
ننتقل إلي مدينة الشيخ زايد حيث الفلل والقصور و المنازل داخل وحدات سكنية، و بداخل الوحدة التي تشمل الفلل، تقع فيلا عائلة الشريف، رأفت الشريف رجل أعمال شهير وصاحب علامة تجارية مسجلة في مجال الملابس «Y& N» و ذلك أول حروف من أسماء ابنيه، نور و يوسف، فالأول يبلغ من العمر الثلاثة والثلاثون ربيعاً، متزوج من «كاميليا عبيد» التي درست معه في المرحلة الجامعية و جمع بينهما علاقة حب اكتملت بالزواج وانجبت الصغيرة الشقراء «تولين» ذات الثمانية أعوام.
بينما الثاني يوسف الذي يعيش عازب مُدلل، و السبب يعود إلي والدته السيدة منيرة، و التي تبلغ منتصف عقدها الخامس، كانت لا تدرك إنه قد أصبح رجلاً راشداً ولم يُعد الابن الصغير.
و في غرفة المائدة يتجمعون أفراد العائلة، و علي رأس الطاولة السيد رأفت يبتلع قطعة الخبز الفرنسي بعد أن قام بدهنها بقطعة زبدة
“لسه ما عرفتش حاجة عن اللي بيقلد البراند بتاعنا و بيوردوا للمحلات؟”
ألتفت إليه ابنه الأكبر نور وأخبره
“أنا بعت رجالة للمحلات دي و بيسألوا أصحابها عن المورد أو التاجر اللي بيشتروا منه البضاعة و علي بكرة بالكتير إن شاء الله هيكون عند حضرتك التقرير”
انتبه رأفت إلي ابنه الآخر يوسف حيث كان شارداً في صحنه وآثار النوم مازالت علي وجهه ذو البشرة الحنطية
“و أنت يا يوسف بيه، عملت إيه في موضوع الدعايات؟”
كان سؤال ساخر من والده مثل كل مرة،
ربتت الصغيرة تولين علي ذراع عمها وتخبره ببرائتها
“أونكل چو، كلم جدو”
انتبه إلي الصغيرة وكأنه استيقظ لتوه من غفوة، فسأل والده
“حضرتك كنت بتقول إيه؟”
ابتسم والده هازئاً
“هاتسمعني إزاي صح و أنت قاعد زي المساطيل، طبعاً كنت سهران لحد الفجر زي كل يوم و لا كأن ليك أهل عايشين معاك”
تدخلت منيرة لتوقف زوجها عن توبيخ ولدها المدلل
“براحة يا رأفت عليه، دي أول مرة يسهر من شهر و أنت من بعد ما شغلته معاكم و مطلع عينه في الشركة”
حدق إليها زوجها بنظرة نارية قابلتها بعدم اكتراث
“أهو دلعك الزايد ده ليه فسده، و أنا عمال أصلحه وأشيله المسئولية، ابنك يا هانم لسه تامم التلاتين سنة يعني المفروض كان متجوز و أب كمان”
وكأنه استيقظ لتوه فأجاب علي والده
“و أنا مش هيعيش زي ما حضرتك عايز، دي حياتي و أنا حر فيها”
نظر رأفت إلي زوجته يعاتبها بحدة
“سمعتي يا منيرة هانم؟”
تدخلت كاميليا لعلها تهدأ من الوضـ,ـع المشتعل
“معلش يا أونكل بالتأكيد يوسف ما يقصدش”
نهض يوسف وصاح بغضب
“لاء يا كاميليا أقصد، هو عايـ,ـزني نسخة مـ,ـن جـ,ـوزك نعـ,ـم حاضر و يبقي ماليش أي رأي و لا شخصية”
نظر إليه شقيقه نور و قال معاتباً
“شكراً يا يوسف”
خالجه الحرج الشديد لما قاله للتو فأبتعد عنهم بخطوات سـ,ـريعة، نهـ,ـضت والدته خلفه تناديه
“يوسف، يا يوسف”
توقف فاستدار إليها
“حضرتك عايزة تقوليلي حاجة أنتي كمان؟”
لكزته في عضده وتنهره
“أتلم أنا لو قلبت عليك زعلي وحـ,ـش أوي، أنا بنـ,ـادي عليك عـ,ـشان أقولك بعـ,ـد ما تخلص شغل عدي عليا في النادي تسلم علي طنط راندا و ماهي بنتها”
بدي علي وجهه الامتعاض والضيق
“ماما ياريت تخرجيني من جو أصحابك و بناتهم، خصوصاً راندا و بنتها”
“يا سلام مش دي ماهي اللي كنت هاتجنن عليها وارتبطوا ببعض سنة و بعدين سيبتها من غير سبب؟!”
“أديكي قولتي، كنت يعني فعل ماضي وانتهي، ما ارتحناش مع بعض هي دماغها تافهة و عايزة واحد أتفه منها، و أنا ماليش في الجو ده، ياريت بقي تقفلي علي الموضوع و ما تفتحيهوش تاني”
قد وصل غضبها إلي ذروته، حدقت إليه بنظرة نارية قائلة بوعيد
“براحتك، و لو وقعت في مشكلة تاني أنا مش هقف معاك و لا أحوش ما بينك و بين أبوك”
دنا منها وقام بتقبيل جبهتها فقال
“و أنا واثق و متأكد عمرك ما هاتعمليها، باي باي موني”
غادر وتركها تشعر بالحنق، فهي بالفعل السبب في عدم تحمله المسـ,ـئولية، و كم كرهت عتـ,ـاب زوجها و لومه الشديد لها، كما تري في عينيه الآن نظرة ساخرة فبادلته بعدم مبالاة وصعـ,ـدت إلـ,ـي الأعلى.
※ ※ ※