منوعات

وسقطت الاقنعة

وقفت حنين بخوف وهي تُطالع مكتبه الفخم
حتي سمعت صوته الجامد خلفها : مواعيدك مظبوطه
لتلتف اليه حنين بقلق : هو استاذ هاشم ..
وكادت انا تُكمل جملتها الي انه قطعها قائلا بصرامه : محدش يقدر يرفض ليا كلمه .. واقترب من مكتبه ليجلس عليه بأرتياح
وهو يُتابع حديثه بعدما اخرج الشيك من احد ادراج مكتبه : مكنتش فاكر ان في لسا ناس ساذجه كده ، وبتمضي علي اي حاجه من غير ما تفكرى .. علي العموم الشيك اه
لتُقابل نظرات اعينها المُتلهفه .. نظرات أعينه الغاضبه
وظل الصمت بينهم للحظات ونطقت اخيراً : انا مقدرش ادفع المبلغ حاليا ، ولا حتي بعد سنه
هو لو أمكن تقسطهم ليا
ليُتأملها زين بنظرات غامضة وتعالت أصوات ضحكاته المُستفزه : وهتقسطي 200 الف جنيه كام سنه علي كده
وبدء يسخر منها : وهتدفعي مصاريف اقامتك مع اصحابك المُغترين ازاي .. طب ووالدتك اللي حاليا قاعده في بيت خالك هتبعتي ليها المصاريف ازاي
اظن مهما كان المُرتب اللي بتاخديه من شركتي كموظفه مش هيخليكي تدفعي تمن الشيك غير بعد خمس سنين
لتُطالعه هي بصدمه من كم هذه المعلومات التي يعرفها عنها ، وكأنها تقف امام رجل مباحث
ووقف ليقترب منها : وطبعا انا مش فاضي استني فلوسي اللي دفعتها لهاشم لخمس سنين
ووضع يدية في جيب بنطاله الكحلي قائلا بجمود : بس في حل يا أنسه حنين ..واظن انه هيرحمك من حاجات كتير في حياتك
لتقف حنين غير مستوعبه .. مما يحدث لها حتي ألجمها ما نطق به وهو يُخبرها بقسوه : انك تكوني مراتي
كانت الكلمه بالنسبه لها كصاعقه ، فهاهو الشريط يتكرر مرتين.. يطلب الاول منها الزواج مُستغلاً سذاجتها بالحياه والبشر .. لتذهب لأخر كطوق نجاة لها ليكون ليس الا غرقاً
وأخذت تُحرك عينيها بذهول : تتجوزني أنا
ثم بدأت تضحك بهستريه وهي لاتُصدق بما سمعته للتو .. فالأن كل شئ أصبح في مُقدمه الهلاك فحتي وظيفتها ستخسرها فهي تقف أمام صاحب الشركه التي تعمل بها
ليقترب منها زين قائلا ببرود وجفاء : أظن أن ده عرض أي ست ممكن تحلم بيه وبالذات لو كانت في ظروفك
وعاد ليجلس علي احد المقاعد ليُطالعها وهو يبتسم : لاء وكمان لو حد عرف أنك بنت راجل كان المفروض يكون في السجن دلوقتي .. لولا رحمة الموت
لتُلجمها وقاحته وصرخت به عاليا : انت أتجننت ، انتوا تطبخوها سوي ونشيل أحنا الليله.. بابا معملش حاجه
بابا مات قبل مايوقع علي ورق البضاعه وكان ندمان أنه عمل كده .. ولولا الحاجه للفلوس عشان عملية أخويا الله يرحمه مكنش باع ضميره .. ربنا ينتقم منكم
ليهب زين من مقعده قائلا بوحشيه : بلاش تمثيل الضمير اللي أنتي عايشه فيه .. والدك شخص مُرتشي وديه الحقيقه
فأخفضت برأسها أرضاً وهي تُريد أن تصرخ به ثانية من قهرها .. فنعم والدها أخذ الاموال التي وصاها بأن تدفعها لهاشم كي تُخلصه من ذلك الذنب الذي فعله مُضطراً
فكيف كان لموظف بسيط مثله أن يدفع ثمن عمليه تُكلف مثل هذا المبلغ
ليقترب منها زين وهو لا يشعر بالشفقه .. فكما قال له هاشم في أخر حديثهما انه لولا شعوره بأنها فتاة لعوب ماكان فعل ذلك معها …ف الخدع لا تحدُث الا عندما نشعر بأن أصحابها يستحقون ذلك
وأخذ يُطالعها وحديث هاشم في أذنيه .. وقد نسيا تماماً بأن من يملكون قلوب لا تعرف الخبث يقعون أحيانا تحت ايد الافاعي .. وهاشم كان أكبر أفعه وهو أكبر جلادً
ليفيق علي همسات صوتها الضعيف : انا مش موافقه
فينصدم زين من قرارها هذا، وأخذ يقذفها بنظراته البارده : ابقي قولي الكلام ده لخالك ووالدتك .. واظن ليهم جزء من القرار
لتلجمها صدمه ثالثه وهي لا تُصدق .. ما تفوه به فالأمر تعلمه والدتها .. ليأتي بعقلها مُهاتفة والدتها صباحاً وقد كانت سعيدة للغايه وتدعو لها
فيقطع شرودها صوته الجامد وهو يُخبرها حقيقة زواجه منها :
بصي ياحنين أنا مش بحب اللف والدوران
ورجع للخلف قليلا ليجلس علي تلك الأريكه الجلديه وهو يُتابع حديثه : انتي هتكوني زوجه تانيه ليا
