منوعات

قلب يأبي العشق بقلم فرح طارق 1

قبل كمال رأسها وادمعت عينيه من حديثها
– ششش بس إن شاء الله خير، الإسعاف على وصول وهنقدر نلحقه من أي ضرر تاني.

مر الوقت لينتهي بهم وكمال وابنته يقفون أمام غرفة العمليات بالمشفى، والطبيب يخرج منها
– الحمدلله الدم متلوثش كلوا، وقدرنا نلحق الوضع، هنواصل على الكمدات لأن إرتفاع حرارة جسمه غلط عليه ولازم تنزل، بس للأسف مينفعش نحط جسمه تحت الدش بسبب الجروح اللي ف جسمه .

ياسمين بتساؤل
– طب هو ممكن يفوق امتى ؟

– بكرة بأمر الله، عن اذنكم وهيتنقل غرفة عادية والممرض هيواظب جمبه ع الكمدات لحد ما السخنية تقِل من جسمه.

شكره كمال ورحل الطبيب، لتضع ياسمين رأسها بحـ,ـضن والدها وهي تردد
– الحمدلله يا بابا، الحمدلله بقى كويس، إن شاء الله السخنية هتنزل ويكون أحسن.

في صباح يوم جديد، في إحدى الحارات الشعبية، تحديدًا في شقة عمر..

جلست زينب وهي تضع يدها على رأسها ودموعها تنهمر وقلة حيلة تستحوذ عليها
– قلبي مش مطمن يا حسن، قلبي بيقولي ابني دلوقت فيه حاجة، مش مرتاحة صدقني.

جلست دينا بجانبها وقلق ينهش قلبها هي الأخرى على شقيقها
– اهدي يا ماما وعمر هيكون بخير بإذن الله.

نظرت لها زينب وهي تضـ,ـرب بيدها على قدمها
– أهدى إزاي ؟ ابني كلمني امبارح الساعة ٤ العصر قالي هاجي اتغدى معاكوا ! لحد دلوقت لسة مجاش ؟ احنا تاني يوم الضهر! ابني فيه حاجة.

– عمر مش صغير، ممكن يكون ملقاش شغل وحب يفضل لوحده شوية، بلاش نضغط عليه اوي، عمر الفترة دي حساس جدًا وانتِ عارفة، ساب البنت اللي بيحبها وموضحش السبب، ومش لاقي شغل من وقت ما اتخرج ، ف اعذريه يا مرات عمي.

أنهى حسن حديثه وهو يحاول أن يبعث الطمأنينة لهم، برغم قلقه على صاحب عمره، ف هما منذ الصغر معًا، تربوا وكبروا سويًا، كان والد عمر صديق والد حسن المقرب وكأنهم أشقاء، حتى أن حسن كان يقول لهُ عمي، ولذلك يلقب زينب بزوجة عمه.

قطع حديثهم رنين الهاتف لتهرول زينب مسرعة تجيب عليه، ليأتيها صوت رجل
– حضرتك ده تليفون عمر.

زينب بلهفة
– أيوة أيوة أنا والدته.

– عمر اتعرض لحادثة بسيطة امبارح، وخدته بيتي نام فيه لحد ما يرتاح، واتعرض لجرح خفيف ف دراعه، الدكتور بيغير عليه دلوقت هيخلص ويرجع على البيت.

زينب بقلق
– يعني هو كويس ؟ بالله عليك طمني عليه دا أنا مليش غيره!

نظر كمال بألم لـ عمر المستلقي على الفراش والطبيب يغير على جرحه
– كويس والله، هو معرفش يكلمك لأن الدكتور بغير على جرحه دلوقت، هيخلص واجيبه على البيت على طول، وخلاني اكلمكم عشان متقلقوش عليه اكتر من كدة.

أخذ حسن الهاتف من زينب قائلًا
– طب انتوا فين وانا اجي ؟

– حضرتك أخوه ؟

– لأ صاحبه.

تنهد كمال وهو يشعر بحاجة وجود أحدهم بجانب عمر، بالرغم من أنه لم يتركه ولكنه يشعر بحاجته لوجود أحد من عائلته
– طيب قول لوالدته إنه ف البيت عندي، وهو ف المستشفى *** تعالى.

أغلق حسن الهاتف بتوجس وخشية على صديقه، وأخبر زينب مثلما قال كمال حتى لا يثير قلقها
– يا مرات عمي حتى الدكتور بيغير علة الجرح ف بيت صاحبه، يعني الجرح مش كبير اوي لدرجة يروح مستشفى، ف متقلقيش هو طمني عليه، وانا عشان تطمني اكتر هروح اجيبه بنفسي.

