أغلق الهاتف ، لتقول رقيه : انتي هتخرجي يا فاتن ..؟
فاتن : ايوه يا داده في كلام كتير لازم اوضحه ليحيى ، و هو كمان مُصر يقابلني
رقيه : تحبي آجي معاكي
فاتن : لا مفيش داعي ، انا مش هاطول..
الفصل الثامن عشر
¤ فَلنُعطي للوداعِ حقه ¤
———————————————————–
إن كنت مستمعا جيدا لأصدقائك ، أو مطلعا على تجارب الاخرين ، أو حتى قارئا لبعض للروايات ، ستعلمُ حتما أن الحب لا يموت أبدا موتة طبيعيه ، بل تُزهِق روحه عوامل عده منها اللامبالاه ، الاهمال ، ظروف الحياه ، و الكثير الكثير…
لكنها عوامل قابله للاصلاح و التعديل و ربما ان اجتهد الطرفان سيصحو الحب معلنا انتصاره على كل تلك الظروف …بَيْد أنه ما يفجع الحب حقا و بدون اي خط رجعه هي … الخيانه …
التي تغتال الحب في عقر داره ، موجهة سهام اللوم و العتاب للقلب الذي أخطأ حينما وضع ثقته في غير محلها ، و حينها لن تكفي كل جهود الاصلاح والنوايا الحسنه لبعث الحب من رفاته ، و لقد ظن يحيى أن المطبات التي سيواجهها مع محبوبته لن تتعدى بعض الظروف والمشاكل اليوميه ، لم يتوقع حتى في أسوء كوابيسه ان يكون احد ضحايا الغدر و الخيانه …
_
شاهدها تدخل المقهى ، مرتديه الحجاب ، الذي زاد وجهها الملائكي نورا وبراءه ، و ربما أكمل الحجاب ذلك القناع الذي تستحضره أمامه …
جالت بنظرها في المقهى ، لتقع عيناها عليه أخيرا ، تشابكت نظراتهما من بعيد ، مرسلة تيارات من التردد و الريبه على غير عادتها ، بينما استوطن الجمود في عينيه…
اقتربت منه متردده ، ليقول بعد أن اصبحت أمامه : مالك ؟ زي اللي عمله عامله..
جلست فاتن ، لتقول بضيق : اولا حمدالله عالسلامه ، ثانيا انا معرفش اهلك قالولك ايه عن اللي حصل …
قاطعها يحيى ساخرا : اولا .. الله يسلمك …. ثانيا : اهلي مجبوليش سيره باللي حصل ، انا مستنى اسمع منك
صمتت فاتن ، ليقول يحيى : ها سبتي البيت ليه ….؟
قالت فاتن : عشان معدش ينفع افضل هناك و انا متاكده اني هاعملك مشاكل.. كفايه لحد كده…
يحيى : امممم طب انا عندي سؤال تاني ، ده لو مش يدايقك..
ارتابت فاتن من اسلوبه ، و القسوه التي تطل من عينيه ، لتقول بقلق : سؤال ايه ؟
يحيى : انتي خرجتي مع اختك و جوزها …؟؟؟
_
ارتبكت فاتن : اصل ..حصل حاجه طارئه و اضطريت اخرج معاهم ..
يحيى : تمام…
فاتن : تمام ايه..؟
يحيى بجمود : انا فكرت كويس و شايف اننا معدناش لبعض و لا ينفع نكمل اساسا…
ابتعلت فاتن الغصه التي باغتت روحها ، صحيح أنها قدِمت هنا عازمه على انهاء علاقتها به حرصا منها على عالفرحة التسبب باية مشاكل له مع اهله ، و لكن وقع الخبر من فمه كان صاالفرحةا جدا…
همست بضعف : انت بتتكلم جد ، عشان يعني خرجت مع نوف من غير موافقتك…!
ابتسم يحيى ببرود : ياااه ، انتي فاكره عقلي صغير للدرجادي…!
فاتن بحزن : طب انا كده فهمت و عندك حق ، انت لازم تعمل خاطر لاهلك ، يمكن تفتكر اني مش هاعذرلك عشان انا اصلا عمري ما حسيت يعني ايه اهل و سند ، بس متقلقش انا فاهمه و مقدره و مش هازعل منك..
