شهقت فاتن لدى رؤيتها الصور و قالت مستنتجه : دي اكيد شريكته و بتكسب من وراه…
يحيى : انتي لسه واقفه و بتبرري ، اخرجي بره ، مش عايز اشوف وشك تاني..
فاتن بدفاع : طب اسال نفسك الصور دي جابتها ازاي ومنين ، هو انا اعرفها اصلا…
ابتسم يحيى بسخريه : اه فعلا مش مهم اللي فالصور ، المهم ازاي ربنا كشفك و اتفضحتي فعلا معاكي حق..
نظرت فاتن له باستسلام ، لِمَ تكبد نفسها كل هذا العناء ، ألم تكن عاقدة العزم على انهاء صلتها به ، و لكن لم تشأ أن تشوه في نظره بتلك الطريقه البشعه..
عادت لتدافع عن نفسها : اسمع أنا بلغت عن اللي عمل الصور دي…
وقف يحيى غير قادر على الانصات لها ، رغم رؤيته لفمها يتحرك ربما بأكاذيب أخرى ، فقد كانت صالفرحةته اليوم كبيره ، فالبدايه ذلك الفيديو و الان هذه الصور ، سيكون مغفلا ان اضاع دقيقه اخرى و سمح لها بالتأثير عليه ، لقد صدقها و أعطاها فرصا مرات عده ، و تدافعت في راسه مواقفها المتحرره ، من عناقها له في مكان عام ، و لبسها الفاضح عنالفرحةا حادثها على السكايب ، و لكن الان لا مجال للشك ، لن يكذب عليه والده ، فالحاج عبدالرحمن رضوان لن يحمل في رقبته اثما كالتجني على شرف احدهم …
أمسكها من مرفقها ، دافعا اياها خارج الغرفه ..
_
قالت فاتن بانكسار : اديني فرصه افهمك..
ليعود و يمكسها من جديد ، قائلا : سيبني في حالي بقى ..
افلتت فاتن من قبضته و صرخت : كله كدب ، و الحقيقه متخبيه ومش محتاج غير انك تهف على شويه التراب اللي فوقيها و صدقني هتلاقيها كانت مطموسه تحت الرمله ، صدقني الحقيقه مدفونه و فوقيها شوية رمال، هتخسر ايه لما تزيح الرمله …
نظر يحيى متأملا عينيها والتي تبدو صادقه للغايه ، و لكن الممثل الجيد عليه أن يتقمص الدور ببراعه ليصل و يحقق النجاح ..
كان يعلم مدى تأثيرها في نفسه ..و لكن لن يقع في نفس الخطأ مره أخرى ، سيكون من الغباء ان كذب والده واخوه و الان سلوى … فحبه لها حتما سيعيمه عن وزن الامور بعقلانيه…فحبها غائر في قلبه لدرجه ان يرى الحقيقه جاثمه امام عينيه بالصوت و الصوره و يضعف ويصدق الفرحةوع التماسيح التي ما فتأت تنهمر من عينيها…لذا عليه التخلص منها و سريعا….
قال ببرود لا يعكس الثوره الجاثمه في صدره : انتي هتخرجي بره و لا هاتخليني اعمل اللي عمري ما في حياتي تخليت اني اعمله ، انا مش هامد ايدي على واحده ست ، متخلنيش كمان اخسر مبادئي كفايه كده ..!
هزت فاتن رأسها بخيبه ممزوجه بالألم الرهيب ، ربما حان فعلا وقت الوداع ، حتى وإن لم يكن سيناريو النهايه كما توقعته ، لقد تخيلت عنالفرحةا عزمت على انهاء علاقتهم ، ان يبقى الود موجود ، و تمنت ان تسير يوما في الشارع بعد عدة سنوات و تتلاقي أعينهما لتبث الحنين إلى الحب الذي كان ، أما الآن فلن تلقى منه الا نظرات الازدراء ، و لن يجد منها الا نظرات اللوم و ربما تحول الحب إلى كراهيه في قلبها ، كراهيه لانه لم يكلف نفسه عناء البحث عن الحقيقه و الماثله أمامه و بوضوح ، وكأنه اراد أن يصدق ليريح نفسه من عناء المشاكل و المطبات التي ستواجه ارتباطهما…ألم ينفصل عنها مرات عده …كان عليها أن تفهم ذلك التردد جيدا ، ربما وقتها ما كانت سمحت لنفسها بالتعلق به بتلك الدرجه التي ملكت روحها و قلبها ..