بعد وقت دلف حسن لغرفة عمر بلهفة، ليهرول نحو صديقه
– عمر انت كويس ؟ حصلك ايه ؟ وايه الجروح دي كلها ؟

نظر حسن لكمال وياسمين كانت تجلس بجانبه على الأريكة، وارتجف جسدها بخوف من أخبار عمر حقيقة إصابته، ليعكس عمر توقعها بإجابته
– امبارح بعد ما خرجت من الشركة وقالولي هتبقى نتصل بيك حسيت إنهم مش هيقبلوني ف خرجت كلمت امي وقفلت التليفون ومشيت مسحتش بنفسي غير ف مكان فاضي وشوية بلطجية طلعوا عليا وضـ,ـربنا بعض شوية، وبعدها خرجت ع الشارع العمومي وكان الراجل ده ماشي بعربيته هو وبنته وكتر خيره جابني المستشفى.

نظر حسن للرجل قائلًا بإمتنان
– جميلك فوق راسنا كلنا والله، متعرفش أمه ف البيت عاملة ازاي، امبارح اغم عليها مرتين بسبب انها مش عارفة توصل ليه.

نظرت ياسمين لـ عمر وهي تتأسف لهُ بنظراتها، والند..م يتأكل قلبها، ليردف كمال
– ده شيء إنساني عملته يا ..

– حسن.

ابتسم له كمال ليكمل
– شيء إنساني يا حسن مفيش داعي إنك تشكرني عليه، ولو انت ف مكاني هتعمل نفس الحاجة.

نظر حسن لهاتفه الذي يرن، لينهص قائلًا
– دي مرات عمي، هرد اطمنها واجي.

خرج حسن من الغرفة، لتبكي ياسمين وهي تخبر عمر بند..م
– انا بجد آسفة، لو كنت حصلك حاجة مكنتش هقدر أسامح نفسي نهائي، ولا قادرة أسامح نفسي دلوقت على شعور مامتك طول الليل.

ابتسم لها عمر قائلًا بهدوء
– ده عمل إنساني يا ياسمين، لو والدك مكاني كان عمل نفس الشيء.

نظر عمر لـ كمال ليكمل حديثه
– ولا ايه ؟
ثم أكمل حديثه الموجه لـ ياسمين
– المهم إنك بخير ،وانا دلوقت بقيت كويس، واحنا الاتنين طلعنا منها على خير، وصدقيني انا اللي لو مكنتش قدرت انقذك مكنتش هسامح نفسي والله، أنا عندي اخت قدك، ومتمناش ف يوم حاجة زي دي تحصل معاها، امسحي دموعك وقولي قدر الله وماشاء الله

ابتسمت ياسمين لحديثه وهي تمسح دموعها
– ربنا يحفظها لك، و ونعم بالله.

كمال بتساؤل
– انت كنت بتقدم على شغل ؟

حرك عمر رأسه بمعنى نعم، ليتسأل كمال
– انت خريج ايه ؟

– هندسة البرمجيات.

– تسافر دبي ؟ أنا بصفي كل حاجة هنا، هروح دبي أفتح شغل خاص بيا وهحتاج وجودك معايا فيه، قولت ايه ؟ وكل اللي هتحتاج هيكون موجود.

نظر عمر لحسن الذي دلف للتو واستمع لحديث كمال
– وافق يا صاحبي، واختك و والدتك ف عيوني هنا، وانت اكيد مش هتفضل متغرب كتير، وكل وقت هتيجي تطمن عليهم وترجع تاني.

كمال بتأييد لحديث حسن
– فكر يا عمر ورد عليا، انا ف انتظار ردك، بس صدقني الشغل هيعجبك، وكلوا ليه علاقة بمهنتك، وف وقت قليل هتقدر تعمل مبلغ خاص بيك تفتح حاجة ليك انت بمجالك، أو نكبر شغلنا سوى انا وانت ونعمل إسم ف السوق، برة مصر فكرة إنك تتحول لرجل أعمال ناجح الموضوع أسهل وأسرع من مصر، بيعتمد على الفلوس بس، ودي حسابها معايا.

طالعهم عمر بتفكير وكل شيء من ماضيه يتردد أمام عينيه، بكاء والدته بسبب كثرة المصاريف، ترك حبيبته لهُ، عدم قبوله بكل عمل يتقدم لهُ، شقيقته التي تكبر ويجب عليه أن يبدأ بتجهيزها، أغلق عينيه وهو يطرد كل شيء من خاطره، ليخرج صوته بجدية
– موافق

الفصل الرابع.