يحيى الفرحة : انتي فاهمه غلط ، اهلي ملهمش دخل ، انا لو حابب كنت اقدر اقنعهم و مكنش هيبقى في اي نوع من المشاكل…
فاتن بتردد : عموما ربنا يوفقك … بس انا من حقي اعرف ليه ؟
_
يحيى : اهو انا مش هاديكي الحق ده ، لانك متستاهليش حتى اني اريح بالك..
نهض يحيى من مقعده ، مغادرا المكان ، قبل أن تفلت سيطرته على أعصابه ، فهو لم يفق بعد من الفرحة خيانتها ، لم يشأ أن يعطيها الفرصه لتستمتع بنجاح تسليتها ، فهذا بالضبط ما مثله في حياتها ، سيتركها محتاره اين أخطأت في رسم خطتها ، فذلك ربما يعطيه نوعا من الانتصار الداخلي ، فسيبقى في ذاكرتها الرقم الذي لم تستطع خداعه حتى النهايه…
عدا انه بعتابه لها سيعلمها كم تركت أثرا في نفسه ، نفسه التي سولت له و زينت علاقته بها ، و اقنعته بانه حتما سيستطيع تغييرها ، و لكن هيهات ..لقد صدق قول الرسول عليه الصلاه و السلام حين قال ..” إياكم وخضراء الالفرحةن، قالوا: وما خضراء الالفرحةن؟ يا رسول الله، قال: المرأة الحسناء في المنبت السوء”.
لقد كان من السذاجه بحيث اقنع نفسه بأن نشأتها و تربيتها طوال تلك السنوات ستُمحى بسهوله ، و لكن عبقها ما زال قابعا و بقوه في ثنايا روحها ، حتى وان ادعت عكس ذلك ، كان عليه أن يكون أكثر حكمه و يفطن للضعف الكامن في شخصيتها ، و الذي يجعل مبادئها عرضه للتزعزع في اي لحظه و خير دليل على ذلك هو اشتركها في المسلسل بالرغم من تيقنه بانها لا تهوى التمثيل فكره و لا موضوعا ، و لكن شخصيتها مهزوزه و من السهل التأثير عليها ووقوعها في النزوات …
استقل أول سيارة اجره ، و انطلق إلى عمله ، عليه الان أن يعيد النظر في أولوياته ، فاحلامه و طموحه سيأتيان دوما في المقالفرحةه …
¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤
شاهدته يستقل السياره ، و دون أن تفكر اوقفت هي الاخرى احدي سيارات الأجره …
دلفت اليها قائله : ورا التاكسي اللي ادام لو سمحت
أومأ السائق منطلقا حيث أشارت ، لتنكمش فاتن على نفسها في المقعد الخلفي ، خائفة من القرار الذي اتخذته، و متعجبه من كم التناقضات التي تعتمل بداخلها ، فقبل رؤيته كانت عازمه على انهاء كل صلة به و ذلك الفرحةا على مصلحته ، أما الآن وبعد أن ألقى بجملته الاخيره اعتراها الالفرحة ..
و تمتمت بخفوت : ” يعني ايه مستاهلش انه يريح بالي ”
_
تنهدت محتاره هل تتبعه و تواجهه على الاقل لتعرف السبب ، نعم ، من حقها أن تعرف لما تركها اول حب في حياتها ، و لكن الم تكن عازمه قبل قليل على تركه بدورها…
ابتسمت من الألم ، اينطبق عليها ما يقال عن تصرفات المراهقين ، فهي بالكاد اتمت عامها الثامن عشر، والتناقضات الموجوده في عقلها الآن لا تفسر الا أنها تصرفات ناجمه عن عالفرحة النضوج…
أخمدت المتنافرات المتصارعه في رأسها ، و تركت للالفرحة دفة القياده…
قالت فاتن بعد أن توقفت السياره التي يستقلها يحيى : اركن بعيد عنها شويه…
توقف السائق حيث أشارت ، لتعطيه الأجره ، ثم ترجلت من السياره و كل ذره في جسدها تضج من شدة التوتر ، ملهيه اياها عن نزيف قلبها الآخذ في التعاظم منذ اعلان يحيى لحظة الوداع بتلك الطريقه القاسيه.
انتظرت بضع ثوان ، بعد أن دلف يحيى إلى احدى البنايات ، و تساءلت هل يقبع هناك مقر شركته ، انطلقت في اثره ، لتقابل حارس البنايه ، سألته لتتأكد : هي شركة المهندس يحيى انهي دور؟؟؟
ابتسم الحارس : شركه !، يارب يا بنتي ، والله الجدع ده طيب وابن حلال ، عموما هي شركته الدور الرابع..