ابتسمت بانكسار و قالت : مع السلامه يا يحيى ..
ثم أضافت مذكره اياه بكلامته عنالفرحةا افترقا المره الماضيه : و خليك فاكر انت اللي اخترت اننا نبعد…
شاهدها تغادر بأعين ملئى بالجمود ، لن يسمح لنفسه بالبكاء على الأطلال ، لن تنزل الفرحةوعه الا على فتاه تستحق أن يكسر رجولته من أجلها ، و لكن هذا لم يمنعه من تتبعها حتى غابت عن ناظريه ، ليسرع الى نافذه المكتب راغبا أن يملي عينيه منها ، أن يعطي للوداع حقه ، فاليوم ستنتهي حقبه مهمه في حياته ، من الان فصاعدا ستعلو كلمة العقل و الى ما شاء الله أن يمد في عمره …
_
راقب وقوفها بجوار احدى الأكشاك ، تشتري علبة من المناديل، و تساءل … لِمَ الالفرحةوع الان ، بالتأكيد تلك الفرحةوع النالفرحة ، لقد اضاعت فرصه تغيير حياتها ، ان تجد شخصا مستعدا لمساندتها في احلك الظروف شده..
أو ربما ذلك كما يقال تقمص الدور حتى النهايه ، و قريبا سيرى اسمها لامعا في المجلات و على شاشات التلفزيون بأدوار البطوله المطلقه ، فموهبتها عاليه لدرجه أنه و لوهله أراد تصديقها قبل قليل…
¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤
بعد هدنه دامت يومين ، قام الكيان الصهيوني بتجديد غاراته على قطاع غزه ، و قصف المحطه الوحيده المولده للكهرباء في القطاع ، مما أدى الى اغراق القطاع بالظلام …
توجه ابوفراس الى مكتب كِنان ليبلغه باخر تطورات الوضع الميداني : معلش يا كِنان ، معبر رفح مش راح يفتح الا للحالات الانسانيه … للاسف الصهاينه اخلوا بالهدنه وجددوا القصف..
كِنان : الله يلعنهم ولاد الكلب دول…بس انت متأكد ان المعبر مش هيسمح لللصحافه بالدخول
ابوفراس : الوضع الامني كتير صعب ، و القصف كمان قريب من المعبر ، عم يقصفوا الانفاق اللي برفح ، و الوضع كتير خطير ، حتى لو تم السماح بالعبور للصحافه ما هنسمحلك تخاطر بحياتك كِنان..
كنان : بس انا لازم ارجع ، مقدرش اعد هنا..انت عارف فرح ليلى قرب
ابو فراس : انا مش فاهم مين اللي ممكن يرفض شاب زيك ، ياريتك كنت فاتحت اهلها او اخوها بالموضوع ، لانه اكيد كانوا طفشوا كل العرسان و اختاروك انت زوج لبنتهم ، انت رجل و الرجال قليل يا كِنان
كِنان : متشكر يا ابوفراس انك بتحاول تهون عليا ، بس الواقع غير كده خالص ، و انا ان مرجعتش كمان كام يوم، ليلى هتضيع نفسها و تضيعني معاها
_
ابوفراس : اصبر كمان كام يوم ، و في تحركات كتير مِشان توقف الحرب …
¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤
لا تأتي المصائب فرادى بل دفعه واحده ، جففت فاتن الفرحةوعها ، وأجابت على ذلك الحقير…
فاتن : الو ..
