
قالها بلهجة حادة ثم أردف بهدوء خطر :
” لو فاكرة اني هسيبك تاخدي مليم واحد من ثروته تبقي غلطانه ، انتِ ملكيش أي حقوق عندنا ..”
نظرت إليه بعدم تصديق وقالت :
” حقوق ايه اللي بتتكلم عنها ..؟! انت فاكرني زيكوا بفكر بالفلوس وبس ..؟!”
منحها ابتسامة قاسية لم تصل إلى عينيه ثم قال بسخرية واضحة :
” لا انت بتفكري فحاجات تانية أهم ..بتفكري ازاي تكدبي، تخدعي .. تخوني ..”
ابتلعت ريقها وقالت وهي تهم بصفعه :
” انت واحد سافل وحقير ..”
إلا أنه كان أسرع منها حيث أمسك بكف يدها ومنعها من صفعه ثم قال بلهجة صارمة :
” أحسنلك توافقي وإلا هنضطر نروح للطب الشرعي ، وساعتها هتتوورطي اكتر خاصة لما الجيران يشهدوا عاللي حصل …”
” انت بتعمل كده ليه ..؟! حرام عليك ..”
قالتها ببكاء لم تستطع إيقافه ليزفر أنفاسه وهو يقول بضيق :
” انا مش بطلب منك حاجة صعبة يا مدام ، الموضوع أبسط من كده بكتير …”
وجدت نفسها تقول بعصبية ونفاذ صبر فقد اكتفت من سماع كلامه المسموم :
” هات قلم عشان أوقع وأخلص ..”
أعطاها قلما أخرجه من جيبه لتحمل الأوراق وتبدأ بتوقيعها واحدة الى الأخرى ..
انتهت من توقيع الأوراق لتجده يهتف بها :
” لو تحبي تروحي مكان معين أنا ممكن أوصلك عادي ..”
نظرت إليه بدهشة ، هل يحاول مساعدتها ..؟!
شعر هو بحيرتها فقال بضيق ظهر واضحا في صوته :
” انا مش بساعدك حبا فيكي ، بس انا مش متعود أشوف بنت فوضع زي ده وأسيبها كده ..”
ابتلعت غصة داخل حلقها وهي تفكر بأن والدها تركها هكذا وكأنها ليست ابنته وقطعة منه …
وقبل أن ترد عليه سمع الاثنان صوت صراخ يأتي من داخل الشقة ، اتجهت زينة نحو الباب وأخذت تحاول فتحه وهي تصرخ بتوسل :
” افتحوا الباب أرجوكم ، حصل ايه ..؟!”
ثم حاولت دفعه عدة مرات دون فائدة بينما بدأ صوت تحطيم بعض الإشياء يصل إلى مسامعهما وصوت بكاء والدتها وأختها ظهر بوضوح لتهتف بهما زينه بصوت باكي :
” حد يفتحلي الباب ، افتحوا الباب …”
تقدم زياد نحوها وجذبها بعيدا عن الباب وبدأ يضربه بقدمه ليفتح الباب بعد عدة محاولات ..
دلف الاثنان الى الداخل ليجدا والدة زينه تحتضن ابنتها في أحد أركان الصالة وهي تبكي وترتجف رعبا أما والدها فكان يدمر كل شيء يراه أمامه حتى أصبح المكان مدمرا بالكامل ..
اقترب والدها منها وملامح وجهه لا تبشر بالخير ثم صرخ بها وهو يجذبها من شعرها :
” انت ايه اللي جابك هنا ..؟! مش قلتلك مش عايز أشوف وشك تاني ..”
صاحت زينه بألم بينما أخذ زياد يحاول تحريرها من قبضة والدها وما زاد الطين بلة تجمع بعض الجيران أمام الباب وهم يحاولون أن يروا ما حدث …
حررها زياد أخيرا من قبضته وهو يصيح به :
” كفاية بقى ، مش كده ..”