ومن كثرة صدمات هذا اليوم وجدت نفسها تبتسم كالبلهاء قائله : يعني مجرد نزوه في حياتك لما تزهق منها ترميها مش كده
فتنهد زين بعمق وهو يعود لحديثه : انتي اللي شايفه الامور بطريقه سطحيه .. أظن مش حرام ولا عيب اني أتجوز تاني مهما كان السبب .. واظن انك لما تبقي مرات “زين نصار” ده حظ من حظوظ الدنيا فكري كويس وأبقي بلغيني ردك
وأخذ يُطالع ساعة يده ببرود وهو يخبرها : المُقابله أنتهت ياأنسه حنين ، وردك أكيد هيبلغني بيه خالك
لتقف تحدق به قليلا وهي لا تُصدق بأن في الحياه أشخاص يحملون قلب مُتحجر مثله ،فغادرت المكان سريعا وهي تُردد بغضب : ربنا يخدك ياشيخ
………………………………………………………….
ظل يسير بخطي هادئه وهو يستمع الي همساتها الخجله وهي تخبره عن كل شئ يُخصها ولكن شيئا واحداً لم تستطع ان تُفصح به ، ليتنهد أياد قائلا بهدوء : طب وايه اللي معور ايديكي كده ، ديه كانت بتنزف أمبارح .. واخذ ينظر الي كدمات وجهها
فأخفضت ليلي رأسها أرضا : اخويا للاسف صدق كلامهم
ليتفهم أياد الامر : من غير ما يسمعك ولا يفهم منك حاجه
فأخذت تُطالعه بأبتسامه شاحبه ، فكيف لأخ يضرب أخته كل يوم ويجعلها تعمل في البيوت كي تُعيله .. وتذكرت جملته الاخيره لها وهو يُخبرها
” يلا روحي بيت الحاج ناجي أستسمحيهم ، ان شالله يشغلوكي في الأرض ”
ورفعت بوجهها قليلا وهي تحمي أخيها من ذلات لسانها ، ففي النهايه هو أخيها وصورته من صورتها لتهمس قائله بدفاع يربطه الدماء : غصب عنه اي حد مكانه كان ممكن يعمل كده
لينظر اليها أياد وهو لا يُصدق دفاعها عنه .. وحاولت النهوض من فوق الفراش : أنا لازم امشي زمانه بيدورعليا وقلقان
فتأملها أياد طويلا قائلا بجمود : علي فكره ياليلي أخوكي اللي بتدافعي عنه …عارف انك هنا
لتُلجمها الصدمه عن الحركه وظهر الشحوب علي وجهها وهي لا تُصدق بأن أخيها يعلم بوجودها هنا ولم يأتي لأخذها
لينظر اليها أياد بأسف : واترجاني أشغلك عندي في المزرعه
فهوت بجسدها علي طرف الفراش الذي كانت للتو جالسة عليه .. وأخذت تُتمتم بخفوت : هو عارف اني هنا ، طب ليه مجاش أخدني
وتأملت نظرات أعينه الأسفه وهو يخبرها : اخوكي عارف بوجودك من بليل .. تقريبا حد من معارفه شافني وانا شايلك وانتي مُغمي عليكي .. وطبعا جالي
فالأول أفتكرت انه جاي يخدك وقلقان عليكي .. وصمت قليلا ليُتابع حديثه : ليه كنتي بتكذبي عليا وانتي بتحكيلي عنه
فنصدمت هي من معرفته بأخفائها حقيقة أخيها : انا مكدبتش عليك في حاجه
ليتأملها للحظات وهو يُتمتم بخفوت لم تسمعه
فيسمع صوت أنينها الخافت وهي تترجاه : ارجوك وافق اني أشتغل عندك في المزرعه ..
ليُطالعها أياد للحظات قبل ان يعود لحديثه : انا موافق ياليلي ، بس هتشتغلي عندي في مصر مش هنا
لتهتف قائله : بس محمود اخويا مش هيوافق اني اسيب البلد
ليُطالعها هو بأشفاق …فهي تثق في اخيها الذي تركها
أياد : محمود اخوكي وافق ياليلي ، واقبض مُرتبك كمان
علي العموم اعتبري انك الايام ديه في اجازه من الشغل .. لحد اما نرجع القاهره وداده حُسنيه هتفهمك شغلك هيكون هناك ازاي
……………………………………………………..
أخذت تُفكر هبه في حديث والدتها في أمر الانجاب ثانية بعد ان رزقها الله بأبنتيها في حملها الاول .. لتشرد في ذكريات بداية زواجها وهي تبتسم علي كل ذكري قد سلب بها عقلها وقلبها لتفيق من شرودها علي حاضر اصبحت تعيش به كل يوم وهو خياناته التي قد تعدت مرحله السر واصبح يُعلنها في وجهها كل يوم وهو يخبرها بجمله يتفنن جميع الازواج في ألقائها ” انتي مبقتيش بتهتمي بنفسك ، ده جسم ده بقيتي شبه الفيل ”
لتفر دمعه عجز منها وهي لا تُصدق بأن هذا هو هاشم الذي قد أحبته من أول لقاء كان بينهم

انت في الصفحة 20 من 21 صفحات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
2

أنت تستخدم إضافة Adblock

انت تستخدم اضافة حجب الاعلانات من فضلك تصفح الموقع من متصفح اخر من موبايلك حتي تقوم بتصفح الموقع بشكل كامل