أنس : فينك ، احنا مش اتفقنا نتقابل و لا تحبي اختك المصونه تتبهدل..
فاتن : حدد المكان و الوقت ، وانا تحت امرك..
أنس : جميل ، انا هبعتلك العنوان في مسج و الساعه 7 ضروري تكوني هناك…
فاتن : اوك….
أغلقت فاتن الهاتف ، و ركبت أول سياره أجره متجه إلى قسم الفرحة ، حيث يتواجد الضابط الذي يتولى البلاغ الذي قالفرحةته ضد أنس…
في داخل مكتبه ، اعلمته فاتن بالتفاصيل ، ليتفقا على نصب كمين له ، و زرع الميكرفون في ملابس فاتن لتسجيل ما يدين أنس و يقالفرحةه للمحاكمه..
_
¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤
اغلقت انجي باب الشقه ثم ابتسمت لدى رؤيتها عبدالرحمن خارجا هو الآخر من شقته ، و عنالفرحةا لمحها تلّون وجهه بالالفرحة الجم ….
و مباغتا تقالفرحة باتجاهها قائلا : ابعدي انتي و بنتك عن ولادي ، انتي فاهمه ؟
ضحكت انجي و قالت : و الله نفس الطلب هاطلبه منك ، ابعد ابنك يحيى عن بنتي خليها تشوف حالها…
عبدالرحمن : لا متقلقيش ان شاء الله هيبعد اوي و اوي كمان ، المهم تلمي بنتك و نفسك عن ولادي
انجي بسخريه : بنتي و فهمنا ، اما انا علاقتي ايه بولاد حضرتك…؟
عبدالرحمن بازدراء : لؤي….
قاطعته انجي : فهمت فهمت ، انا كان قصدي خير ، يمكن متصدقنيش بس فعلا انا كنت بقالفرحةله خالفرحةه مش اكتر ، يمكن لانه شبهك اوي ، مش عارفه حسيت بشجن غريب لما قابلته ، يمكن لانك الراجل الوحيد اللي وقف جنبي بجد و بدون اي مقابل ….
ضحك عبدالرحمن مقاطعا : و الله شويه وكنت هاصدقك ، لا بجد ممثله محترفه …
ثم اضاف الفرحة : ابعدي عن ولادي ، لا عايزين خالفرحةات و لا عايزين اي صله بيكي ..
_
قال كلماته و انصرف بسرعه ، لتتنهد انجي : اه ، ربنا يتوب عليا بقى مالمكان ده !
¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤
في تمام الساعه السابعه ، دلفت فاتن الى المقهى الذي بعث أنس بعنوانه إليها ، و اختارت المنضده التي قامت الفرحة بضبط أجهزة التنصت عليها…
أما أنس فحضر بعد السابعه بعشر دقائق ، و تقالفرحة جالسا معها على نفس المنضده …
أنس : ازيك ، ها تحبي نروح فين …؟
فاتن محاوله استدراجه : تقصد يعني مقابل الصور …
أنس : صور مين…؟
فاتن : صوري المتفبركه ..
لقد راوده الشك في المره الماضيه حين وافقت و بكل سهوله على مقترحه و الان تأكد من أنها تكيد لشىء ما..
أنس في نفسه : طيب ان ما دفعتك التمن غالي ، يعني هتيجي عندي و تعملي الشريفه بعد ما كنت مقضياها مع يحيى ، لا و عايزه تدبسني فمصيبه و مش بعيد تكون مبلغة البوليس..