” والله انا مظلوم،،ة ، والله معملتش حاجة …”
بدأت الهمهمات تعلو بين الجيران ليقول الأب بوهن :
” انت فضحتيني ، وطيتي راسي … هتعملي ايه اكتر من كده ..؟!”
” والله مكانش ذنبي ، بابا انا اغتصبوني .. والله اغتصبوني وخفت احكي ..”
حاول والدها جذبها من خلف زياد الواقف في وجهه كسد منيع وهو يصيح بها بقهر:
” اخرسي يا فاجرة يا حقيرة …”
” قلتلك سيبها …”
قالها زياد بنفاذ صبر ليرد الأب بحدة :
” انا ملكش دعوة ، متدخلش بيني وبين بنتي …”
في نفس الوقت تقدم مجموعة رجال بعضهم يرتدي جلابيب طويلة والأخرون يرتدون ملابس عادية ليهتف الأب بوهن :
” عمامك جم من البلد وهم هيتصرفوا معاكِ ، هيغسلوا عارك …”
تجمدت الكلمات على شفتي زينه وأخذت تنظر الى والدها بعينين متسعتين ، لا تصدق أن والدها فعلها واتصل بإخوته في البلد …
كيف هانت عليه هي ليفعل بها هذا ..؟! ألا يعرف أخوته وطريقة تفكيرهم ..؟! سيقتلونها دون أدنى تردد..
التفت زياد نحوهم يناظرهم من الأعلى للأسفل فوجد الشر واضح على وجوههم …
عاد ونظر إليها لتنظر إليه بنظرات تحمل فيها الرجاء الخالص ، لقد بات الأن هو منقذها الوحيد ..
تقدم أحد الرجال والذي يرتدي بنطال اسود فوقه قميص أسود أيضا ليجذب زينه من شعرها من الخلف بقوة جعلتها تصرخ ألما قبل أن يهتف بجانب اذنها :
” وطيتي راسنا يا فأجرة ، لازم أقتلك وأغسل عارنا ..”
رغما عنه لم يتحمل زياد ما يراه فتقدم منه وهتف به بصوت عالي غاضب :
” انت مجنون ولا ايه ..؟! تغسل عارك يعني ايه …؟!”
ثم حاول تحرير زينه من يده لكن دون فائدة ليرد عليه الشاب بتحذير :
” ملكش دعوة انت ، تطلع مين انا عشان تكلمني بالشكل ده ..؟!”
وعندما لم بجد ردا أكمل :
” لتكون انت الشاب اللي غلطت معاه قبل الجواز ..”
لم يتحمل زياد ما سمعه فهم بضربه لكن رجلين ضخمين تقدما منه ومنعاه مما يفعله ليهتف زياد بعصبية كبيرة:
” انا اخو جوزها اللي مات يا متخلف ..”
” اخو جوزها على عيني وراسي ، بس متتحشرش فشيء ميخصكش..”
” يعني عايزني اسيبك تقتلها ..”
قالها زياد بذهول ليرد الأخير ببرود :
” عاري ولازم أغسله ..”
وقبل أن يتحدث زياد كان الشاب يرميها للرجال خلفه وهو يأمرهم :
” ودوها عالعربية ، خدوها عالطريق البري وخلصوا عليها ..”
تقدمت منه والدة زينه وانحنت نحوه تهتف به بتوسل :
” أبوس ايدك بلاش تموتها ، دي بنتي اللي مليش غيرها .. عشان خاطري ..”
إلا أنه لم يهتم بها وبتوسلاتها بل أشار الى الرجال لينفذوا ما قاله بينما أخذ زياد يتطلع إليها وهي تساق معهم بملامح متشنجة غير مصدقة ..
يتبع
الفصل الثالث
خرج زياد مسرعا من شقة عائلة زينه ، هبط درجات السلم راكضا وهو يجري اتصالا بمنتصر يخبره قائلا :
” عايزك تلحقني عالمكان اللي رايحله دلوقتي انت والبودي جارد بتوعنا … هتقدر توصل ليا عن طريق الGPS..”