همت بالدخول ليقول الحارس : هو انتي كمان هتشتغلي معاهم زي البنتين الجُداد..؟
اضطربت فاتن ، ثم قالت : هو في بنات بتشتغل معاهم..؟
الحارس : ايوه يا بنتي ….
_
لم تبقى لتستمع الى ثرثرة الحارس ، بل انطلقت تصعد الدرجات الفرحة عارم ، ألم يخبرها يحيى مرارا بأن شركته لا يوجد بها أي موظفات ، لِمَ كذب عليها !
وصلت الدور الرابع لاهثه ، لتدخل الى الشقه حيث شركة يحيى ، و التي تُرك بابها مفتوحا ، في الداخل تأكدت من كذب يحيى ، حيث توجد احدى الفتيات جالسه تتصفح هاتفها النقال…
قالت الفتاه و التي تبدو مألوفه جدا لفاتن : ايه رايحه فين ، هي وكاله من غير بواب..!
فاتن بضيق : انا جايه ليحيى …
الفتاه : يحيى مشغول جدا …
لم تعر فاتن اهتماما لقول الفتاه ، و بسرعه توجهت للغرفه الموجوده في الواجهه و دون أن تطرق الباب دلفت ، لتشاهد يحيى جالسا على المكتب و على الجهه الاخرى تجلس احدى الفتيات تثرثر بمصطلحات متتعدده لم تفهم فاتن منها شيئا…
هتف يحيى بعد أن لاحظ وجودها : فااتن..
وقفت فاتن مرتبكه ، مسحت يديها في جانبي ملابسها بتوتر، و قالت بحرج : يحيى ، ممكن نتكلم ..!
استدارت الفتاه الجالسه ، لتفاجأ فاتن و دون أن تحسب كلماتها قالت : الله .. مش دي سلوى منصور !
قالت سلوى بضيق : ايوه ، انا سلوى منصور .. ثم أضافت موجهه حديثها ليحيى : تحب نكمل الشغل بعد ما تخلص مع الانسه …
_
قال يحيى بحزم : لا خليكي هنا ..احنا معدش بينا كلام يتقال …
ارتجفت شفتي فاتن و كانت على شفا البكاء ، ولكنها استجمعت شجاعتها وقالت : عشان كده ، عشانها ، دلوقتي فهمت بجد …
نظر يحيى بارتباك تجاه سلوى ، ليقول : معلش يا بشهمندسه ، يا ريت تتفضلي ، ثوان و نكمل شغلنا..
خرجت سلوى موجهه لفاتن نظرة احتقار..
قال يحيى بعد خروجها : انتي اتجننتي ، جايه هنا تحرجيني مع زمايلي ، مش كفايه اللي عملتيه فالبيت ..
فاتن بحنق : عملت ايه ، اتهجمت على اهلك زي ما والدتك عملت معايا ، و لا ايه اللي قالوهولك ..!
قاطعها يحيى الفرحة : عايزه تعرفي ليه ، اهو
قام يحيى بامساك هاتفه و النقر عليه ، ثم وجهه أمامها قائلا : عشان ده …
نظرت فاتن للهاتف و الذي يعرض فيديو المشهد الذي ساعدت لؤي به ….
هزت فاتن رأسها و قالت : بس…
_
يحيى مقاطعا اياها الفرحة جم : بس ايه … !
فاتن بنحيب : ده مش جد ، ده تمثيل …
يحيى ضاحكا بسخريه : ايوه ، زي ما كنتي بتمثلي معايا ، قولتي تسلي نفسك فغيابي و تمثلي على اخويا .. يمكن في دور جديد معروض عليكي و بدربي نفسك
فاتن ببكاء : و الله تمثيل ، حتى اسال لؤي..
ثم قالت بأمل : اه .. اسال لؤي ، هو هيأكدلك كلامي ، بس والدتك دخلت و فهمت غلط ..
يحيى الفرحة : متجبيش سيرة امي على لسانك…
فاتن : انا اسفه لكن .. هي فسرتلك اللي حصل غلط ، لازم تسأل لؤي ، مامتك فهمت غلط و الله …
¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤
على الجانب الاخر ، استمعت سلوى و برفقتها شيرين الى الحديث الدائر بين يحيى و فاتن..
