
– ماشي يا حبيبتي! همشي أنا و إنتِ نامي بقى عشان تصحي بكرة بدري .. تصبحي على خير!!
أشارت لها دُنيا و هي تبتعد متجهة إلى الباب، ردّت نور عليها ثم تغلق الباب خلفها، مُحيت الإبتسامة من فوق شفتيها فورما إنفردت بنفسها، أغمضت عيناها تستند برأسها على الأريكة تضم قدميها لصدرها، تُهدئ من إشتعال قلبها، و تأجج روحها و من القر الذي يختلجها، حتى إستمعت لطرقات فوق الباب، ظنت أن دُنيا قد نست شيء فأسرعت تنهض تفتح لها، لكنها أخذت خطوتان للخلف عندما وجدتُه واثب أمامها، بجسدُه الذي إزداد ضخامة .. و بـ ذقنُه التي نمت أكثر، عيناه المُرهقة و ملامحه التي بُهتت، نظرت له بقسوةٍ، ثم قالت:
– خير؟ إيه اللي جابك؟
نظر لها بإشتياقٍ حاول جاهدًا أن يخفيه، يتفرّس وجهها وجسدها الذي قد نُحف قليلًا، يحاول فكّ عُقدة لسانه فيقول بهدوء:
– وحشتيني!!!
ضحكت من قلبها، حتى عادت للخلف من شدة ضحكاتها واضعة كفها على معدتها، ثم إعتدلت في وقفتها قائلة مُبتسمة:
– مش ممكن .. كل مرة تضحكني كدا؟
تابعت بهدوء:
– لو إنت فاكر إني هفتحلك دراعي عشان أخدك في حُضني تبقى مُغفّل أوي!! و لو فاكر إن الكلمة دي هتخليني أنِخ و أسامحك تبقى مبتفهمش!!!
مرّ من جوارها و دلف للبيت فـ إلتفتت تنظر له بحدة، ليتابع ببرود:
– تسامحيني؟ مين اللي المفروض يسامح التاني؟!؟
جلس على المقعد و قال مشيرًا لها على الأريكة:
– أقعدي نتكلم!!!
صرخت بوجهه:
– مافيش بينا كلام ولا قُعاد .. إطلع برا!!!!
أشارت للباب كي يخرُج، فـ هتف بضيق:
– هتعبر نفسي مسمعتش طردك ليا، و هراعي إن نفسيتك تعبانة و مش هاخد بكلامك!!!
قالت بنبرة إستفزته:
– نفسيتي تعبانة؟ مين العبيط اللي قالك كدا؟ أنا في أحسن مراحل حياتي .. عايشة في شقتي ، نزلت إشتغلت و الحمدلله بثبت نفسي في شغلي، و عندي صاحبتي دايمًا واقفة معايا، فين نفسيتي التعبانة دي بقى!!
نهض واقفًا أمامها، و تجرأ محاوطًا وجنتيها هامسًا بصوتُه الرجولي:
– يعني أنا موحشتكيش!!
أبعدت كفيه بعنف صارخة بوجهه:
– إياك تاني مرة تلمسني، إحنا مطّلقين مينفعش اللي بتعملُه ده!
إقترب منها أكثر يقبض فوق ذراعيها يدفعها إلى ركن في الحائط فـ شهقت و هي تشعر بـ نواقيس الخطر تدُق في ذهنها، إقشعرّ بدنها عندما سار بأناملُه على ذراعيها العاريان:
– إنتِ لسه في شهور العدّة .. أقدر أرُدك في أي وقت!!!
– تبقى بتحلم، مش هوافق لو حصل إيه!!!
قالت بقسوةٍ ظهرت في عيناها، كانت عيناه مُثبتة على شفتيها التي إشتاق لها، شهرًا كاملًا لم يتذوق عسلهما، يعلم خطورة ما سيفعله و لكن ليفعلُه، و على غفلةٍ و بدون سابق إنذار كان يميل مُلتقطًا ملاذُه في قبلةٍ دامت ثوانٍ معدودة قبل أن تدفعه بعنف من صدرُه، ،و قبل أن يأخذ صفعةً من كفها أفاقت ثمالة عقلُه بها، إشتعلت النيران بعيناها تدفعُه من صدره بعد أن لطمت وجهه تهدر في وجهه:
– إنت إزاي تعمل كدا!!! إزاي تتجرأ و تعمل كدا إنت إيه!!! بقولك أنا مش مراتك!!! مبقتش مراتك .. كُنت و خلاص مبقتش و لا هبقى تاني!!!
ظل مُغمضًا عيناه يحاول أن يسيطر على أعصابه و لا يُحطم عظامها الآن، يقبض فوق كفيه و أسنانه تصتك فوق بعضهم في غضبٍ لا مثيل له، لا تنكر خوفها من ردة فعله التي باتت غير متوقعة، هل سيرُد لها الصفعة صفعتان؟ هل سيسحب خصلاتها فتتقطّع في كفُه؟ هل سيُلقي عليها سِباب نابية؟ خافت و تراجعت جالسة على الأريكة تضُم كتفيها بذراعيها، مُغمضة عيناها بألم من الحال الذي آلا كلاهما له، ظل صامتًا لا يتحدث ما يُقارب النصف ساعة، حتى وجدته يتحرك و يجلس على الأريكة قائلًا بأعين إحمرّت:
– نور!!
نظرت له متوجسة، حتى قال بهدوء زائف:
– لو إنتِ عيشتي حياتك فـ أنا مش عارف، كُل رُكن في البيت بيفكرني بيكِ .. أنا أصلًا مبنساش، و لو أنا موحشتكيش ..
تابع بعد تنهيدة:
– فـ إنتِ وحشتيني لدرجة متتخيليهاش، كل حاجة فيكِ وحشتني .. ضحكتك .. عينيكِ .. صوتك .. حُضنك كُل حاجه مفتقدها، كان لازم تُعذريني .. أنا كُنت حاسس إني مش قادر أثق فيكِ!!
تأملت كلماته .. كيف ستخبرُه أنها إشتاقت هي الأخرى له و لكن لن تبقى معُه، كيف ستُخبره أن صوته .. عناقه .. عيناه و ضحكاته التي تنعش خلايا جسدها تشتاق لهم و لكنها أبدًا لن تبقى معه، أخذت أنفاسها الضائعة و حاولت موازنة نبرته تقول ساخرة:
– أعذُرك؟ طب و أنا مين يعذُرني؟! ليه عايزني أعذُرك و إنت معذرتنيش لما قولتلك إني مكُنتش مُستقرة نفسيًا و !ني عملت كدا من اللي شوفتُه في حياتي! ليه و أنا بنهار قدامك و بقولك إني بحبك و مقدرش أعيش من غيرك مرحمتنيش؟ ليه و إنت شايفني قصادك بطلع في الروح .. عينك مرمشتش حتى عليا!
– حقك عليا!!!
قالها بتعبٍ من ذكر الأمر مرة أخرى .. كيف لم ترمش عينه و هو كل خلاياه إنتفضت عندما رأتها بهذا الوضع و لكن الشيطان أعمى بصرُه، فـ قالت مُبتسمة بمرارة:
– هي هتخلص كدا؟!