جاءه صوت منتصر القلق :
” حاضر ، بس هو فيه حاجة …؟!”
” مش وقته يا منتصر ، اعمل اللي بقولك عليه..”
قالها زياد بعجلة وهو يقود سيارته لاحقا بزينة وابناء عمها …
تنهد بإرتياح حينما بات على بعد مسافة صغيرة من سيارتهم ثم بدأ يقود بهدوء وترقب محاولا عدم أفلاتهم منه …
كان يقود ويده تعبث بالهاتف حيث أجرى إتصالًا بأحدهم وقال :
” ايوه يا فندم ، من فضلك عايز ابلغ عن جماعة خاطفين بنت وعاوزين يقتلوها عشان يغسلوا عارهم … ”
ثم شرح لهم التفاصيل تماما وطلب منهم أن يلحقوا به …
أوقف زياد سيارته على جانب أحد الطرق المقطوعة ليجدهم يهبطون من سيارتهم غير منتبهين له …
جذب أحدهم زينه وجرها خلفه ورماها على أرضية الشارع ….
بينما أخرج الأخر مسدسه وصوبه نحوها …
أغمضت زينه عينيها وهي تنتظر أن يصدح صوت الرصاصة عاليا ليعلن نهايتها … في تلك اللحظة لم تستطع التفكير بأحد سوى نفسها …
شعور غريب وهي قريبة من الموت اجتاحها ، شعور بالراحة ، نعم سترتاح هناك حيث ربها الذي يعلم بكل ما حدث .. سيحميها الله من شرور البشر وظلمهم … حاولت أن تتذكر اختها الصغيرة كأخر شيء حلو بقي في حياتها …سوف تنتهي حياتها وهي تتخيل ابتسامتها البريئة وحض،،نها الدافئ أمامها .. وقبل أن يطلق الرجل رصاصته كان زياد يصرخ بهم راكضا نحوهم …
التفت الرجل نحوه يناظره بحيرة قبل ان يهتف :
” انت عايز ايه ..؟! لحقتنا هنا ليه ..؟!”
وقف زياد أمامها بينما فتحت زينة عينيها بعدم تصديق ليقول زياد بنبرة قوية شجاعة :
” محدش يقرب منها ، انتوا فاهمين ..”
” ابعد عنها بدل ما اضرب،،ك بدالها …”
” انتوا مجانين .. دي جري،،مة هتتحاسبوا عليها …”
قالها زياد محاولا منعهم عما يقومون به وفي نفس الوقت وصل منتصر ورجاله الى المكان والذي ركض نحو زياد قائلا بعدم تصديق :
” ايه اللي بيحصل هنا يا زياد …؟!”
زفر زياد أنفاسه وقال :
” زي مانت شايف …”
تقدم رجال منتصر نحو ابناء عم زينه ومعهم أسلحتهم ثم أشار لهم زياد قائلا :
” خدوا السلاح اللي معاهم حالا وكتفوهم ..”
حاول ابناء عمها مقاومة رجاله لكنهم لم يستطيعوا فهؤلاء يحملون اسلحة حديثة ويتمتعون باجسام ضخمة مخيفة …
وصل رجال الشرطة بعدما انتهوا من ربطهم ليجدوا زياد واقفا أمامهم وزينة تقف خلفه غير مصدقة بعد لما حدث …
تقدم زياد من الشرطة وزينة تسير خلفه كظله ليقول زياد بعدما شكر الضابط :
” اتمنى انكوا تاخدوا منهم تعهد بعدم التعرض ليها …”
تحدث احد ابناء عمومتها قائلا :
” لو فاكرة انك خلصتي مننا تبقي غلطانه، احنا مش هنسيبك إلا لما نغسل عارنا ..”
نظر زياد الى زينه المختبئة خلفه بينما قال الضابط له بصوت خافت :
” بس دول ناويين على شر ومش هيهمهم تعهد من غيره ، الأحسن إنك تحميها منهم بنفسك ..”
” ازاي ..؟!”