لتقول شيرين : مستنيه ايه ، اهي بانت على حقيقتها ، كمان بتشاغل اخوه …
_
سلوى الفرحة : الحمد لله ربنا كشفهاله ..يحيى طيب و جدع و ميستحقش يقع فواحده بالاخلاق دي..
شيرين : يا عبيطه كشفهاله ايه ، دي هتتسهوك و تنزل كام الفرحةعه ومش بعيد يسامحها ، مش سامعه بتقوله تثميل و لا لعبه و بتاع .. مش بعيد يصدقها..
سلوى بضيق : لا مش معقول ، بعد كلامها فالفيديو ، خيانتها باينه زي الشمس
شيرين: ياعبيطه و ليه نجازف و انتي معاكي دليل تاني يثبت ادانتها..
سلوى : بس انتي قولتي دي اختها…
شيرين : و بعدين معاكي ، اختها ..هي.. مفرقتش ، مش سمعتي بودانك خيانتها ليحيى ، يبقى اكيد بتعمل العن من اختها ، حرام عليكي ..
سلوى : حرام عليا ايه ، يحيى اهو مش مصدقها..
شيرين : يا حببتي اللي بيحب بيسامح ، وجايز تفهمه انه اخوه استغلها و لا اي حجه و يحيى عشان بيحبها يقوم مديها فرصه و لاتعمل تمثيليه تانيه و تضحك عليه…وريه الصور يا سلوى ..
سلوى : مقدرش اتبلى عليها ، مهما كان دي مش صورها !
شيرين محاوله اقناعها : لازم عشان قلبه يرتاح و يقطع الشك باليقين ، عارفه لو هو مصدق خيانتها ميه فالميه ..مكنش واقف دلوقتي ياخد و يدي معاها حتى لو بزعيق ، كان كرشها من اول ما عتبت رجلها المكتب .. دي خانته مع اخوه في افظع من دي خيانه …لو مصدق مكنش هيطيق يبص فوشها حتى..
_
سلوى بتردد : بس انا …
شيرين : دافعي عن حبك يا بنتي ، هتسبيه لل..***** دي…
الفرحةعت عيني سلوى ، متعجبه كيف استطاعت تلك الفتاه بأخلاقها المنحله التأثير على يحيى ، و جالت في مخيلتها نماذج كثيره حين يقع احد الطرفين في حب الشخص الخطأ ، بالرغم من التزامه و قربه من الله،
و احتارت ما الحكمه من ذلك ، ألم يرد في القران ” الطيبون للطيبات ” ، ربما يكون ذلك اختبار للمؤمن ، فكلما احب الله عبدا زاد في امتحانه ، و لكن بامكانها الان تخفيف الاختبار على من سكن قلبها و روحها ، فلم لا تعاونه على ذلك ، لم تدعه عرضه للفشل في هذا الاختبار ، و لم دوما تحظى كثير من الفتيات كفاتن برجال مثل يحيى بالرغم من سوء اخلاقهن ، ربما لسكوت البعض عن قول كلمة الحق…..
نهضت سلوى متوجهه الى مكتب يحيى ، في الداخل قالت : يحيى.. انا اسفه ..دخلت من غير اذن بس في حاجه ضروري تشوفها وهتأكدلك حاجات كتير….
قال يحيى : معلش يا بشمهندسه ، مش وقته الكلام ده..
قاطعته قائله بحزم : لا ضروري … ووقته جدا..
نقرت على هاتفها ، في حين مسحت فاتن الفرحةوعها مستاءه من اصرار سلوى على قطع الحديث المصيري الدائر بينها وبين يحيى …
قالت سلوى : امسك يا بشهمندس و شوف بعينك ، عشان مترجعش تاني و تنالفرحة…!
ثم خرجت مهروله ، فلم تستطع أن تبقى لتشاهد مدى الألم في عينيه و مشاعره تجاه فتاة اخرى ..!
_
تنقل يحيى بين الصور الموجوده على هاتف سلوى ، و التي تعرض الواقفه ازاءه في ملابس فاضحه ووضعيات مخله للغايه ، ثم صوب نظره لها ، عله يجد خطأ ما ، ربما نسى في فتره سفره بعض التفاصيل في وجهها الملائكي ، بَيْدَّ أنه لم ينسى ، فملامحها محفوره في ذاكرته ، ومشابهه طبق الاصل للصور الظاهره امامه الان….
قال الفرحة ممزوج بالازدراء : ودول ايه…؟
اترك تعليقاً