلام على والدته ثم هتف وهو يذهب نحو غرفته
– ياسمين تعالي خلصي التصميم معايا لأني هسلمه بكرة.
نظرت ياسمين نحوه بتعجب ونهضت من مكانها وسارت خلفه، و وجدته يجلس على الفراش وهو ينظر للحاسوب بتركيز.
جلست ياسمين بجانبه، وبدأ عمر بالعمل على التصميم وياسمين تساعده.
مر الوقت عليهم حتى انتهى العمل على التصميم بأكمله، لتتسأل ياسمين
– هتسلمه بكرة ؟
– أيوة.
ابتسمت ياسمين لهُ واردفت
– شكرًا ليك يا عمر.
طالعها عمر بتعجب من شكرها لهُ
– ليه ؟
– على حاجات كتير اوي، على كل حاجة عملتها ولسة بتعملها دلوقت علشان بابا، على مخاطرتك وتفكيرك ف مين بابا وأنك تجيب حقه، وعلى جوازك مني يا عمر، وانك النهاردة جبت التصميم عشان قولتلك هزعل، رغم انك كنت ف المكتب وكان ممكن تعمله عادي بس رجعت مخصوص عشاني.
ابتسم لها عمر ومد يده يرتب خصلات شعرها واردف
– انا بالنسبالك ايه يا ياسمين ؟ بقالك ٣ سنين تعرفي عمر، عايز أعرف دلوقت عمر بالنسبة ليكِ ايه ؟
– تعرف كرتون روبانزل ؟
امأ لها بمعنى نعم لتتسع ابتسامتها وتكمل حديثها
– انا البنت دي يا عمر، كنت دايمًا محبوـ,ـسة ف العالم بتاعي مبطلعش منه، ويوم ما بابا اداني الفرصة أخرج لقيت وحوش كتير اوي مستنية خروجي، بعدين ظهر الأمير بتاعي اللي انقذني من كل ده، وفضل معايا ينقذني طول الوقت، ملى وحدتي ودخل العالم بتاعي من غير استئذان وكنت مبسوطة بـ ده، حسيت العالم بتاعي اتملى واكتمل بيه هو، دايمًا كنت بقول لـ بابا انا نفسي ف أمير زي الأمراء اللي بشوفهم ف أفلام ديزني كان بيضحك ! لدرجة إني صدقت إنه وهم بس كان جوايا حاجة بتقولي أن فيه أمير.. أمير موجود علشان ياسمين، بعدين لقيته، لقيتك انت يا عمر.
أدمعت عينيها واحتضنت يده بين يديها وهتفت
– احيانا بقول يا ترى مين هي أميرتك ؟ لقيتها ولا لسة ؟ يا ترى البنت اللي انت حبيتها كانت دي أميرتك ؟ بس انا مؤمنة بأن اللي بيخرج من الحياة بتاعتنا ف هو بيخرج لأنه مش بيكون مكانه، ف لو هي أميرتك زي ما بفكر هتخرج ليه ؟ هو مكانها ازاي هتخرج منه! مين أميرتك يا عمر ؟
قالت سؤالها الأخير وهي تنظر لعينيه بتوجس وخشية من سؤالها، وكأنها تترجاه أن يرضي روحها وألا يكسر جناحيها الآن..!