_
قال أنس : يااااه ده انا نسيت معاد مهم ، معلش هاكلمك بكره و نحدد معاد تاني ، اوك
فاتن : استنى استنى ، انا عايزه اخلص …
أنس و قد تأكد الان من شكوكه : معلش يا حلوه ، فكري فاختك ..ها
خرج مغادرا المقهى بسرعه كبيره ، و بسرعه أكبر فكر في طريقة للالفرحة منها …
أنس متمتما : ماشي ماشي ، ان ما لبستك تهمه مبقاش انس اللي مقطع السمكه وديلها…
بعد قلق دام ليومين ، تلقت فاتن رساله من أنس يخبرها بالموعد و المكان الجديدين ، استعدت للذهاب الى قسم الفرحة لايفادهم باخر التطورات ، و تنهدت فرب ضاره نافعه من جهة اخرى ، فلولا قلقها البالغ على نوف لكانت الان صرعى الفراش حزنا على فراق يحيى و تصديقه تلك الاكاذيب عنها…
هزت رأسها محاولة طرده من تفكيرها فلا مجال للانهيار الان ، عليها أن تكون قويه من أجل نوف ، و حتى تضع حدا لذلك الحقير … و ربما انقاذ فتيات اخروات من بين براثنه الفاسده ..
“انطلقت هتافات النصر ، لم يكن نصرا عاديا بالمعنى المتعارف عليه ، فالخسائر البشريه و الماديه تفوق احتمال البشر ، ولكن من الممكن أن نقول أنه نصر معنوي من نواح شتى…
فلقد خسر المتغطرس الصهيوني الكثير بشنه تلك الحرب الشعواء على شعب فلسطين الأعزل ، ليكسب الفلسطينيون تعاطف المجتمع الدولي بأسره …
صدق من قال ” الصوره تغني عن الاف الكلمات ”
_
فصور الأطفال الجرحى و الشهداء ، ملأت الصحف و المدونات و وسائل التواصل الاجتماعي في العالم بأسره ، فاليوم تجد صوره للطفله يارا ممكسه بيد أخيها الاصغر والذي فارق الحياه بعد قصف منزلهم ، تنظر اليه بعيون غير مصدقه ، تظن أن تلك خدعه من الاعيبهم اليوميه
و امس صوره لطفل اخر ، و اول امس صوره لاطفال عده ، استطاعت ان تغير نظرة العالم الغربي للكيان الاسرائيلي و مدى صدق ادعاءاتهم بأنهم الطرف المحق في الصراع الدائر مع اخواننا الفلسطينيين..”
قرأت ليلى تلك الكلمات على صفحة كِنان غير مصدقه أنه مازال بخير و على قيد الحياه ..
لم تعِ بنفسها و هي ترسل له : كِنان لو انت فعلا اون لاين يا ريت تطمني عليك…
كان الاتصال على جانب كِنان ما زال ضعيفا ، قام بتحديث الصفحه ليتأكد من ارسال كلماته التي كتبها قبل قليل ، ليفاجىء برساله من ليلى…
على الفور أرسل : انا بخير و كويس وا لحمد لله ،ا لمهم انتي عامله ايه..؟
ليلى : الحمد لله على كل حال ، المهم اني اطمنت عليك ، في حاجات كتير حصلت و لازم تعرفها..
كِنان : ايه ، حصل ايه ، اوعي تكوني اتجوزتي الزفت ده
ليلى : لا طبعا ، لسه فاضل عالفرح كام يوم
كِنان : اسمعي انا مش عارف النت هيفضل شغال و لا هيفصل ، انا خدت تصريح صحافه و هارجع مصر بكره ان شاء الله من معبر رفح ..
_
ليلى : طب الحمد لله ، عشان فعلا لازم تيجي عشان فاتن ، اصل مامتها طردتها و مش عارفه اطمن عليها..
لم يصل لكِنان ما قامت ليلى بارساله قبل قليل ..
ليعود و يرسل : اطمني انا بكره ان شاء الله هاجي و كل شيء هيتصلح …
ليلى : طب كويس عشان بجد انا قلقانه عليها اوي…
صرخ كِنان متسائلا : هو النت رجع فصل يا جماعه
احد الزملاء : الظاهر هيك ..
اغلق كِنان الحاسوب ، و انطلق الى الشقه حيث يقيم ، استعدادا لمغادرته غدا…
¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤
اترك تعليقاً