عادت من لوحات الماضي، لتتنهد بحزن من الحاضر، الحاضر المنعكس عن الماضي ليُشكل لوحة فنية باهتة لحياتها..

استلقت على الفراش وهي تستعد للدلوف لعالم أحلامها الذي لطالما حلمت به دائمًا أن يصبح واقعًا، ولكن يظل الخيال مهما مر عليه خيالًا لا يمس للواقع بِصلة.

بعد مرور أسبوع..
في صباح يوم جديد.

دلفت ياسمين لغرفة دينا لتدعوها لتناول طعام الإفطار معهم، ولكنها لم تجدها بالغرفة لتخرج مرة أخرى وتخبرها زينب بتذكر
– يوه يا بنتي دا انا نسيت خالص، دينا راحت الجامعة بتاعتها تخلص شوية ورق هناك وهتيجي.

اتجه القلق نحو قلب ياسمين قائلة
– طب قالتلي هتيجي امتى ؟ وهي نزلت امتى ؟

– هو فيه حاجة يا ياسمين ؟

نظرت ياسمين لعمر المتساؤل بأعين ضيقة، لتخبره ياسمين
– لأ بس أصلها قالتلي هتاخدني معاها.

شرع عمر بتناول الطعام قائلًا بهدوء
– طيب تعالي افطري ولو حابة تروحي حتة قوليلي واوديكِ مفيش مشكلة يا ياسمين.

جلست ياسمين بتوتر أمامه، ليتسأل عمر وهو يتناول طعامه بهدوء
– عايزة تروحي فين ؟

– هدوم، عايزة اشتري هدوم ليا، انت عارف إني كنت ف دبي واكترية الهدوم مينفعش ألبسها ف مصر، ف كنت عايزة أنزل أجيب.

انتهى عمر من تناول طعامه، لينهض من مكانه قائلًا
– تمام دينا هتيجي وتروحوا سوى، بدل ما تلفي لوحدك.

– عندك حق.

زينب بتساؤل وهي تخفي سعادتها برؤيتها لاقتراب عمر وياسمين من بعضهم وترسم بعض الأشياء بمخيلتها
– رايح فين يا عمر ؟ كمل اكلك يا حبيبي!

قبل عمر جبينها قائلًا
– حقك عليا يا ست الكل بس لازم امشي لأن حسن شاف المكتب والمكان والسعر كويسين ف خايف حد ياخده.

– ماشي يا حبيبي، ربنا معاك ويصلح حالك ويسر أمورك ويوقف ف طريقك ولاد الحلال يا رب.

ابتسم لها عمر واتجه ليفتح باب الشقة ليجد أمامه شيخ حارتهم يكاد أن يطرق الباب..

ابتسم عمر قائلًا بمحبة
– شيخ سلطان، ازيك يا شيخنا ؟

أشار لهُ للدلوف بعدما وضعت زينب حجابها، وياسمين مكانها ف هي ليست محجبة
– اتفضل يا شيخ ادخل.

دلف الشيخ سلطان للمنزل وجلس على الأريكة، قائلًا بجدية
– بص يا عمر، من غير كلام كتير يا ابني انت عارف انا بعز ابوك ازاي، ومعزتك عندي من مع معزت ابوك.

طالعه عمر بقلق، ثم اردف
– فيه ايه يا شيخ ؟ قلقتني!

– الكلام ف يومين يا ابني ملى الحارة كلها عن البنت اللي ساكنة معاكم ف الشقة، وإن يعني لامؤخذة.

أخفض الشيخ رأسه ليكمل حديثه
– بنت ف وسط شابين كبار ف سيرتها مش هتسلم وسط الناس وخصوصًا إننا ف حارة شعبية، وانت عارف اللي قال واللي زاد فيها بيبقى ايه ؟

كاد أن يتحدث عمر بغضب مما يقوله الشيخ، لتقاطعه زينب بحدة
– ومين قالك يا شيخ إنها وسط شابين غرب ؟ ياسمين تبقى مرات ابني! وإن كان على أنه قال لـ ام هشام إنها قريبة باباه، ف لسة هما مكتوب كتابهم وكان حابب يشهر ده لما يعملها فرح، واللي أم هشام قالته أنا مستحيل اسكت عليه ابدًا، دي بتخوض ف عرض وشرف ابني!

انت في الصفحة 6 من 14 صفحات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
8

أنت تستخدم إضافة Adblock

انت تستخدم اضافة حجب الاعلانات من فضلك تصفح الموقع من متصفح اخر من موبايلك حتي تقوم بتصفح الموقع بشكل كامل